مدة القراءة: 10 دقائق

بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين والسياسيين الدوليين، المركز يباشر فعاليات اليوم الأول من مؤتمر الحرب على غزة: التداعيات وآفاق المستقبل

باشر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان صباح اليوم الموافق 23 فبراير 2013، فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الذي ينظمه على مدار يومين تحت عنوان: الحرب على غزة: التداعيات وآفاق المستقبل، وذلك بالتعاون مع كل من: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تيدا للأبحاث، ومركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية.يعقد المؤتمر بحضور عدد من الخبراء والباحثين والسياسيين الدوليين بالإضافة إلى بعض الديبلوماسيين وممثلي المجتمع المدني المحلي.
يسعى المؤتمر إلى تحقيق جملة من الأهداف أبرزها: تقييم الآثار والانعكاسات السياسية والقانونية للعدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة في نوفمبر 2012، مناقشة الآثار بعيدة المدى للحرب على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في قطاع غزة، تسليط الضوء على على دور الإعلام المجتمعي خلال العدوان، تحليل الآثارالمباشرة وغير المباشرة للحرب على علاقات حركة حماس في الداخل والخارج، مناقشة الجوانب العسكرية للعدوان وانعكاساتها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والخروج باستنتاجات وتوصيات من شأنها المساهمة في توجيه استراتيجيات مشروع التحرير الوطني الفلسطيني.

بدأت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر والتي تتضمن ثلاث جلسات متتالية، بجلسة افتتاحية تحدث خلالها أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر وهم: أ. عمر شعبان، د. إياد السراج، د. باسم نعيم، وأ. راجي الصوراني. أكد أعضاء اللجنة خلال كلماتهم على أهمية هذا المؤتمر الذي تداعت لعقده أربع مؤسسات فلسطينية لمناقشة عدد من المحاور الرئيسية وهي: الحرب من المنظور الفلسطيني والإقليمي، الحرب من المنظور الغربي، الحرب من المنظور القانوني والدولي، الحرب من منظور عسكري وأمني، الحرب في الإعلام العربي والدولي، والحرب من المنظورين الاجتماعي والاقتصادي.

ناقشت الجلسة الأولى من جلسات اليوم الاول للمؤتمر الحرب على غزة من المنظور الفلسطيني والإقليمي، وترأسها د. عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن. تحدث خلال الجلسة كل من: أ. جواد الحمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، د. محمود الزهار القيادي في حركة حماس، د. وليد محمد علي مدير مركز باحث في بيروت. ففي مداخلته، تحدث أ. جواد الحمد حول الدور الإقليمي السياسي في تحقيق شروط المقاومة حيث أوضح أن الحاضنة الإقليمية هي شرط لازم لنجاح المقاومة الفلسطينية. واستعرض الحمد الدور التاريخي لهذه الحاضنة خلال السنوات الأولى التي تلت حرب عام 1967، وما تلا ذلك من تحولات في الموقف العربي، مشيراً على نحو خاص لدور كل من إيران، تركيا ومؤخراً مصر، في دعم المقاومة وتشكيل حاضنة إقليمية لها.
بدوره تحدث د. وليد محمد علي موضحاً في بداية مداخلته أن المشروع الصهيوني استهدف فلسطين كقاعدة ارتكاز لمشروعه في مواجهة الأمة العربية فهو لا يهدف للسيطرة على فلسطين فحسب بل على الأمة العربية برمتها ليبقي عليها ضعيفة، مفككة، وأرضاً للنهب. وأشار علي إلى ما أسماه بالثالوث المعادي معدداً أجزاءه الثلاثة وهي: التخلف، التجزئة، وتهويد فلسطين، حيث أكد أن هذا الثالوث يسند بعضه بعضاً للإبقاء على الأمة العربية أمة فاشلة يسهل السيطرة عليها، وأن المخرج الوحيد هو المشروع التحرري الفلسطيني كجزء من مشروع أوسع على مستوى المنطقة العربية الإسلامية.
من ناحيته، بدأ د. محمود الزهار القيادي في حركة حماس، بالإشارة إلى نظرية الأمن القومي الصهيوني التي تعتمد عليها إسرائيل عند شنها لحروبها حيث عدد سبع نقاط أساسية تبني إسرائيل نظريتها على أساسها موضحاً أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من معادلة هذه النظرية عبر مواجهة هذه النقاط بقوة توازي قوتها لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما أشار الزهار أيضاً إلى الغايات المختلفة التي حققتها انتصارات الاحتلال الإسرائيلي في حروبه السابقة مبيناً كيف عرقلت المقاومة الفلسطينية مسألة تحقيق هذه الغايات خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ومشدداً على ضرورة العمل على تطوير وسائل الدفاع عن النفس بكل الوسائل المشروعة ليس فقط لردع أي عدوان بل لاسترداد الحقوق المشروعة لشعب عانى ولا زال من العدوان الإسرائيلي.

أما الجلسة الثانية من جلسات اليوم الأول من المؤتمر والتي ترأسها أ. عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، فقد ناقشت محور الحرب من المنظور السياسي الأوروبي والإقليمي. تحدث خلال الجلسة كل من: د. محمد إبراهيم حبيشةالباحث في الشؤون الإسرائيلية، د. رينيه ولدانجل مدير إحدى المؤسسات الألمانية في فلسطين، ود. عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن.
وفي مداخلته، تحدث د. رينيه ولدانجل حول صورة الحرب على غزة في أوروبا وتحديداً في ألمانيا حيث أوضح أن السياسات الأوروبية تتغير والمواقف المساندة لإسرائيل بشكل مطلق أيضاً تتغير وذلك بسبب السياسات الرسمية الإسرائيلية التي تتجه لليمين أي التطرف، مشيراً إلى أن الحرب الاخيرة على قطاع غزة حازت على اهتمام الإعلام الألماني وحظيت بتغطية واسعة على صفحات الصحف، كما تم نقاش تداعيات هذه الحرب وتفاصيلها من قبل أبرز خمسة أحزاب ألمانية أي أن غزة لم تعد غائبة عن الساحة الألمانية كما كانت سابقاً. وأكد ولدانجل على أن غزة هي مكان يستحق الفرص وأن هناك مسئوليات منوطة بأوروبا وألمانيا وبالمجتمع الدولي برمته لرفع الحصار عن غزة ووضع حد لمعاناة سكانها وجعلها مكاناً قابلاً للعيش.
من ناحيته، تحدث أ. عزام التميمي معدداً الادعاءات التي تسوقها إسرائيل كمسببات لشن حربها على قطاع غزة وهي: تزايد الحاجة لتحجيم حركة حماس بعد صفقة التبادل الاخيرة، تدفق السلاح إلى قطاع غزة، قصور حماس وعدم مقدرتها على ضبط الاوضاع في غزة، والادعاء المتعلق بقيام حماس بعمليات بأسماء مستعارة أو دون أن تتبناها. ونقل التميمي خلال كلمته ما يتم تداوله بين السياسيين الإسرائيليين بصدد ضرورة استثمار نتائج التهدئة سياسياً للانتقال لمرحلة أخرى لحل ما بات يسمى مشكلة غزة كخصم معادي لإسرائيل وكمصدر تهديد لأمن إسرائيل، عدا عن كونها تجمعاً بشرياً هائلاً يعاني جراء العقوبات المفروضة عليه، مؤكداً على ضرورة أن يدرس الطرف الفلسطيني البدائل المتاحة،المقبولة من قبل المقاومين، في ظل عدم القبول بشروط الرباعية.
بدوره، تحدث د. محمد إبراهيم حبيشة الباحث في الشؤون الإسرائيلية حول رؤية إسرائيل للحرب الاخيرة على قطاع غزة حيث أكد أن ما جرى خلال عدوان نوفمبر 2012، لم يكن بمعزل عما جرى خلال عدوان 2008 – 2009، مستعرضاً نتائج الدراسة التي أجراها مركز الأمن القومي الإسرائيلي والتي لخصت أهداف إسرائيل من وراء شن الحرب على غزة في هدفين اثنين هما: ردع حركة حماس، وتقليل أعداد الصواريخ الملقاة من غزة على البلدات الإسرائيلية. كما استعرض أيضاً الرؤية التي قدمتها صحيفة إسرائيل اليوم والتي تحدثت خلالها عن مقدرة حماس على امتصاص الضربة الأولى ومنع إسرائيل من تنفيذ باقي مخططاتها. وشدد حبيشة على أهمية العمل على تطوير المنظومة الدفاعية للمقاومة الفلسطينية، واستثمار الانتصار بما يضمن إعادة تنظيم منظمة التحرير الفلسطينية وتحقيق المصالحة.

وخلال الجلسة الثالثة التي ناقشت محور الحرب من منظور القانون الدولي وأدارها المحامي راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، تحدث كل من: ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، محمود المبارك الخبير في القانون الدولي، وديزموند تيرافيرس الخبير العسكري. ففي مداخلته عبر تقنية الفيديو كونفرنس أكد ريتشارد فولك على أهمية ثلاث حقائق وهي: ضرورة أن يهتم القانون الدولي بتقييم كل مجالات ونواحي الصراع الفلسطيني، أن شعب غزة كان وبشكل مستمر ضحية للاعتداءات الإسرائيلية، والحصانة التي تتمتع بها إسرائيل والتي تمكنها من تنفيذ سياساتها. وتحدث فولك عن علاقة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة والذي تم تنفيذه في نوفمبر 2012، بالقانون الدولي مفنداً الادعاءات الإسرائيلية التي سيقت لتبرير الهجوم على شعب يعاني جراء العقاب الجماعي المنفذ بحقه حيث لم تكن العملية الإسرائيلية دفاعية كما انها استهدفت المدنيين والمنازل والمنشات الاقتصادية والتعليمية في انتهاك صريح وفاضح لحقوق الإنسان.
بدوره، تحدث د. محمود المبارك مشيراً إلى أن إسرائيل اقترفت قبل عدوانها الأخير على قطاع غزة العديد من الجرائم بحق سكانه في مقدمتها الحصار المتواصل منذ سنوات رغم آثاره وتداعياته الكارثية على حقوق السكان المدنيين، ثم جاء العدوان وخلاله تم اقتراف العديد من جرائم الحرب التي لا يختلف رجال القانون في تحديدها أو تصنيفها.وأوضح المبارك أن تبرير إسرائيل لعدوانها على غزة اعتمد على محورين هما: أن قطاع غزة لم يعد أرض محتلة وأنه كيان معادي، وأنها تمارس حق الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي، مضيفاً أن هذان المبرران هما عبارة عن تضليل، فمئات القرارات الأممية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن تؤكد أن الأرض الفلسطينية التي تم احتلالها في العام 1967 هي أراضي محتلة وتنطبق عليها اتفاقيات جنيف.
من ناحيته، تحدث ديزموند تيرافيرس معدداً المراحل المختلفة التي مرت بها العملية العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد قطاع غزة في 2008 – 2009، مشيراً إلى أن العملية شكلت بالمحصلة النهائية شكلاً من أشكال العقاب الجماعي لسكان قطاع غزة.
ولخص ديزموند في مداخلته دراسة أعدها بهدف معرفة ما إذا كان استمرار الحصار له آثار بعيدة المدى على الحياة في قطاع غزة، حيث أشار إلى أن عملية الرصاص المصبوب أثرت على المنطقة العازلة، القطاع الزراعي، البنية التحتية، وقطاع الصناعة، مستعرضاً أشكال الانتهاكات المنفذة في المنطقة العازلة وكيف أن هذه الاعتداءات براً وبحراً تحرم السكان المدنيين من العديد من حقوقهم وتشكل خطراً كبيراً على حياتهم، عدا عن أنها تلتهم ثلتي المناطق الزراعية في القطاع، و84% من الموارد السمكية.
هذا وقد تخلل جلسات اليوم الأول من المؤتمر العديد من المداخلات التي ساهمت في إثراء النقاش بين كل من جمهور الحضور والمتداخلين من خبراء وباحثين.

جدير بالذكر أن أعمال المؤتمر ستتواصل يوم غد حيث سيتم عقد ثلاث جلسات تناقش الحرب من منظور عسكري وأمني، الحرب في الإعلام العربي والدولي، والحرب من المنظور الاقتصادي والاجتماعي. وستختتم فعاليات المؤتمر بالحفل الختامي والتوصيات.

المصدر: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، 23 /2013/2


عقده بالتعاون مع مركز الزيتونة للدراسات وتيدا للأبحاث ومركز بال ثينك، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يواصل فعاليات مؤتمر الحرب على غزة: التداعيات وآفاق المستقبل

واصل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وكل من مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تيدا للأبحاث، ومركز بال ثينك للدراسات الإستراتيجية، اليوم الموافق 24 فبراير 2013، فعاليات مؤتمر “الحرب على غزة: التداعيات وآفاق المستقبل”، في يومه الثاني والأخير بعقد ثلاث جلسات متتالية، وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء الدوليين، وحضور جمع من الأكاديميين، الإعلاميين، ممثلي منظمات المجتمع المدنين والمهتمين.

بدأت فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر بجلسة أولى ناقشت الحرب على غزة من منظور عسكري وأمني. أدار الجلسة د. إبراهيم حبيب الباحث المختص في شؤون الأمن القومي وتحدث خلالها كل من: أ. محمد جمعة الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. إياد الدجني المحاضر في الجامعة الإسلامية والباحث في مركز رؤى، د. عدنان أبو عامر عميد كلية الآداب فيجامعة الأمة، أ. حسين حمودة المفكر الأمني العربي وأحد ثوار 25 يناير، ود. يزيد صايغ الباحث الرئيسي في مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط.
ففي مداخلته تحدث أ. محمد جمعة حيث أكد على أن الجزء الأكثر أهمية في أية خطة لعملية عسكرية تتمثل في تعريف العملية وتحديد الهدف منها ثم تحديد الوسيلة المتبعة لتنفيذ الهدف، موضحاً أنه وعلى هذا الأساس تعددت الفروقات بين ثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية بارزة وهي: السور الواقي، الرصاص المصبوب، وعمود السحاب، فقد صمتت كل عملية بشكل يضمن تحقيق القدر الأكبر من أهدافها. وأشار جمعة إلى أن الذهنية الإسرائيلية ليس فيها توجيه أية ضربة عسكرية من شأنها أن تحدث واقعاً يصطدم مع التصور الإسرائيلي لمستقبل غزة فلا يمكن الحديث عن عمل عسكري يفضي لواقع يترتب عنه العودة لما كانت عليه الأوضاع قبل العام 2005.
بدوره، تحدث د. إياد الدجني في مداخلته حول الكيفية التي أدارت بها المقاومة الفلسطينية الحرب الأخيرة على قطاع غزة. وعدد الدجني أربعة محاور استندت عليها المقاومة وهي: العمل وفق الدروس المستفادة من حرب عام 2008 – 2009، التطورات الميدانية، الإدارة العسكرية للمعركة، والإدارة الأمنية للحرب. وخلص الدجني في مداخلته إلى أن الحرب الأخيرة على غزة سجلت انتصاراً حقيقياً وتفوقاً للمقاومة كما سجلت نصراً معنوياً للشعب الفلسطيني.
من ناحيته، تحدث د. عدنان أبو عامر حيث أكد في بداية مداخلته على أن السلوك العسكري الإسرائيلي مرتبط بالأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، فإسرائيل لا ترى أنه من الضروري إسقاط حماس لكن من الضروري تقليص قدراتها واستنفاذ المقاومة وقواها. وأوضح أبو عامر أن إسرائيل سعت منذ البداية إلى تطبيق نظرية التهدئة مقابل الغذاء، بمعنى أن تتوفر لغزة تهدئة أمنية طويلة المدى نسبياً مقابل تخفيف الحصار المفروض على غزة شكلياً أو جوهرياً، مؤكداً على أن كلا الطرفين في غزة وتل أبيب يخططان لكسب أكبر وقت ممكن لصالح الإعداد لمعركة عسكرية قادمة لا محالة.
بدوره، تحدث أ. حسين حمودة حول الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية معلناً براءته من الدور المصري في عهد الرئيس حسني مبارك، ومبدياً تحفظه على بعض الأساليب التي يتم من خلالها التعامل مع الأزمات في عهد الحكومة المصرية الحالية. وعدد حمودة جملة من التحديات والمشاكل التي تنتظر الأمة العربية والفلسطينيين تحديداً خلال المرحلة القادمة وهي: رغبة الإدارة الأمريكية في إنهاء الصراع بأقل قدر ممكن من الخسائر الإسرائيلية، الحاجة لتطوير القوة الدفاعية الفلسطينية، حاجة أطر المقاومة إلى الاستعانة بمراكز البحوث ودراساتها، الحاجة إلى تعزيز مفهوم الأمن الإنساني للأمة العربي كلها عبر التحرر من الخوف والتحرر من العوز.
من ناحيته، تساءل د. يزيد صايغ في بداية مداخلته عما إذا كانت المعادلة السياسية التي كانت تحكم العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية قد انقلبت، وعما إذا كان هناك في المسار العسكري الأمني لحركة حماس وقوى المقاومة في قطاع غزة ما من شأنه أن يقلب المعادلة. وأشار صايغ إلى أن البديل العربي وما أنتجه حتى الآن لا يشير لتغيير جذري على صعيد موازين القوى ومواقفها إزاء فلسطين، موضحاً أن ما شاهدناه من تحسين للحركة على معبر رفح الحدودي هو جُل ما يجب أن نطمح إليه فحكومات الربيع العربي في كافة الدول الانتقالية تعاني من مشاكل مزمنة في مجتمعاتها وهي تتطلب منها جل الاهتمام، ما يعني أن هذه الحكومات لا تعد بانقلاب جذري يتيح للقوى الفلسطينية فرصة مقاربة المشروع الوطني الفلسطيني.

أما الجلسة الثانية من جلسات ثاني أيام المؤتمر فقد ناقشت محور الحرب في الإعلام العربي والدولي. أدار الجلسة أ. محسن الإفرنجي المحاضر في قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية، وتحدث خلالها كل من: أ. عماد الإفرنجي صحفي فلسطيني ومدير فضائية القدس في فلسطين، أ. توران كشلاكتشي، مدير القسم العربي في وكالة الأناضول، و د. حسام شاكر استشاري إعلامي ومتخصص في الشؤون الإعلامية على الصعيد الأوروبي.
ففي مداخلته تحدث أ. عماد الإفرنجي حول الإعلام الفلسطيني خلال الحرب حيث أوضح أن الإعلاميين الفلسطينيين كانوا خلال الحرب المصدر الأول والرئيسي للأنباء حول ما يجري، معدداً أبرز التحديات التي واجها الإعلاميون الفلسطينيون وهي: البعد النفسي، السياسة التحريرية للمؤسسات، الإمكانيات المتواضعة، التعامل مع عدد الشهداء، دقة المعلومات والتحليل، اختراق الإذاعات والمواقع الالكترونية والبث الفضائي، الاستهداف المباشر وغير المباشر للصحفيين والمؤسسات الصحفية، التعامل مع بيانات المقاومة، المفاضلة بين الواجب الإنساني والإعلام، توثيق كل حدث، تقديم الفلسطيني البطل أم الفلسطيني الضحية.
بدوره، تحدث أ. توران كشلاكتشي حول الحرب على غزة من منظور الإعلام العالمي مشدداً على أهمية الدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي لصالح الفلسطينيين خلال عدوان 2008 – 2009، وهو ما دفع الآلاف في مختلف أنحاء العالم إلى التظاهر احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية في غزة، كما أشار أيضاً للدور الفاعل الذي لعبته قناة الجزيرة الفضائية والتي شكلت مصدراً رئيسياً للعديد من وسائل الإعلام التي استقت منها الأخبار والصور. وفيما يتعلق بعدوان نوفمبر 2012، اعتبر كشلاكتشي أن الدور الأبرز لعبه موقع “تويتر” عبر آلاف التغريدات التي نقلت تفاصيل ما يجري في غزة إلى العالم كله، مشدداً على أن إسرائيل تنطلق من إستراتيجية تستند على الأكاذيب والادعاءات التي تعمل على ترويجها طيلة سنوات إلى أن تدفع العالم إلى التعامل مع هذه الأكاذيب كحقائق.
من ناحيته، تحدث د. حسام شاكر، حيث أوضح أن الحرب الإعلامية لا تنتهي فعندما تهدأ المدافع تتواصل وتتفاعل الحرب الإعلامية مشدداً على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في التأثير على مواقف الجماهير ورؤاها ومنتقداً الطريقة التي يدير بها الفلسطينيون أمور الإعلام فعلى سبيل المثال لا يفترض أن ننتظر أن يجوع البعض لنتفاعل ونتحدث. وأشار شاكر إلى أن غزة غير مطالبة بإقامة إمبراطورية إعلامية لكن المطلوب هو أنسنة الإعلام عبر الاعتماد على تقديم النماذج المؤثرة والصور لنقل معاناة السكان ووضع الرأي العام العالمي في صورة حقيقة ما يجري على أرض الواقع وإحداث التأثير والتعاطف المطلوبين.

أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت محور الحرب من المنظور الاقتصادي والاجتماعي وقد أدارها أ. عمر شعبان الخبير الاقتصادي ومدير مؤسسة بال ثينك، وتحدث خلالها كل من: د. سارة روي من جامعة هارفارد وهي أيضاً من الخبراء الاقتصاديين المتخصصين في الأراضي الفلسطينية، ود. نصر عبد الكريم أستاذ العلوم الاقتصادية.
وفي مداخلتها أكدت د. سارة روي على أن الاستقرار الاقتصادي بحاجة لتغيير سياسي وبحاجة لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي موضحة أن إستراتيجية الرفاه الاقتصادي وحقوق الإنسان تتطلب بالضرورة إنهاء الاحتلال فإسرائيل ما زالت تسيطر على قطاع غزة براً وبحراً وجواً رغم إعلان انسحابها منه في العام 2005. كما لفتت روي الانتباه إلى أن انتصار حماس في الانتخابات شكل تحدياً للمانحين الدوليين إذ تغيرت التزاماتهم وباتت المساعدات تقدم للفلسطينيين كهبات وصدقات تساعدهم على العيش لكنها لا تساعد في تقدمهم اقتصادياً مؤكدة على ضرورة وضع حد لعزلة غزة والفصل الجغرافي بينها وبين الضفة لما لهذا الفصل من أثر سلبي على الوضع الاقتصادي في كل منهما.
بدوره، تحدث د. نصر عبد الكريم مشيراً إلى السياق العام للوضع الاقتصادي في قطاع غزة والذي تعاملت معه إسرائيل على أساس ضرورة استنزافه باعتباره أحد مقومات الصمود فعملت على تشويهه وشل قدراته وربط رغبات الجمهور الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي حتى بات السوق الفلسطيني سوق استهلاكي يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي. وأوضح عبد الكريم أن العدوان الأخير على قطاع غزة خلق فرصاً فتفاهمات التهدئة التي تم التوصل لها أعطت للاقتصاد الغزي هامشاً أوسع على صعيد الزراعة والصيد وبعض التسهيلات المتعلقة بحرية الحركة والتواصل مع الخارج، كما أن العدوان خلق أيضاً تحديات من بينها وفقاً لعبد الكريم إنجاز المصالحة وضرورة أن يحتضنها العرب ويسهموا في توفير شبكة أمان اقتصادية لها.

هذا وقد تخلل جلسات المؤتمر العديد من الاستفسارات التي أثارها الحضور وأجاب عليها المتداخلون وهو ما أثرى النقاش. ومن المقرر أن تختتم فعاليات المؤتمر مساء اليوم بالحفل الختامي والتوصيات.

المصدر: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، 24 /2013/2


المصدر: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، 23-24 /2013/2