الصفحات الخمس الأولى من “ورقة عمل: انضمام دولة فلسطين لنظام روما الأساسي: موازين الربح والخسارة، والسبل للتعامل معها … أ. د. شفيق المصري” (نسخة نصيّة HTML)
النص المعروض هو للصفحات الأولى من ورقة العمل … للاطلاع على ورقة العمل كاملةً اضغط هنا (10 صفحات، 738KB)
ورقة عمل: انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية موازين الربح والخسارة، والسبل الأفضل للتعامل معها … أ. د. شفيق المصري
عندما أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية (5/10/2014) “إن الولايات المتحدة تؤيد قيام دولة فلسطينية، ولكن عبر عملية سلام وحلّ تفاوضي واعتراف متبادل…”، كانت توجّه، في الواقع، إنذاراً ذا ثلاثة أهداف غير خافية على أحد:
1. تحذير الدول الأخرى، ولا سيّما الأوروبية، من الاعتراف الراهن بالدولة الفلسطينية. وجاء التحذير موجّهاً، بالدرجة الأولى، إلى السويد التي أعلنت عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
2. تحذير السلطة الفلسطينية من ترك المفاوضات مع “إسرائيل” والذهاب إلى المنظمات الدولية السياسية والقضائية والجهات الأخرى. فالولايات المتحدة اشترطت أن تكون الدولة الفلسطينية تعاقدية.
3. تحذير المحافل والمنظمات الدولية من قبول فلسطين تحت طائلة العقوبات الأمريكية، كما حصل مع منظمة اليونسكو. إلا أن السلطة الفلسطينية، الممثلة بالرئيس عباس، كررت في عدة تصريحات، أنها تنوي الذهاب إلى مجلس الأمن وإلى المحكمة الجنائية الدولية في حال الإصرار على وقف المفاوضات مع “إسرائيل” أو عرقلتها. وذلك لأن “لا خيار أمامنا سوى التوجه إلى المنظمات الدولية لمحاسبة إسرائيل”، ويبدو أن هذا التوجّه إلى المنظمات الدولية محكوم باعتبارات:
أ. أنه (أي التوجه) يعطي مجالاً إضافياً لمنع العنف الفلسطيني المتحفز.
ب. أنه يحظى بقبول دولي عام وبتأييد دولي، وأيضاً من مرجعيات دولية بدءاً بالأمين العام للأمم المتحدة والعاملين على حفظ السلام.
ج. أن مجرد قبول هذه الهيئات، ولا سيّما المحكمة الجنائية الدولية، الشكوى الفلسطينية، فهذا يشكل دعماً سياسياً للمطالب الفلسطينية وإن لم يكن دعماً قضائياً كاملاً.
ونحن اليوم، أمام الموضوع المحوري الأساسي وهو: “انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ونتائجه المحتملة ربحاً أو خسارة”. وبإزاء هذا الموضوع تُثار أمامنا ثلاثة أسئلة:
1. هل تستوفي السلطة الفلسطينية الراهنة شروط الانضمام إلى نظام روما، أي إلى المحكمة الجنائية الدولية أسوة بسائر الدول الأعضاء في هذا النظام؟
2. ما مدى فاعلية أي إجراء أو قرار قد تتخذه المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة لـ”إسرائيل” من جهة ولدولة فلسطين من جهة أخرى؟
3. ما هي المخاطر التي قد تواجه عمل المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي التي تواجه الدولة الفلسطينية قبل احتمال قرارات المحكمة وفي أثنائها وبعدها؟
أولاً: شروط الانضمام:
1. يمثل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية اتفاقاً متعدد الأطراف بين الدول من أجل تحقيق غايات هذه المحكمة. والمعروف أن الشروط العامة لتكوين الدولة هي الشعب والإقليم والحكومة. ولكن القانون الدولي يشترط أن يكون الشعب مقيماً بشكل دائم على إقليمه، والجنسية تثبت ذلك. كما يشترط أن يكون الإقليم محدّداً. وكذلك أن تكون الحكومة ذات سيادة وطنية على هذا الإقليم.
والواقع أن السلطة الفلسطينية تفتقد كل هذه الشروط في الوقت الراهن. ومع ذلك فإنها (منذ عهد منظمة التحرير الفلسطينية) حصلت على اعتراف أكثر من مئة دولة. كما أن الجمعية العامة رحبت في ذلك الوقت، أي في سنة 1988، بـ”إعلان دولة فلسطين الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في 15/11/1988″.
وفي سنة 2012، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قبول فلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة بصفة مراقب. وعلى أساس ذلك قُبلت دولة فلسطين عضواً في منظمة اليونسكو في وقت لاحق.
ويبدو أن المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية رفض قبول فلسطين في سنة 2009 إلى عضويتها بسبب عدم اكتمال شروط العضوية. إلا أن المدعي العام الحالي أبلغ الدولة الفلسطينية أنها استكملت هذه الشروط بعد قبولها دولة – مراقب في الجمعية العامة، مع أنها خارج عضوية الأمم المتحدة. وبالتالي فإنها تستطيع تقديم طلب العضوية في المحكمة أي في الانضمام إلى نظام روما.
ومع ذلك فإنه لا بدّ من الاستدراك هنا، أن المدعي العام للمحكمة ليس بمفرده صاحب القرار؛ بوجود الدائرة التمهيدية من جهة، والهيئة العامة للدول الأعضاء المشاركة في نظام روما من جهة أخرى. علماً أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” (طبعاً) تخوضان اليوم معركة متواصلة لمنع اعتراف الدول، ولا سيّما الأوروبية، بالدولة الفلسطينية. ويبدو أن هذه المعركة ستتواصل بوتيرة أكثر حدة في المستقبل.
2. واستناداً لما تقدم نرى أن دولة فلسطين، قبل تقديم طلب الانضمام، تشكل بالنسبة إلى المحكمة الجنائية الدولية “دولة غير طرف” في هذه المحكمة أسوة بعدد من الدول الأخرى غير الأطراف فيها، فماذا يعني ذلك؟
يصنف نظام روما الدول إلى فئتين: الدول الأطراف أي التي أبرمت هذا النظام (وهو اتفاقية متعددة الأطراف ذات صفة شارعة في القانون الدولي)، والدول غير الأطراف التي لم تبرم هذا النظام أي أنها لم تنضم إلى المحكمة بعد، مع أنها تستوفي كل الشروط التي تؤهلها لذلك. وتعاون كل هذه الدول مفتوح بموجب نظام روما مع المحكمة الجنائية الدولية. إلا أن ثمة تباينات بينها، ومنها:
إن الدول الأطراف في النظام يعني أنها تستطيع أن تشارك المحكمة في الأطر التمثيلية وفي هيئاتها المختلفة، وأنها تشارك في أطر الأكثريات المطلوبة في مناقشات “جمعية الدول الأطراف” وغيرها. والدول الأطراف في النظام تستطيع “أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتُكبت، وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم” (المادة 14 من نظام روما).
ولكن الدول الأطراف ملزمة، من ناحية أخرى، أن تقبل اختصاص المحكمة وأحكامها فيما يتعلق بالجرائم الداخلة بهذا الاختصاص. وهذا القبول يمكن أن يتعلق بإقليم الدولة أو بالشخص المتهم بالجريمة إذا كان من رعاياها (المادة 12).
أما إذا كانت الدولة غير طرف في هذا النظام فإنها تستطيع أن تؤكد، بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أنها تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث… (المادة 12 من النظام). أي أنها غير ملزمة بأحكام المحكمة الجنائية الدولية وقراراتها إلا إذا قبلت ذلك الالتزام طوعاً وصراحة وخطياً.
وبالتالي، فإن الدولة غير الطرف تستطيع، بعد إعلان قبولها، أن تحيل إلى المدعي العام أيّ حالة ترى فيها أنها تشكل جريمة تدخل في اختصاصه، وذلك من دون أن يكون مضطراً حكماً إلى مناقشتها، علماً أن المدعي العام يستطيع أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه (المادة 15).
3. وعلى كل حال، فإن المحكمة الجنائية الدولية تمارس اختصاصها في النظر بإحدى الجرائم الدولية التي لحظها نظام روما في المادة الخامسة منه، وهي: جرائم الإبادة، والجرائم ضدّ الإنسانية، وجرائم الحرب، وأعمال العدوان. وتأتي ممارسة المحكمة اختصاصها بناء لدعوة من إحدى المرجعيات التالية:
أ. إذا أحالت دولة – طرف (في نظام روما) إلى المدعي العام حالة يبدو فيها أن جريمة، أو أكثر، من هذه الجرائم الدولية قد ارتُكبت (المادة 14). أما إذا كانت الدولة غير طرف في هذا النظام، فيمكن لها ذلك إذا قبلت المحكمة تصنيفها كدولة غير طرف في نظام روما، وبعد أن تؤكد هذه الدولة خطياً قبولها المسبق باختصاص المحكمة وبأحكامها.
ب. إذا حال مجلس الأمن الدولي، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتُكبت. والواقع أن صلاحية مجلس الأمن جاءت من أجل التأكيد على منع تفلّت أيّ مرتكب لهذه الجرائم من العقاب، بصرف النظر عن وضع الدولة التي ينتمي إليها، كما أن معظم الحالات التي عرضت على المحكمة الجنائية الدولية لغاية الآن قد أثيرت من قبل مجلس الأمن الذي أحالها إلى المدعي العام للتحقيق والحكم، بدءاً بقضية دارفور في السودان مروراً بالمسؤولين في ليبيا وغيرها من الدول. هذا مع العلم أن هذه الملفات الجزائية المحالة من قبل مجلس الأمن إلى المحكمة إنما تتعلق بدول غير أطراف في هذه المحكمة.
ج. إذا كان المدعي العام قد “بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم”!! (المادة 13). علماً أن لـ”المدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة” (المادة 15). وقد تصل هذه المعلومات إليه من مصادر مختلفة ومتعددة، وكذلك من الدولة غير الطرف أيضاً. المهم أن تتضمن جميعها “أساساً معقولاً للشروع في إجراء التحقيق. والتحقيق ذاته يخضع للموافقة المسبقة للدائرة التمهيدية
النص المعروض هو للصفحات الأولى من ورقة العمل … للاطلاع على ورقة العمل كاملةً اضغط هنا (10 صفحات، 738KB)
أضف ردا