أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت تقريره الاستراتيجي الفلسطيني لسنة 2010، والذي يعالج كافة الجوانب المتعلقة بالقضية الفلسطينية وتطوراتها خلال السنة المذكورة، ويقدم نظرة استشرافية لمساراتها المتوقعة خلال سنة 2011. ويعدّ التقرير الاستراتيجي الفلسطيني، من أهم الدراسات العلمية التي تصدر بشكل سنوي دوري عن مركز الزيتونة، وهو غني جداً بالمعلومات والتحليلات والجداول والرسوم البيانية، فضلاً عن الرؤى الاستراتيجية والاستشراف المستقبلي للأحداث، وهو يصدر للسنة السادسة على التوالي. كما أنه أصبح مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني؛ نظراً لشمولية تغطيته لتطورات القضية الفلسطينية على مدار عام كامل، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية. |
وجاء تقرير هذه السنة في 408 صفحات من القطع المتوسط. وقد شارك في كتابته 15 باحثاً متخصصاً في الشأن الفلسطيني، وأشرف على مراجعته أربعة مستشارين، وقام بتحريره د. محسن محمد صالح.
ويخلص التقرير إلى أن الثورات التي يشهدها العالم العربي منذ مطلع سنة 2011، وخصوصاً الثورة المصرية، ستحمل تأثيراً مباشراً على مسار القضية الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، مرجحاً أن تكون هذه التأثيرات إيجابية بشكل عام، وخصوصاً إذا ما استكملت هذه الثورات أهدافها وتمكنت من إفراز أنظمة سياسية جديدة تعبّر عن الإرادة السياسية الحقيقية للشعوب العربية. ولكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن الشأن الداخلي سيكون، على الأرجح، هو الشاغل الأساسي للدول العربية خلال الفترة المقبلة.
أما بشأن المصالحة الفلسطينية، فينبه التقرير إلى أن اتفاق المصالحة الذي وُقّع في القاهرة في أيار/ مايو الماضي ما زال يحتاج إلى مزيد من الخطوات الجادة لإنهاء الانقسام فعلياً، واستكمال تحقيق المصالحة على الأرض، وخصوصاً في ظل وجود معوقات وعقبات كثيرة ما زالت بحاجة إلى الحل، من خلال التعاون الحقيقي بين كافة الأطراف، بعيداً عن التدخلات والضغوط الخارجية.
وعلى الصعيد الإسرائيلي، يذكر التقرير أن سنة 2010 سجّلت استمرار جنوح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف بصورة عامة، مستبعداً إمكانية أن يشهد مسار المفاوضات أية اختراقات جدية خلال سنة 2011، وخصوصاً في ظل رفض “إسرائيل” التفاوض مع الرئيس محمود عباس بعد توقيعه اتفاق المصالحة مع حركة حماس، ومضي السلطة الفلسطينية في مشروعها الرامي للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية بحلول أيلول/ سبتمبر 2011.
وفي الشأن الدولي، يقول التقرير إن الجهود الدبلوماسية الدولية تجاه القضية الفلسطينية فشلت مجدداً في سنة 2010، حيث لم تحقق أي تقدم يذكر على صعيد دفع عجلة مسار التسوية، إضافة إلى موضوع إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.
كما يتضمن التقرير مجموعة كبيرة من الأرقام والإحصاءات حول الانتهاكات الإسرائيلية على مختلف الصعد، مشيراً إلى استشهاد 98 فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين في قطاع غزة والضفة (ومن ضمنها القدس) في سنة 2010، وجرح نحو 967 فلسطينياً ومتضامناً دولياً. وفي المقابل سجل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي مقتل تسعة إسرائيليين في سنة 2010 نتيجة عمليات نفذها فلسطينيون، كما جرح نحو 28 إسرائيلياً.
وفي موضوع الاستيطان، يبين التقرير أن إسرائيل قامت خلال سنة 2010 ببناء 1819 بناية ومسكن تضم 7276 وحدة سكنية في 133 مستوطنة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس. وذلك على الرغم من التجميد الإسرائيلي المُعلن في أواخر سنة 2009 لمدة عشرة شهور.
كما يلفت التقرير الانتباه إلى أن سنة 2010 شهدت تزايد الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس خصوصاً، وفي فلسطين التاريخية عموماً، وأكدت التطورات خلال تلك السنة أن معركة تهويد القدس باتت المعركة الأولى بالنسبة لـ”إسرائيل”، بالتزامن مع تزايد سيطرة هاجس “يهودية الدولة” على فكر الدولة الصهيونية.
وفي المؤشرات السكانية، يذكر التقرير أن عدد الفلسطينيين في العالم بلغ في نهاية سنة 2010 حوالي 11.14 مليون نسمة، أكثر من نصفهم، أي 5.75 مليون نسمة (51.6%) يعيشون في الشتات. والباقي، أي 5.39 مليون نسمة (48.4%) يقيمون في فلسطين التاريخية، ويتوزعون إلى حوالي 1.28 مليون نسمة في الأراضي المحتلة سنة 1948، وحوالي 4.11 مليون نسمة في أراضي سنة 1967.
ويشير إلى أنه في حال بقيت معدلات النمو السائدة حالياً لكل من الفلسطينيين واليهود، فإن عدد السكان الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية سيتساوى خلال سنة 2017؛ حيث سيبلغ عدد كل من اليهود والفلسطينيين ما يقارب 6.53 مليون تقريباً. وستصبح نسبة السكان اليهود حوالي 49.2% فقط من السكان وذلك في سنة 2020، حيث سيصل عددهم إلى 6.87 مليون يهودي مقابل 7.09 مليون فلسطيني.
وفي المؤشرات الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يذكر التقرير أن سنة 2010 لم تحمل جديداً على صعيد تغيير الوضع القائم من ناحية تبعية الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع للاقتصاد الإسرائيلي بشكل مباشر، وعزله عن العالم الخارجي العربي والدولي من خلال سيطرة الاحتلال على كافة المنافذ الدولية والمعابر الحدودية الفلسطينية، إضافة إلى تركز العلاقة التجارية الخارجية مع “إسرائيل”.
كما يشير إلى الفارق الهائل بين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الضفة والقطاع من جهة، والإسرائيليين من جهة أخرى. حيث بلغ معدّل دخل الفرد في سنة 2010 حوالي 1500 دولار في الضفة والقطاع (حوالي 1925 دولار في الضفة، مقارنة بحوالي 877 دولاراً في القطاع)، في مقابل 28500 دولار في “إسرائيل”. كما بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي حوالي 5.73 مليار دولار سنة 2010 بالنسبة للفلسطينيين، مقابل 217.13 مليار دولار في “إسرائيل”.
وتجدر الإشارة إلى أن مركز الزيتونة كان قد أعلن نتائج التقرير في شهر أيار/ مايو الماضي، من خلال إطلاق الملخص التنفيذي للتقرير.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 23/6/2011
>> احصل على كتاب “التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنة 2010”:
|
أضف ردا