تقدير استراتيجي رقم (15) – تموز/ يوليو 2009.
ملخص التقدير: حصرت اتفاقية أوسلو مهمة السلطة الفلسطينية في السيطرة على سكان الضفة والقطاع، وحماية أمن الكيان. وألزمت خريطة الطريق رئاسة السلطة بمحاربة المقاومة وضرب بنيتها التحتية؛ مقابل وعد بـ”إمكانية قيام دولة فلسطينية”.
على هذه الخلفية، تشكل فريق التنسيق الأمني الأمريكي، الذي أدت خططه إلى حصول الانقسام الفلسطيني؛ سياسياً وجغرافياً.
وما تزال رئاسة السلطة وحكومة رام الله تصران على السير وفق خطط دايتون؛ حيث يجري اغتيال عشرات المقاومين واعتقال المئات منهم. إضافة إلى مباشرة تفكيك تشكيلات عدد من أجنحة المقاومة.
في ضوء ما تقدم، ينتظر مستقبل الساحة الفلسطينية أحد ثلاثة سيناريوهات. الأول: وقف الاعتقالات في ظل استمرار مهمة دايتون في الإشراف على عمل الأجهزة الأمنية والتنسيق بينها وبين قوات الاحتلال. الثاني: وقف التنسيق الأمني تمهيداً لموافقة حماس على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. الثالث، وهو الأرجح: استمرار عملية التنسيق الأمني وتكريس حالة الانقسام الجغرافي بين الضفة والقطاع.
مقدمة:
شكلت مواجهات قلقيلية، في 31/5/2009، بين الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة رام الله وعناصر من كتائب الشهيد عز الدين القسّام، مناسبة لإعادة طرح إشكالية التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال. وسلطت الضوء من جديد على تكوين هذه الأجهزة وعلى دورها في الضفة، وأجندة عملها؛ خصوصاً أنها ما تزال تتمادى في ملاحقة المقاومين من مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية، وتُمعن في تفكيك تشكيلات الأجنحة العسكرية، وتدمير بنيتها التحتية.
مع العلم بأن خريطة الطريق تلزم السلطة بفرض النظام في الضفة والقطاع، وحماية أمن الاحتلال؛ عبر تفكيك كافة الأجنحة العسكرية، ووقف ما أسمته العنف، كخطوات إلزامية على طريق “قيام دولة فلسطينية”.
خلفية تاريخية:
كان واضحاً منذ بداية مسيرة التسوية السلمية، بأن هدف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الأول هو قيام دولة فلسطينية مستقلة، بينما كان هدف “إسرائيل” الأساس هو التخلص من عبء إدارة سكان الضفة والقطاع مع الاحتفاظ بأكبر مساحة من الأرض، وحماية أمن “إسرائيل”.
على هذه الخلفية جرى التوقيع على اتفاقية أوسلو، حيث سمحت “إسرائيل”، للسلطة، بتشكيل أجهزة أمنية بعديد يبلغ نحو 3 آلاف عنصر. ثم زيد إلى 30 ألفاً بموجب أوسلو 2، ثم زيدت مرة أخرى حتى وصل تعدادها قبيل انتفاضة الأقصى إلى ما يقارب 40 ألفاً.
إلاّ أن فشل كامب ديفيد في تموز/ يوليو 2000، في حسم قضايا المرحلة النهائية ورسم حدود الدولة الفلسطينية وتحديد موعد الإعلان عنها، أدى إلى انطلاق انتفاضة الأقصى؛ التي شجعها رئيس السلطة ياسر عرفات سراً فيما بعد. حيث كانت الأجهزة الأمنية، خلال تلك الفترة، تحت إمرته؛ وكان يصر على بقائها ضمن صلاحياته المباشرة؛ باعتبارها مصدراً أساسياً للقوة والسلطة.
ثم ظهرت خريطة الطريق سنة 2003، واشترطت على الجانب الفلسطيني ضرورة إحداث تغيير في القيادة الفلسطينية، واستحداث منصب رئيس الوزراء؛ يكون الجهة المسؤولة عن الأجهزة الأمنية؛ لكي يتمكن من تنفيذ الالتزامات الأمنية المطلوبة من السلطة بموجب الخريطة ذاتها.
وعلى الخلفية نفسها، وفي آذار/ مارس 2005 جرى الاتفاق بين رئيس السلطة محمود عباس وإدارة بوش وحكومة شارون، على تشكيل فريق التنسيق الأمني الأمريكي؛ مهمته تدريب وتجهيز قوات الأمن الفلسطينية، والإشراف على عملية التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة.
الموقف الإسرائيلي:
تعاملت حكومة الاحتلال في الملف الأمني بموجب رؤيتها لدور السلطة في عملية التسوية. لذلك، فقد جاء رد رئيس الحكومة الإسرائيلية شارون على انتفاضة الأقصى، من خلال شن حملة تدمير واسعة طالت معظم مقرات السلطة ومؤسساتها. وفي نهاية شهر آذار/ مارس 2002، شنت قوات الاحتلال عملية السور الواقي، التي أدت إلى إعادة احتلال كافة مدن الضفة، في تعبير عن قرار “إسرائيل” إسقاط اتفاق أوسلو، وتقويض دعائم السلطة؛ عقوبة لها على تقصيرها في مهمة حفظ الأمن وفق المعايير الإسرائيلية.
وحتى عندما ظهرت خريطة الطريق سنة 2003؛ تدخلت “إسرائيل” في صياغة مضامينها قبل الإعلان عنها، ووضعت عليها 14 تحفظاً بعده، واشترطت على إدارة بوش مراعاة تحفظاتها مقابل موافقة الحكومة على الخطة! حيث تمحورت هذه التحفظات حول وجوب ضرب المقاومة، وحماية أمن “إسرائيل”، قبل أي خطوة سياسية.
وبالرغم من قيام عباس بعدة خطوات في المجال الأمني، إلاّ أن حكومة الاحتلال لم تكن راضية عن تلك الإنجازات؛ واعتبرتها دون المستوى المطلوب، وأعلنت “عدم وجود شريك” فلسطيني للسلام. وبناءً على ذلك، بلور شارون خطة الفصل الأحادي الجانب كتعبير عملي عن تنصله من عملية السلام بموجب خريطة الطريق؛ التي يفترض أن توصل إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية.
وفي الوقت نفسه انضمت الحكومة الإسرائيلية إلى الاتفاق الذي أدى إلى إنشاء فريق التنسيق الأمني في آذار/ مارس 2005. ولم يكتف الاحتلال بوصف الغاية المرجوة من عمل الفريق، وإنما اشترط ضرورة إطلاعه أولاً بأولٍ على برامج عمل الفريق وضرورة موافقته على كافة إجراءاته وخطواته. ما يعني بأن الحكومة الإسرائيلية قد احتفظت لنفسها بموقع المراقب، الذي يضع علامات تقييم أداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
على هذا الأساس، نقلت بعض المصادر الإعلامية بأن الحكومة الإسرائيلية أنّبت دايتون وفريقه على فشلهم، بعد قيام حماس بالحسم في القطاع منتصف سنة 2007. وفي نهاية سنة 2008 أشاد عدد من مسؤولي وزارة الحرب الإسرائيلية بأداء عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية على دورهم في التنسيق مع قوات الاحتلال وملاحقة المقاومين؛ حيث نقلت مصادر صهيونية عنهم قولهم: إن تطوير قوات الأمن الفلسطينية الجديدة خطوة حقيقية باتجاه محاربة حركتي حماس والجهاد. ولم يمنعهم ذلك، من توجيه تحذير إلى الأجهزة نفسها، بالقول: ولكن إذا فشلت هذه القوات بالاقتحامات الليلية لاعتقال نشطاء الحركتين، فلن يكون للاستقرار في المنطقة أثر حقيقي؟.
موقف السلطة:
منذ بداية توليه رئاسة السلطة الفلسطينية، شرع محمود عباس في تنفيذ البنود الأمنية لخطة خريطة الطريق، فأبرم اتفاق القاهرة مع فصائل المقاومة في آذار/ مارس 2005، توصل خلاله إلى إعلان تهدئة فلسطينية من جانب واحد؛ أملاً منه في أن يلقى ذلك رضاً إسرائيلياً؛ ولكن من غير جدوى.
وفي الوقت نفسه، وبالرغم من عدم إعارة الجانب الإسرائيلي الاهتمام لأي من خطوات عباس، استمرت السلطة في التعاون مع فريق التنسيق الأمني؛ على مستوى إصلاح الأجهزة الأمنية ودمجها، وإعادة إطلاق عملية التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال.
ولمجرد ظهور نتائج انتخابات المجلس التشريعي في كانون الثاني/ يناير 2006، بدأ عباس في عملية استعادة مسؤولية الأجهزة الأمنية إلى الرئاسة، بعد أن كان قد أحالها إلى وزير الداخلية ومجلس الوزراء؛ في إشارة واضحة إلى مدى حرصه على الإمساك بالأداة الأمنية كحاجة ضرورية من أجل ضمان استمرار مسيرة التسوية مع الإسرائيليين.
وعندما شكلت حماس حكومتها العاشرة، وقادت حكومة الوحدة الوطنية الحادي عشرة، كان لأطراف متنفذة في فتح والسلطة أدوار في استخدام الأجهزة الأمنية كأداة للفلتان الأمني ونشر الفوضى، بشكل يهدف إلى إرباك “حكومة حماس” وصولاً إلى إسقاطها. وهو الأمر الذي تطور لاحقاً إلى رد الفعل الذي قامت به حماس من خلال الحسم في 14/6/2007، ومن ثم الانقسام بين الضفة والقطاع.
وبالرغم مما تقدم، استمر رئيس السلطة في تنفيذ “التزاماته” الأمنية بموجب خريطة الطريق، إنما هذه المرة على ساحة الضفة الغربية. حيث كلف عباس سلام فياض، بعد يوم واحد من حصول الحسم، بتشكيل “حكومة طوارئ”، وبدأ بإصدار سلسلة مراسيم كان منها المرسوم الذي صدر في 26/6/2007، الذي أعلن بموجبه حل كافة ما أسماها ” المليشيات المسلحة”، قاصداً بذلك فصائل المقاومة. وانطلقت حكومة فياض في ملاحقة المقاومين، ومباشرة تفكيك تشكيلات المقاومة، ونزع أسلحتها، حتى أن الحكومة في رام الله اعتبرت حيازة الأسلحة مخالفة يحاكم عليها القانون.
دور دايتون:
بدأ الجنرال دايتون من حيث تنتهي أنظار الفلسطينيين والأردنيين، قائلاً لهم: إذا كان لا بد من دولة فلسطينية فثمة عمل جاد بانتظارنا؛ على الحدود، وعلى إدارة المعابر. ثم هناك أيضاً غزة، وتشكيلات حماس المسلحة، التي تشكل تحدياً ضخماً لمستقبل الدولة الفلسطينية.
باختصار، هذه الغاية التي جاء الجنرال الأمريكي من أجل تحقيقها، بحسب تعبيره. وهذه هي الوظيفة المطلوب من الفريقين المخاطبين مساعدته لإنجازها، هذا إذا رغبا بالحصول على وعد بتحقيق الحلم الفلسطيني، وجعل الأردنيين ينامون من غير “أحلام مزعجة”، تأتيهم من غربي النهر.
وكترجمة للسياسات العامة المتفق عليها، أوضح دايتون بأن فريقه يعمل بالشراكة مع الفلسطينيين والأردنيين والإسرائيليين، خلال سنة ونصف، بشكل ذي صلة وثيقة بعنوان “السلام عبر الأمن”، ليدلل على أن عمله هذا يمثل برنامجاً إقليمياً، تشترك فيه كافة الجهات المعنية.
وبالفعل، فقد جرت عملية إعادة صياغة العقيدة الأمنية لدى عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومن جملة ما كانت تُعبئ به وزارة الداخلية عناصرها، التوجيه القائل: لم تأتوا إلى هنا لتتعلموا كيف تقاتلون “إسرائيل”. وهكذا، استمرت عملية التعبئة حتى أشاد بها دايتون نفسه بقوله: لقد تولدت ثقة لدى عناصر الأجهزة الأمنية بأنهم يبنون دولتهم.
في ظل هذه الوقائع، اختفت مظاهر العداء والصدامات بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقوات الاحتلال، وحتى مع المستوطنين، وتبدل الأمر لتحل مكانه مظاهر الثقة والتعاون. وقد أشارت التقارير وتصريحات عدد من كبار ضباط الاحتلال بأنه يجري التنسيق ببين الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ لمواجهة التظاهرات، وملاحقة المقاومين، الذين أسموهم “الإرهابيين”، وكشف بنية المقاومة التحتية، وتدميرها.
وفي المقابل، جرى اعتماد سياسة التشدد مع أجنحة المقاومة الفلسطينية “العصابات المسلحة”، وتفكيك التشكيلات العسكرية “المليشيات”. وقد أشار دايتون إلى أن حوالي 1,600 من أبناء هذه القوة الجديدة، من الذين حضروا دورات تدريب تمولها الولايات المتحدة في الأردن، قادوا الحملات الأمنية في مدن الضفة، واعتقلوا المئات من أبناء حماس والجهاد وفصائل المقاومة. وتابع قائلاً: تم ذلك على مستوى تنسيقي واسع المدى بينهم وبين الإسرائيليين.
لعله، على هذه الخلفية يجري استخدام عنصر التفجير الأمني كلما اقتربت مفاوضات فتح وحماس من الوصول إلى تفاهمات مشتركة، أو الاقتراب من إعادة ترتيب البيت الفلسطيني. غير أن أحد أسوأ مظاهر التفجير الأمني في الضفة هو اعتقال المئات وتعذيبهم وإهانتهم، حتى وصل الأمر أحياناً إلى القتل تحت التعذيب، كما حدث مع الشيخ مجد البرغوثي في 22/2/2008.
واتسع نطاق التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة وجيش الاحتلال؛ ففي حين كانت الأجهزة تقوم بضبط المتظاهرين في الضفة وتشتغل في منع الاضطرابات، التي تحركت بسبب العدوان والحصار على غزة 2008/2009. تعاونت شبكة من عناصر الأجهزة الأمنية، مع الاحتلال الصهيوني أثناء العدوان على غزة؛ من خلال أعمال تخريب وقتل، وزعزعة الأمن، إضافة إلى رصد وكشف ومتابعة تحركات المقاومة والأجهزة الأمنية قي القطاع. كشفت عن ذلك وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية في غزة في 28/2/2009، حيث أعلنت بأن هذه العناصر تابعة لرئاسة السلطة في رام الله.
بعد تشكيل حكومة نتنياهو، وبالرغم من تواتر الحديث عن عدم توفر إمكانية لاستئناف المفاوضات السياسية بين السلطة والاحتلال، صرح دايتون بما يفيد استمراره في تنفيذ برنامجه الأمني حيث قال: لدينا الآن خطط لتجهيز ثلاث فرق أخرى في الأردن، أي ما يعادل 15 ألفاً من قوات الأمن الوطني، وإقامة قاعدتي عمليات. وأضاف: لدينا خطط لتدريب القادة بما في ذلك المستوى المتوسط من الضباط. وقد كشف مسؤولون من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في 28/3/2009 بأن كبار مسؤولي الأمن الوقائي وصلوا إلى العاصمة البريطانية لندن للمشاركة، على ما يبدو، في دورات واجتماعات وترتيبات أمنية.
السيناريوهات المحتملة:
في ظل تكرار عباس مناداته بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، من خلال موافقة حماس على ذلك، من جهة. في مقابل استمرار أداء دايتون على وتيرته الراهنة، من جهة ثانية. فإن عملية التنسيق الأمني من المتوقع أن تتجه نحو أحد الاحتمالات التالية:
1. وقف الاعتقالات، مع استمرار عملية بناء الأجهزة الأمنية والتنسيق المعلوماتي مع الاحتلال؛ وذلك عبر فريق التنسيق الأمني الأمريكي. وهذا الاحتمال يجعل عباس كمثل الذي يمسك العصا من الوسط. فهو، من ناحية، يظهر وكأنه بدأ يستجيب لشروط المصالحة الفلسطينية. ومن ناحية ثانية، لم يتراجع عن التزاماته في أنابوليس وخريطة الطريق.
من الممكن، في ضوء ذلك، أن يجري تضخيم “الاختلاف” الحاصل بين بعض الضباط الأمنيين في الضفة، ودايتون؛ على خلفية تصريحات الأخير في معهد واشنطن؛ الذي تحدث فيها بشكل “أحرج السلطة أمام شعبها”.
إلاّ أن حرص عباس على عدم فقدان “الزخم” الدولي عموماً، والأمريكي خصوصاً، في دعم موقف السلطة تجاه “التعنت” الإسرائيلي، يجعله يستبعد مثل هذا التكتيك في المرحلة الراهنة.
2. وقف التنسيق الأمني، تمهيداً لموافقة حركة حماس على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في كانون الثاني/ يناير 2010؛ وفق دعوة محمود عباس. تأمل حماس، خلال هذه الفترة، إعادة ترتيب صفوفها في الضفة، بما يمكنها من تكريس شرعية المقاومة على المستوى الوطني.
ولكن بالنسبة للرئاسة الفلسطينية وقيادة السلطة في رام الله، فيبدو أن الاستحقاقات الأمنية ومسار التسوية مقدم على استحقاقات ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام. ولذلك، فإن المطلوب لدى السلطة من أية توافقات فلسطينية داخلية ألاّ تضر بمصداقية السلطة الأمنية والسياسية لدى الجانبيين الأمريكي والإسرائيلي.
وعلى ذلك، ففي الظرف الراهن سيظل العامل الأمني المحكوم بالمعايير الأمريكية – الإسرائيلية عاملاً مهيمناً حتى لو انعكس ذلك سلباً على مسار المصالحة الوطنية.
3. استمرار التنسيق الأمني، الذي يعدُّ التزاماً سياسياً لمحمود عباس مع شركائه في التسوية السلمية (الأمريكيين والإسرائيليين). في حين ترى حكومة رام الله بأن نجاحها في الامتحان الأمني؛ هو بمثابة بوليصة التأمين ضد الإفلاس.
يعزز فرص هذا السيناريو، استمرار الأجهزة الأمنية في الضفة في عملية الاعتقالات السياسية، بالرغم من تعثر المصالحة الوطنية بسببها. إضافة إلى إقرار الإدارة الأمريكية خطة فريق التنسيق الأمني لغاية سنة 2012، وإجازة الكونجرس استمرار دايتون في مهمته لعامين آخرين؛ كإشارة على الرضا عن أدائه، والرغبة في “الاستثمار” بالضفة من خلال “السلام عبر الأمن”.
المقترحات:
– تقديم الأولوية الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني على أية اشتراطات أو ارتهانات خارجية. وإعطاء عملية ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام أولوية على ما سواه من البرامج.
– العودة إلى حكومة الوحدة الوطنية باعتبارها تبنت برنامجاً سياسياً يضمن “حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال”.
– اعتبار أن الالتزام في تنفيذ “خريطة الطريق والتحفظات الإسرائيلية عليها” هما سبب الفلتان الأمني، والانقسام الفلسطيني، والعمل على ضرب بنية المقاومة.
– إن تقرير المصير، و”إقامة دولة فلسطينية مستقلة” من الحقوق المكتسبة التي لا يمكن مقايضتها بأمن الاحتلال، أو التخلي عن الوحدة الوطنية ثمناً لها.
– الوحدة والمقاومة؛ هما مقومان أساسيان لحماية الحقوق الوطنية. لذلك، يجب عدم الارتهان إلى الوعود الأمريكية التي لم تثبت مصداقيتها؛ خصوصاً فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني. أو تلبية المطالب الإسرائيلية، التي لا تنتهي؛ وتكون دائماً على حساب حقوق الفلسطينيين وثوابتهم الوطنية.
* كتب مسودة هذا التقدير مشكوراً الأستاذ معين مناع، الباحث في مركز الزيتونة.
أضف ردا