من الحرب الأهلية إلى إعادة الاحتلال من جديد
تعريف: إن السياسة الاسرائيلية الهادفة إلى تعزيز وتقوية حركة فتح لإسقاط حكومة حماس، قد تؤدي في نهاية الأمر إلى زيادة المسؤولية الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين ولإعادة احتلال الضفة والقطاع من جديد.
جوهر الإنذار والتحذير: منذ استلام حماس للسلطة في مطلع العام 2006 كانون الثاني/ يناير، والسياسة الأميركية والاسرائيلية تمارس الضغط على حكومة السلطة الفلسطينية في محاولة لتقوية القوى الفلسطينية المعتدلة، وبخاصة حركة فتح، بهدف إسقاط حكومة حماس.
يؤكد معهد ريئوت، بأن المحاولات الاسرائيلية للإطاحة بحكومة حماس عبر تقوية حركة فتح من الممكن أن تسبب تغيرات سياسية استراتيجية تؤدي إلى زيادة المسؤولية الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ولإعادة الاحتلال إلى المناطق الفلسطينية.
مقدمة: منذ أن فازت حركة حماس في انتخابات كانون الثاني/ يناير 2006، نشب صراع دائم بين حركتي فتح وحماس على قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية. ثم إن الفشل في تأليف حكومة إتحاد وطني، وفي إنهاء ووقف الحصار الاقتصادي المفروض على السلطة الفلسطينية قد أدى إلى هذا التصعيد الحالي. كما أن مسألة الاعتراف باسرائيل تعتبر لب وقلب الخلاف بين الجانبين.
على خلفية هذا الصراع بين الحركتين، حذر وزير خارجية حكومة حماس السيد محمود الزهار، من أن محاولات أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية لحل حكومة حماس سوف تؤدي إلى نشوب حرب أهلية.
هدف السياسة الاسرائيلية: الإطاحة بحكومة حماس
منذ تسلم حركة حماس لزمام السلطة واسرائيل تزيد من ضغوطها على حكومة السلطة الفلسطينية بهدف:
– سياسة المطالب الثلاثة: لقد وضعت اسرائيل ثلاثة شروط لإزالة الحصار الاقتصادي المفروض على حكومة السلطة الفلسطينية والتي من المفترض أن توافق عليها حركة حماس؛ الاعتراف بإسرائيل؛ الموافقة على الاتفاقات المعقودة مع السلطة سابقاً؛ ونبذ العنف.
– الاعتقالات والممارسات العسكرية: لقد قامت اسرائيل باعتقال وزراء ونواب يمثلون حركة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، إضافة إلى زيادة الضغط العسكري على حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إن سياسة الحصار المفروضة على حكومة السلطة الفلسطينية التي مارستها اسرائيل كانت تهدف إلى الضغط اقتصادياً، وسياسياً وشعبياً على حركة حماس لتوافق على الشروط الاسرائيلية الثلاثة، أو.. لتشجع القوى الفلسطينية المعتدلة للعمل على الإطاحة بحكومة حماس. إلا أن هذه السياسة الاسرائيلية هذه لم يحالفها النجاح للأسباب التالية:
– حماس لم تستسلم: إن اتفاقاً واضحاً وصريحاً من حرة حماس بالمطالب الاسرائيلية الثلاثة، يتناقض مع مبادئ وأفكار الحركة وبالتالي فإن قبولا من هذا النوع غير وارد.
– عدم توفر وسيلة دستورية لإسقاط حكومة حماس: بما أن حركة حماس تمتلك الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني، فإن ما من وسيلة دستورية أو طريقاً ممكنة قد تساعد حركة فتح على تشكيل حكومة بدون دعم حركة حماس. حتى لو فازت حركة فتح في الانتخابات المقبلة، إلا أنها ستبقى غير قادرة على تشكيل تحالف حكومي بدون حركة حماس.
في هذا السياق، ومع غياب وفقدان الطرق والوسائل الدستورية والسياسية لإسقاط حكومة حماس، يلوح في الأفق إشارات متزايدة تدل على أن قوىً فلسطينية، وحركة فتح بشكل خاص، تسعى لإسقاط حكومة حماس بالوسائل العسكرية.
علاوة على ذلك، فإن بعض الدلائل والمؤشرات تدل على أن اسرائيل والولايات المتحدة تساعد وتدعم حركة فتح في استعداداتها لأي صدام مسلح محتمل مع حركة حماس.
هل تخدم هذه السياسة المصالح الاسرائيلية؟
يبدو أن محاولات فتح للإطاحة بحكومة حماس تخدم المصالح الاسرائيلية، فالصدام سيكون مع حكومة حماس، وقد تنجح حركة فتح في تحويل السلطة الفلسطينية إلى المعسكر المناهض للإرهاب، وربما إلى شريك في العملية السياسية. ولكن ربما يكون لهذه السياسية الاسرائيلية الهادفة إلى تقوية حركة فتح نتائج أخرى وبالتالي فإنها سياسة ذات حدين:
– لن تستطيع حركة فتح تحقيق انتصاراً حاسماً: إن النمو المضطرد لقوة حركة حماس في قطاع غزة من خلال امتلاكها للأسلحة التي تهرب عبر الحدود المصرية، لن تمكن حركة فتح من تحقيق نصراً عسكرياً حاسماً على حركة حماس. على أبعد تقدير ستقع اشتباكات ومناوشات قد تؤدي في نهاية الأمر إلى نشوب حرب أهلية.
– خطر تفكك السلطة الفلسطينية: إن حكومة السلطة الفلسطينية الحالية شبه معطلة ومشلولة، وكنتيجة لهذا الواقع فإن الأصوات تتعالى من جمهور الفلسطينيين المطالبين بحل السلطة الفلسطينية. إن حرباً أهلية قد تكون القشة التي ستؤدي إلى حدوث ذلك.
– ازدياد المسؤولية الاسرائيلية: وفقاً للقانون الدولي فإن الضفة الغربية تعتبر تحت الاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي فإن مسؤولية قانونية تقع على عاتق اسرائيل منها تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين والسكان المحليين.
في الواقع إن الخدمات التي يقدمها المجتمع الدولي للسلطة الفلسطينية، قد خفف من المسؤولية الاسرائيلية تجاه السكان المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إلا أن حرباً أهلية قد تدفع بالمجتمع الدولي إلى ( الهرب) من مسؤولياته، كما قد يؤدي ذلك إلى إضعاف سيطرة وفعالية السلطة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية إلى درجة التفكك. مما قد يؤدي ذلك إلى إعادة سلطة ومسؤولية اسرائيل على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. علاوة على ذلك فإن انتصار حركة فتح في الصراع المسلح، سوف لن يؤدي إلى أي اختراق معين وربما قد يسبب المزيد من التصعيد:
– حركة فتح ليست بديلاً: تعاني حركة فتح من انقسامات حادة وأزمات داخلية عميقة. لذا فإن حركة فتح لا تبدو ولا تشكل بديلاً حقيقياً لحكومة حماس. إضافة إلى ذلك فإن نهوض حركة فتح واستلامها السلطة من خلال الدعم الاسرائيلي، سيحرمها الشرعية المطلوبة لتكون بديلا حقيقياً بالنسبة لاسرائيل.
– المطلوب حماس منضبطة أم غير منضبطة: من المرجح أن إسقاط حكومة حماس سيدفع بالحركة للعودة إلى ممارسة سياستها الإرهابية القديمة، كونها تحررت من الضوابط التي تفرضها المسؤوليات الحكومية التي تعيشها اليوم.
إن الخلاصة المستقاة من هذه الوثيقة، تفيد بأن السياسة التي تهدف إلى تقوية وتعزيز حركة فتح للقضاء على حماس قد تؤدي إلى تغيرات إستراتيجية في العلاقات الاسرائيلية- الفلسطينية وبالتالي إلى حل السلطة الفلسطينية وإعادة السيطرة الاسرائيلية على الأراضي المحتلة لتصبح غزة والضفة الغربية تحت المسؤولية الاسرائيلية.
أضف ردا