الصفحات الخمس الأولى من كتاب “معاناة البيئة والفلاح الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي” (نسخة نصيّة HTML)
النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الكتاب … للاطلاع على الكتاب كاملاً اضغط هنا (116 صفحة، 6.7 MB)
مقدمة:
لقد شكلت الأرض عبر التاريخ وما زالت محور المشروع الصهيوني في فلسطين بتجلياته ومظاهره المختلفة والمتجددة، حيث ارتكز هذا المشروع ومنذ بداياته على ثلاث أدوات، وهي السيطرة على الأرض والعمل والسوق. وما زالت هذه الأدوات هي المكونات الأساسية للسياسة الإسرائيلية العدوانية المتواصلة ضدّ الشعب الفلسطيني ووجوده المادي والوطني والسياسي، كما وشكلت عملية السيطرة على الأرض الفلسطينية السمة الأبرز لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والتي ترتب ويترتب عليها، وحتى اللحظة الراهنة، هجرات ونكبات متتالية ومتواصله للشعب الفلسطيني.
لقد عملت “إسرائيل” ومنذ احتلالها للأرض الفلسطينية على تدمير وتقويض بيئة الإنسان الفلسطيني وتحويلها إلى مكان غير صالح للعيش، إذ تتعرض البيئة الفلسطينية، بمختلف عناصرها وأشكالها، إلى انتهاكات يومية ومتعمدة من خلال استنزافٍ دائمٍ لمصادرها الطبيعية وتلويثها من قبل “إسرائيل”. حيث يوغل الاحتلال الإسرائيلي في مصادرة جميع أوجه الحياة الفلسطينية بهدف القضاء على كلّ مقومات العيش للشعب الفلسطيني وإرغام الفلسطينيين على الرحيل، عندما تنعدم أسباب الحياة.
إن عملية التخريب المتعمد للبيئة الفلسطينية خُطط لها منذ اليوم الأول للاحتلال الإسرائيلي. لكن تلك العملية تضاعفت وازدادت بعد انطلاقة انتفاضة الأقصى في نهاية أيلول/ سبتمبر سنة 2000، حيث تسببت مصادرة “إسرائيل” للأراضي الزراعية وتجريفها، لإقامة المستعمرات فوقها، أو لإقامة جدار الفصل العنصري وشقّ الطرق الالتفافية، وقطع الأشجار، والسيطرة على المصادر الطبيعية واستغلالها واستنزافها، وإلقاء المياه العادمة والمخلفات الصناعية السائلة والصلبة من المستعمرات والمخلفات النووية، وتهريب النفايات السامة ودفنها في الأراضي الزراعية الفلسطينية بشكل مدروس ومتعمّد؛ بتوسّع ظاهرة التصحّر وعدم التوازن البيئي، والقضاء على الزراعة، وتلوث المياه الجوفية التي هي المصدر الأساسي للمياه لدى الفلسطينيين. وبالتالي أصبحت البيئة الفلسطينية عرضة لانتشار الأمراض والأوبئة بشكل أكبر؛ وهذا يشكل انتهاكاً صارخاً لمعظم مواد ميثاق جنيف الذي رفضت “إسرائيل” تطبيقه في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أولاً: التشريعات والقوانين الفلسطينية والدولية الخاصة بحماية البيئة:
شهدت أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة انتهاكات كبيرة على بيئتها بمختلف مكوناتها من قبل “إسرائيل”، وبات تأثير تلك الاعتداءات واضحاً على الإنسان الفلسطيني، الذي يعيش في إطار هذه البيئة. ومن أبرز الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان البيئية، مصادرة الأراضي، وتدمير الغابات واقتلاع الأشجار، واستنزاف المصادر المائية، والتلوث الناتج عن المياه العادمة والمخلفات الصناعية الصلبة الإسرائيلية، التي تقوم “إسرائيل” بدفنها داخل حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، مما يشكل انتهاكاً صارخاً للبروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيفProtocol Additional to the Geneva Conventions 1 سنة 1977، الذي ورد في المادة 55 منه:
1. تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من الأضرار البالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد. وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان.
2. تحظر هجمات الردع التي تشن ضدّ البيئة الطبيعية .
بالإضافة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة General Assembly of the United Nations (GA) رقم 55/209، والتي أكدت فيه الجمعية العامة أنَّها :
2. تعيد تأكيد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وسكان الجولان السوري المحتل في مواردهم الطبيعية، بما فيها الأرض والمياه؛
3. تطلب إلى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، عدم استغلال الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، وفي الجولان السوري المحتل، أو التسبب في ضياعها أو استنفادها أو تعريضها للخطر؛
4. تعترف بحق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالاسترداد أو بالتعويض نتيجة لاستغلال موارده الطبيعية أو ضياعها أو استنفادها أو تعريضها للخطر؛ وتعرب عن الأمل في أن تعالج هذه المسألة في إطار مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وبشكل عام، تتضمن حقوق الإنسان البيئية المبادئ الأساسية التالية:
• الحق في بيئة آمنة وملائمة تضمن الصحة والسلامة للأجيال الحالية، دون الانتقاص من حقوق الأجيال المستقبلية. ويتضمن ذلك الحق في التخلص من التلوث والتدهور البيئي، وأيّ نشاطات تؤثر سلباً على الحياة والصحة العامة ومستوى المعيشة والرفاه.
• الحق في استدامة استخدام الموارد الطبيعية، من خلال تحقيق العدالة والمساواة لجميع المواطنين، وكذلك عدم الانتقاص من حقوق الأجيال المقبلة، وأيضاً عدم تعريض المكونات الطبيعية للاستنزاف والتدهور والتلوث .
كما نصت المادة 33 من القانون الأساسي الفلسطيني على أن: “البيئة المتوازنة النظيفة حقّ من حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة الفلسطينية وحمايتها من أجل أجيال الحاضر والمستقبل مسؤولية وطنية” . ونصت المادة 15 من مشـروع المسـودة الثالثة “المنقحة” لدستور دولة فلسطين على أن: “البيئة المتوازنة النظيفة هدف تسعى الدولة لتحقيقه، والحفاظ على البيئة الفلسطينية مسؤولية الدولة والمجتمع، ويقع الإخلال بها تحت طائلة القانون” . ونصت المادة الخامسة من قانون رقم 7 لسنة 1999 بشأن البيئة، على أن هذا القانون يكفل:
أ. حق كلّ إنسان بالعيش في بيئة سليمة ونظيفة والتمتع بأكبر قدر ممكن من الصحة العامة والرفاه.
ب. حماية ثروات الوطن الطبيعية وموارده الاقتصادية، والحفاظ على تراثه التاريخي والحضاري دون أضرار أو آثار جانبية يحتمل ظهورها، عاجلاً أو آجلاً، نتيجة النشاطات الصناعية أو الزراعية أو العمرانية المختلفة على نوعيات الحياة والنظم البيئية الأساسية؛ كالهواء والماء والتربة والثروات البحرية والحيوانية والنباتية .
كما حظرت المادة 13/ب من القانون نفسه “مرور النفايات الخطرة عبر الأراضي الفلسطينية أو المياه الإقليمية أو المناطق الاقتصادية الخالصة إلا بتصريح خاص من الوزارة” .
وحظرت المادة 23 من القانون نفسه على: “إلقاء أو معالجة أو حرق القمامة والمخلفات الصلبة إلا في الأماكن المخصصة لذلك، ووفقاً للشروط المحددة من قبل الوزارة بما يكفل حماية البيئة” .
النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الكتاب … للاطلاع على الكتاب كاملاً اضغط هنا (116 صفحة، 6.7 MB)
أضف ردا