توقع مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت الدكتور محسن محمد صالح، أن يرفع نجاح صفقة التبادل الأخيرة بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من أسهم ورصيد حركة المقاومة الإسلامية حماس لدى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني المحتل والخارج.
واعتبر صالح أن نجاح صفقة التبادل سيغدو عنصرًا فاعلًا في الضغط على الأطراف الفلسطينية في الوصول إلى مصالحة وطنية شاملة وإنهاء ملف الانقسام السياسي، فيما استبعد أن تؤسس الصفقة لبناء علاقات دولية جديدة.
وأشار صالح في حوار أجرته معه “فلسطين” عبر الهاتف، إلى أن الصفقة أفقدت الإسرائيليين أحد المبررات الرئيسية لاستمرار الحصار، فيما سيكون نجاح تجربة التبادل، أحد الأدوات التي تلجأ إليها الفصائل لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ورأى أن صفقة التبادل رفعت من أسهم حركة حماس وزادت من مصداقيتها في الساحة الفلسطينية، وأثبتت أن صمودها على الحصار والمعاناة فترة طويلة، أتى أكله في النهاية، وفرض الإرادة الفلسطينية على الإرادة الإسرائيلية في عملية صراع الإرادات التي استمرت أكثر من خمس سنوات هي عمر المفاوضات حول الجندي شاليط.
وأضاف إن حركة حماس قد حققت “نتائج باهرة” تمثلت في إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين وعلى وجه الخصوص 315 من أصحاب أحكام المؤبدات، وهو الإنجاز الأول من نوعه في الساحة الفلسطينية، والذي وضعها موضع تقدير في أعين الشعب الفلسطيني، وفي الساحة العربية وحتى الدولية.
ولفت إلى أن المؤشرات الدالة على ذلك حجم المشاركة الشعبية في استقبال الأسرى، والاحتفالات الخاصة بهم، وخاصة أمام شمول الصفقة لكافة الفصائل الفلسطينية، وللمناطق المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل ووصولًا للجولان السوري.
وتوقع صالح أن تغدو الصفقة نقطة رابحة لحركة “حماس” في حال إجراء انتخابات برلمانية في الضفة الغربية وقطاع غزة في حال أجريت في أجواء حرة، وبعيدًا عن هيمنة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقال: “طوال السنوات الماضية لم تهتز شعبية حركة حماس بشكل كبير، ولكن أي فصيل يتعرض لظروف بين الفترة والأخرى، وله شعبية ثابتة، ومتغيرة في نفس الوقت ترجع في ظل ظروف سياسية كالمقاومة وصفقة التبادل”.
المصالحة الوطنية
وحول تأثير صفقة التبادل على المصالحة الوطنية، أشار صالح إلى أن “تأثيرًا كبيرًا بشكل أو بآخر” لصفقة التبادل اتجاه تفعيل عملية المصالحة، وإنهاء ملف الانقسام السياسي المستمر منذ خمس سنوات متواصلة والذي ألقى بظلاله على كافة مناحي الحياة”.
ولفت إلى أن الصفقة من شأنها أن تحدث ضغطًا على الطرف المتلكئ لتنفيذ المصالحة، مبينًا أن أهم الأسباب السابقة المعيقة لتنفيذ المصالحة تكمن في عدم وجود اتفاق على تنفيذ الآليات المتفق عليها على الأرض من دون معيقات.
وأشار ضمن حديثه إلى أن النقاش الطويل حول اسم رئيس الوزراء وتعيينه، والخلفيات السياسية والأيدلوجية، والتي يؤمن طرف فيها بالمفاوضات وطريق التسوية، وآخر بطريق المقاومة، لعب دورًا آخر في إعاقة تنفيذ المصالحة، فيما كان عدم اعتراف “حماس” بـ(إسرائيل) وشروط الرباعية لاعبا آخر لذلك.
علاقات دولية جديدة
وعن إمكانية بناء صفقة تبادل الأسرى بالجندي شاليط جسرا بين حركة “حماس” والدول الغربية، قال صالح: “إن الصفقة أزالت حاجزًا ولكنها ليست كافية لبناء علاقات دولية جديدة وخاصة مع الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية كالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي”.
وأرجع أسباب ذلك إلى وجود مصالح مشتركة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ونهج حركة “حماس الثابت والتي تقود الحكومة في قطاع غزة من بعض القضايا التي ترغب تلك الأطراف في نزعها كالاعتراف بـ(إسرائيل)، واتفاقيات التسوية، والاتفاقات الدولية.
وعلى الجانب العربي رأى صالح أن الصفقة من شأنها أن تريح التعامل بين الدول العربية وحركة “حماس”، وأن تعزز من العلاقات المتبادلة، مشيرًا إلى أن مواقف بعض الدول العربية بدأ يتزحزح اتجاه بناء جسور مع الحركة وخاصة بعد ثورات الربيع العربي.
وفي قراءة سريعة للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وارتباطه بصفقة التبادل، قال صالح: “إن صفقة شاليط أفقدت الإسرائيليين أحد المبررات الرئيسية للحصار في الوقت السابق، بسبب تحججها بوجود الجندي شاليط في قطاع غزة”.
وذكر أن صفقة التبادل أيضا ستخلق حالة من الحرج في صفوف المنظومة الدولية والتي كانت تؤيد وتشارك في الحصار المفروض على قطاع غزة، وقال: “الآن تسير الأمور عكس ذلك، وكل روايتها لم يعد لها أي مبرر، والإطار الخارجي سيدفع لفك الحصار ولكن من دون بعض الأطراف كالولايات المتحدة الأمريكية”.
وتعقيبًا على دعوات الفصائل الفلسطينية لأسر جنود إسرائيليين جدد، أكد صالح أن حدوث ذلك الأمر شيء وارد، وخصوصًا بأن دولة الاحتلال لا تعرف غير لغة القوة لإطلاق سراح الأسرى من سجونها.
ولفت إلى أن ما يزيد عن خمسمائة أسير فلسطيني يقضي أحكامًا مؤبدة، فيما نجحت الصفقة في إطلاق 300 أسير تقريبا، وهو وفق الدكتور صالح سيكون سببًا في الولوج إلى نفس الطريق الذي سلكته حركة “حماس” عام 2006، وقال: “يصعب فعلًا إطلاق سراح هؤلاء الأسرى إلا بعملية تبادل جديدة”.
وتابع: “من الناحية النظرية يمكن أن يكون الاختطاف أحد الأدوات التي تلجأ إليها الفصائل، أما من الناحية العملية وضمن الظروف الموضوعية الموجودة ليس من السهل تنفيذ عملية أسر لأي جندي اسرائيلي خصوصا في ظل أجواء الضفة الغربية التي يعرفها الجميع، وظروف الدمار والحصار والمعاناة التي شهدها قطاع غزة والذي يحتاج إلى أن يتنفس لفترة من الوقت”.
موقع فلسطين أون لاين، 23/10/2011
أضف ردا