عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الأسبوع الماضي مؤتمراً بعنوان “إسرائيل والقانون الدولي”، حضره نحو 130 من الخبراء والأكاديميين المختصين في القانون الدولي والمهتمين بالشأن الفلسطيني، من نحو 20 بلداً عربياً وأجنبياً، وذلك في فندق كراون بلازا في بيروت.
وناقش المؤتمر الذي انعقد على مدي يومي 4 و5/11/2009 نحو 20 ورقة عمل متخصصة، توزعت على ست جلسات، سعى من خلالها إلى تحقيق جملة من الأهداف، أهمها: تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، والإسهام في رفع مستوى الوعي بالقانون الدولي بما يخدم القضية الفلسطينية، والإسهام في دراسة الوسائل العملية لمحاكمة إسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي، وتوفير مظلة للأكاديميين والقانونيين المتخصصين للّقاء وتبادل الخبرات في هذا المجال.
وقد اختتم المؤتمر بإصدار بيان أكد دعم المشاركين للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ومن بينها حقه في العودة وفي تقرير المصير، وحقه في المقاومة المسلحة. ودعا البيان إلى إنشاء مؤسسة أو مؤسسات دولية قانونية متخصصة، تتولّى الملاحقة القضائية للممارسات الإسرائيلية، |
وإلى تشكيل وحدات متابعة قانونية متخصصة، تقوم بتسجيل الممارسات الإسرائيلية وفق أسس علمية وقانونية منضبطة، بحيث يمكن البناء عليها في عمليات الملاحقة القانونية فيما بعد.
الافتتاح
افتتح اليوم الأول من المؤتمر بكلمة ترحيبية لمدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات د. محسن محمد صالح، أشار فيها إلى وجود ضعف في استخدام القانون الدولي في خدمة القضية الفلسطينية والدفاع عنها.
ثم كانت كلمة المؤتمر الرئيسية للبروفسور جون دوجارد، الذي رأى أن عدم اتخاذ أي خطوة في مواجهة انتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي يجعل الحل القائم على إنشاء دولتين أمراً مستحيلاً، وسيترتب على الغرب أن يصبح في مواجهة بديل واحد ممكن، وهو دولة واحدة ذات أغلبية فلسطينية. وحينها سوف يكون لزاماً على الغرب أن يقرر ما إذا كان يريد دعم حلّ قيام دولة فصل عنصري يكون لليهود الأقلية سلطة على الأكثرية الفلسطينية، أو الإصرار على حكم الأكثرية في دولة ديموقراطية. كما أن الرأي العام في الدول العربية سوف يقوى ويتجذر أكثر، وحكومات الدول “المعتدلة” سوف تزول ليحل محلها أنظمة أكثر راديكالية، أما العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي فسوف تتراجع أكثر نتيجة لما يُرى من دعم غربي لـ”إسرائيل”.
وطرح دوغارد في كلمته سؤالاً مفاده “كيف نصنف إسرائيل؟”، وأجاب عنه بالقول إنها أولاً دولة خارجة عن القانون، حيث أن “ما تنفذه من سياسات يجعلها في مصافّ الدول المستعمرة في عالم جعل الاستعمار أمراً خارجاً عن القانون”. |
وهي ثانياً “تشبه إلى حدّ كبير” نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، “بل تتخطاه”، وفق وصف دوغارد. وهي ثالثاً “دولة ذات سجل إجرامي”، حيث أن دولة تمارس الاستعمار والفصل العنصري، ومسؤولة عن العديد من جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية “يجب النظر إليها على أنها دولة مجرمة”.
الجلسة الأولى
تناولت أولى جلسات المؤتمر موضوع “تهجير الفلسطينيين وحقهم في العودة والتعويض في ضوء القانون الدولي”، وأدراها الدكتور سلمان أبو ستة، وقُدمت خلالها ثلاث أوراق عمل. الورقة الأولى كانت بعنوان “تهجير الفلسطينيين عن أراضيهم سنة 1948″، وأكدت فيها الدكتورة نجوى جساوي أن القضية الفلسطينية ولاسيما حقوق الشعب الفلسطيني تجد لها أساسا متيناً في القانون الدولي العام، ولا علاقة لتكريسها لا بسيادة أية دولة ولا بالمفاوضات ولا بالاتفاقات التي تنجم عن هذه المفاوضات، إذ لا يستطيع المسار السياسي لهذه القضية أن يسقط أو يزيل الحقوق القانونية المعترف بها.
ثم كانت ورقة عمل للدكتور شفيق المصري بعنوان “حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة”، قدم فيها تعريفاً قانونياً لحق العودة، ثم تحدث عن الطبيعة القانونية للقرار 194، وتحدث عن العلاقة بين حق العودة والحق في تقرير المصير. بعدها قدم شرحاً وافياً للمعوقات الداخلية والدولية التي تواجه حق العودة. |
أما الورقة الثالثة فكانت للدكتور عمار ملحم، وجاءت بعنوان “حق اللاجئين في التعويض”، ودعا فيها إلى إنشاء “قوة قانونية” تتبلور من خلال إنشاء مركز قانوني يتم تمويله كمشروع متكامل ينبثق عنه مكتب محاماة دولي وجامعة ومركز أبحاث ومكتبة قـانونية، وحينها فقط يمكن أن تصبح المطالب الفلسطينية بالدولة المستقلة والعودة والتعويض قابلة للتحقق.
الجلسة الثانية
الجلسة الثانية كانت بعنوان “إجراءات الضم والتهويد الإسرائيلية في ضوء القانون الدولي”، وأدارها الدكتور مجدي حماد، وفيها قدم الدكتور عبد الرحمن محمد علي ورقة عمل بعنوان “الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفقاً لمعاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية” فأكد أن الاستيطان قد أصبح جريمة حرب وفق ميثاق روما المتعلق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك الاختصاص القانوني لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين إلا إذا تم إحالتها من قبل دولة مصدقة على النظام الأساسي، أو من قبل مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من اتفاقية الأمم المتحدة، أو إذا كان المدعي العام للمحكمة الجنائية قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بهذه الجرائم على أرض دولة طرف في نظام روما الأساسي. وخلص إلى القول إن تصديق سورية ولبنان في الوقت الحاضر هو الوسيلة الوحيدة لإعطاء المدعي العام الوسيلة القانونية للبدء في التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في منطقة الشرق الأوسط.
ثم تحدث الدكتور عبد الله الأشعل في ورقته عن موقف إسرائيل من قضية القدس، ونبه إلى غياب الاهتمام القانوني لعربي بوضع غربي القدس المحتل منذ سنة 1948، وشرح كيف أن “الفقه القانوني” الإسرائيلي لم يستطع أن يبرر قانونياً كيف تعتبر إسرائيل شرق القدس أرضاً إسرائيلية، بينما هي وفقاً للشرعية الدولية أراضٍ أجنبية محتلة، وأكد أن أداة وجودها في القدس الشرقية هو استخدام القوة غير الشرعية. |
ثم قدم الدكتور أنيس قاسم ورقة بعنوان “الجدار العازل في الضفة الغربية والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية” فقدم توصيفاً للجدار، ثم تحدث عن الأخطار القريبة والبعيدة المدى لهذا الجدار وأهمها حمل الفلسطيني على الرحيل، وتمكين الحركة الصهيونية من إكمال السيطرة على فلسطين التاريخية قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من التوسع. وأكد أن رأي المحكمة الدولية الذي قرر عدم شرعية الجدار ودعا إلى إزالته يشكل أداة تفعيل لمواجهة الأخطار المترتبة على بناء الجدار، وأن كل ما يحتاجه التفعيل هو قرار سياسي.
الجلسة الثالثة
الجلسة الثالثة جاءت تحت عنوان “انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة في ضوء القانون الدولي”، وأدارتها الدكتورة نهلة الشهال، وقدمت فيها ورقة من قبل البروفسور إيان سكوبي تحت عنوان “الممارسات الإسرائيلية في ضوء حظر العنصرية”، رأى فيها أنه على ضوء الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام، فإن “مجلس أبحاث العلوم الإنسانية” قد توصل إلى نتيجة مفادها أن إسرائيل تنتهك معظم بنود اتفاقية حظر العنصرية، وأنه فيما يتعلق بالقانون الدولي، فإن إسرائيل تدير نظام فصل عنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ثم قدم الدكتور كيرتس دوبلر، الخبير الأمريكي وأستاذ القانون في جامعة النجاح في نابلس، ورقة بعنوان “حقوق الأطفال والنساء في الضفة الغربية وقطاع غزة”، عرض فيها لطريقة تعامل إسرائيل مع الأطفال والنساء الفلسطينيين في الضفة والقطاع، والانتهاكات الخطيرة والواسعة للحقوق الأساسية لهاتين الفئتين من المجتمع الفلسطيني. كما قدم شرحاً لما يوفره القانون الدولي من حقوق لهؤلاء الناس والأطفال وكيف يمكن تطبيق هذا القانون.
بعدها تحدث الدكتور السيد أبو الخير عن انتهاك إسرائيل لحقوق الأسرى في الضفة الغربية وقطاع غزة في ضوء القانون الدولي، ورأى أنه على الرغم من أن القانون الدولي يوفر آليات قانونية لحماية السجناء الفلسطينيين من هذه الانتهاكات، فإن السلطة الفلسطينية اعتمدت على الجهود السياسية والدبلوماسية الأقل فعالية.
الجلسة الرابعة
أولى جلسات اليوم الثاني كانت بعنوان “سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية للفلسطينيين في ضوء القانون الدولي”، وأدارها الدكتور عدنان السيد حسين، وفيها قدم الدكتور محمود المبارك ورقة عمل بعنوان “الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة”، فتناول مشروعية الحصار الإسرائيلي على غزة من وجهة نظر قانونية دولية، بعيداً عن الجوانب السياسية؛ فقال إن القانون الدولي الحالي – ممثلاً في ميثاق الأمم المتحدة، والمعاهدات الدولية المبرمة بين الدول- فصَّل الحالات التي يجوز فيها اللجوء إلى الانتقام غير العسكري، وهذه الحالات يجب ألا تشمل أي إجراء يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي كحالة الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، لأنه يتنافى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكونه يحرم أناساً أبرياء من حقوقهم الفطرية كحق الحياة. وتبعاً لذلك، فإن أي محاولة لتبرير الحصار الإسرائيلي على غزة من باب الانتقام غير العسكري مرفوضة بالكامل، وتتناقض مع روح ونصوص القانون الدولي.
ثم تحدث الدكتور عبد الحسين شعبان عن سياسة هدم المنازل ومصادرة وتجريف الأراضي الفلسطينية، فأكد أن كل التغييرات والمصادرات والمستوطنات التي أقامتها إسرائيل هي جرائم جنائية دولية للمحكمة الحق في تداولها وملاحقة القائمين على تنفيذها، وبناء على ذلك أيضا، يعتبر كل مستوطن إسرائيلي في المناطق الفلسطينية متعاوناً على تنفيذ الجريمة، وبالتالي للمحكمة حق تداول أمره ومحاكمته واعتقاله، ولهذا السبب لا يمكن استبعاد قيام المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة قيادات المستوطنين وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين فيما يتعلق بالنقاط المذكورة، وهو أمر يحتاج إلى متابعته ومعرفة آليته القانونية الدولية على نحو دقيق، فضلاً عن مساعدة المجتمع المدني، الذي بإمكانه أن يلعب دوراً مهماً على هذا الصعيد.
ثم كانت ورقة الدكتور حسن جوني التي جاءت بعنوان “الجرائم الإسرائيلية جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان سنة 2006 وفقاً للقانون الدولي”، فقال إن العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006 لا يختلف كثيراً عن العدوان على غزة 2008/2009، فكلاهما ترافق مع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وكلاهما انطوى على جرائم حرب لم تميز في ضحيتها خاصة في استهدافها للمدنيين والممتلكات المدنية. |
الجلسة الخامسة
حملت الجلسة الخامسة للمؤتمر عنوان “انتهاك إسرائيل لقوانين الحرب في ضوء القانون الدولي”، وأدارها الدكتور باسم عبد الله عالم، وتحدثت فيها الأستاذة الدكتورة فيرا جولاند دباس من سويسرا عن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية والقانون الدولي، فشددت على أن أن سياسة الاستهداف بالاغتيال التي تنتهجها إسرائيل لا يمكن اعتبارها سوى حرماناً اعتباطياً لحق الحياة لكل من الأشخاص المستهدفين، والأبرياء الذين يقعون خطأً نتيجة هذا الاستهداف.
ثم قدم الأستاذ الدكتور بول دي فارت من هولندا ورقة عن جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة وفقاً لمعاهدة روما المؤسسة لمحكمة لاهاي، قال فيها إن التقارير التي قدمتها لجان التحقيق المختلفة بخصوص ما جرى في غزة فيها أدلة وفيرة على ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب بحسب تعريف تلك المعاهدة، وشدد على أن أهمية تدخل المحكمة الجنائية الدولية تتوقف عند مدى تعاون الدول الأعضاء في الجامعة العربية، والمنظمات غير الحكومية في فلسطين وإسرائيل والمناطق الأخرى، وبذلهم كافة الجهود الممكنة في مجال تقديم ملفات الأدلة التي تثبت تورط أناس محددين في ارتكاب جرائم حرب، عندها فقط، سيصبح بإمكان المحكمة الدولية ممارسة سلطتها القضائية لصالح تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط.
بعد ذلك تحدث المستشار حسن أحمد عمر عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال حسب القانون الدولي، موضحاً أن المناضلين الفلسطينيين من مدنيين وعسكريين، يحتمون تحت مظلة اتفاقيات أحكام جنيف الرابعة، وتحت مظلمة كافت القرارات والإعلانات والاتفاقيات الأممية. |
وتحدث في الجلسة أيضاً المحامي راجي الصوراني، عن دور المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان داخل الأراضي المحتلة في التوثيق القانوني للجرائم الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وانتهاكاتهم للقوانين والمواثيق الدولية، ومتابعة نشاط محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بفلسطين والجرائم الإسرائيلية.
الجلسة السادسة
ثم كانت الجلسة السادسة التي أدارها الدكتور صلاح الدين دباغ، وفيها قدم الدكتور حقار أحمد ورقة بعنوان “المسؤولية الدولية إزاء انتهاك إسرائيل للقانون الدولي”، قال فيها إن إسرائيل وضعت المجتمع الدولي في موضع حرج شديد وجردته من المصداقية إزاء هذا الوضع الذي لم يشهد له مثيل في التاريخ، ومن أسباب هذا الأمر غياب الجدية والاستعداد للتضحية من أجل نصرة الشعب الفلسطيني من قبل المجتمع الدولي.
ثم قدم الدكتور محمد المجذوب ورقة بعنوان “إمكانية محاكمة إسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي”، قال فيها إن مجال صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية لا يزال محدوداً وقيد الاستكشاف، خاصة في مجال الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي فإنها ليست الخيار الأمثل؛ |
إذ توجد خيارات أخرى ممكنة كالمحاكم الدولية الخاصة المؤقتة، وأجهزة الأمم المتحدة، ومتابعة تطبيق المواثيق والمعاهدات العالمية.
كما هناك المحاكم الوطنية ذات الاختصاص القضائي العالمي، أي في الدول التي تأخذ بمبدأ الولاية القضائية العالمية، وهي المحاكم التي يقترح الباحث اللجوء إليها لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ويرى أنها الأكثر فعالية من بين الخيارات الحالية المتاحة.
وفي الورقة الأخيرة من أوراق المؤتمر تحدث الدكتور هيثم مناع عن دور المنظمات الحقوقية في ملاحقة إسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي، وأكد فيها أن موضوع الملاحقات القانونية الدولية لا يحتمل حكومة ولا تحتمله حكومة، وأن النضال النزيه والشفاف والمستقل وحده قادر على أن يحاسب ويرفع رأسه في وسط معادٍ عضوياً. هذا النضال يسعى لإدخال غزة في نسيج التاريخ الجنائي المعاصر كما دخلت نورمبرغ، وبهذا الدخول، يصبح بوسع كل مظلوم في أقاصي الدنيا أن يطالب بالاقتصاص ممن ارتكب جريمة جسيمة بحقه.
البيان الختامي
وفي الختام أصدر المشاركون في المؤتمر بياناً تضمن مجموعة من المواقف والتوصيات، أعلنوا فيه دعمهم “بشكل لا لبس فيه حق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته، وحقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على كامل ترابه الوطني”.
كما أكدوا أن تهجير “إسرائيل” للفلسطينيين خارج أرضهم، أو منعهم من العودة إليها، هي “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مشددين على “حقّ فلسطينيي الشتات واللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي أُخرجوا منها”، وفي “التعويض نتيجة الأضرار التي لحقت بهم، دون أن يلغي ذلك حقهم في العودة”.
وأضاف البيان أن المؤتمر “تداول باهتمام الممارسات الإسرائيلية تجاه القدس”، وأكد على أن “ضم إسرائيل للقدس مخالف للقانون الدولي”، داعياً إلى تفعيل القانون الدولي لوضع حد نهائي لعمليات تهويد القدس، وتهجير المقدسيين، ومحاولات السيطرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية وتعريضها للخطر، وعمليات تزوير التاريخ وسرقة الآثار، التي وصفها بأنها كلها “جرائم لا ينبغي أن تمر دون عقاب”.
وأجمع المشاركون على أن “المستعمرات الإسرائيلية التي تبنى على الأراضي الفلسطينية هي مستعمرات غير شرعية ويجب تفكيكها، سواء اعتبرتها السلطات الإسرائيلية رسمية أم لا. كما يجب تعويض الفلسطينيين عن أية أضرار لحقت بهم نتيجة مصادرة أراضيهم وتدمير بيوتهم وبناء المستوطنات”. |
كما أكدوا على أن “جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل في الضفة الغربية، مخالف للقانون الدولي وتجب إزالته، كما يجب تفعيل فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة في تموز/ يوليو 2004 بشأن الجدار”.
وأوضح البيان أن المؤتمر ناقش كذلك “جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في حروبها الماضية مروراً بالحرب على لبنان، والحرب الأخيرة على قطاع غزة. ولاحظ الوعي المتزايد في الأوساط القانونية المحبة للعدالة بضرورة محاسبة إسرائيل وقادتها الضالعين في الجرائم على ما يرتكبونه”، منبهاً إلى “العناصر الإيجابية في تقرير جولدستون، والتقارير الأخرى (بما في ذلك تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق التي شكلتها الجامعة العربية) وإمكانية استثمار ذلك في الملاحقات القانونية المحتملة على مستوى دولي”، مع التشديد على “ضرورة إيجاد آليات مستمرة وفعالة للمتابعة والمحاسبة القضائية”.
وأكد البيان أنّ “الحصار الذي تمارسه إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني هو حصارٌ ظالمٌ وانتهاك خطير للقانون الدولي وحقوق الإنسان”، داعياً المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي “للضغط على إسرائيل لفكّ الحصار وفتح المعابر” والحكومة المصريّة “للمسارعة إلى فتح معبر رفح، وإفشال الحصار ضد قطاع غزة”.
كما شدد المشاركون على “حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه ومقدساته بكافة الطرق المشروعة بما في ذلك حقه في المقاومة المسلحة”، مؤكدين أن “هذا الحق هو حق طبيعي متوافق مع كافة الشرائع والقوانين الدولية”.
ودعا المشاركون الدول العربيّة والجهات الرسميّة الأخرى إلى “اتخاذ مواقف حازمة نحو التعقّب القانوني والقضائي لإسرائيل ومحاسبتها على جرائمها، بتفعيل الآليات القانونية المتوفّرة في الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية … وغيرها”، مطالبين الحكومات العربية “بوقف التطبيع مع إسرائيل، ورفع أي غطاء قانوني عن عمليات التطبيع”.
كما دعوا إلى “إنشاء مؤسسة أو مؤسسات دولية قانونية متخصصة، وفق أسس مهنية علمية محترفة، تتولّى الملاحقة القضائية للممارسات الإسرائيلية”، وإلى “التعريف بموقف القانون الدولي من الممارسات الإسرائيلية، والتعريف بذلك في المقررات الدراسية والجامعية والبحثية والإعلام”، مطالبين الجهات الحكومية والشعبية المعنية بـ “تشكيل وحدات متابعة قانونية متخصصة، تقوم بتسجيل الممارسات الإسرائيلية وفق أسس علمية وقانونية منضبطة، بحيث يمكن البناء عليها في عمليات الملاحقة القانونية فيما بعد”.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 11/11/2009
أضف ردا