الصفحات الأولى من “ورقة عمل:الموقف التركي والقطري من القضية الفلسطينية والمسارات المستقبلية … أ. شفيق شقير” (نسخة نصيّة HTML)
النص المعروض هو للصفحات الأولى من ورقة العمل … للاطلاع على ورقة العمل كاملةً اضغط هنا (15 صفحة، 614KB)
ورقة عمل: الموقف التركي والقطري من القضية الفلسطينية والمسارات المستقبلية [1] … أ. شفيق شقير [2]
يختلف الموقفان القطري والتركي في مسارهما التاريخي من العلاقة مع القضية الفلسطينية والمقاومة فيها، وفقاً لظروف البلدين ومسار الحكم فيهما، وقد يجد الباحث في مواقفهما من المقاومة الفلسطينية قواسم مشتركة عدة، وتحديداً بعد وصول حزب العدالة والتنمية سنة 2002 إلى الحكم في تركيا، لا سيّما أنهما أظهرا تشابهاً لافتاً في مواقفهما هذه بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت سنة 2006، بسبب إجماع الجهتين الحاكمتين فيهما على تفسير واحد ورؤية واحدة تقريباً لمتطلبات عملية سلام عادلة، وهو الذي ما يزال البلدان يتمسكان به حتى اللحظة.
ويتمسك البلدان بما تكرَّس بالجملة كثوابت عربية أو إسلامية ولها جذور في القرارات الدولية، من ذلك تأييد حلّ الدولتين: فلسطينية وإسرائيلية بحدود 1967، والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية، ويؤيد البلدان مسار السلام وتنفيذ مقتضيات مؤتمر مدريد 2001، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ويشجعان بالجملة التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين[3]. ولكن البلدين لم يقفا على شاطئ القرارات الدولية كما فعل العديد من الدول العربية والإسلامية، والاكتفاء بالوقوف وراء منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية، ولم يكتفيا بتسجيل مواقف تصعيدية بسبب الاختلاف مع الأمريكيين أو الإسرائيليين في ملفات أخرى سوى الملف الفلسطيني، كما تفعل بعض الدول البعيدة عن الصراع في العادة؛ بل اقتربا من تيار المقاومة الفلسطيني، لا سيّما الإسلامي منه للوقوف على اعتراضاته على عملية السلام، وحاجاته لتهدئة طويلة الأمد تفسح المجال أمام تفاوض متكافئ فعلاً بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
ولغايات تتصل بأهداف البحث سيتم تقسيم الورقة إلى ثلاثة أقسام: الموقف التركي والقطري من القضية الفلسطينية قبل الانتخابات التشريعية الفلسطينية سنة 2006، والثاني: كيف أصبحت حماس في مركز السياسة القطرية والتركية بعد الانتخابات التشريعية وقبيل الحراك العربي؟ والأخير: موقف البلدين من المقاومة بعد الحراك العربي، إضافة إلى خاتمة تتضمن بعض التوقعات والاحتمالات.
1 . الموقف التركي والقطري قبل انتخابات 2006:
تخضع قطر وتركيا لبيئة استراتيجية متشابهة عند الحديث عن الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وإن كانت سياسة الأخيرة أكثر تعدداً باعتبار الموقع الجغرافي والمكانة السياسية والتجربة التاريخية، إلا أن كلاً منهما له قدرات متفاوتة ومصالح مختلفة في العلاقة مع أطراف أساسية تؤدي أدواراً أساسية في المنطقة، مثل: السعودية، وإيران، ومصر.
فالمنطقة كانت منقسمة على نفسها منذ التسعينيات إلى محورين: محور الاعتدال العربي، ومحور الممانعة، وكانت مصر والسعودية والأردن من أبرز قادة محور الاعتدال؛ في حين كانت إيران وسورية من أبرز قادة محور الممانعة [4]، وعدّت قوى المقاومة، حماس وحزب الله، جزءاً من هذا الأخير. وامتازت تركيا وقطر عن دول المنطقة بمحاولة تأدية دور الجسر أحياناً والوسيط أحياناً أخرى، وكانتا تنتميان استراتيجياً في الموقف من عملية السلام إلى محور الاعتدال، لكنهما كانتا أكثر تفهماً للمقاومة، سواء الفلسطينية أم اللبنانية. وقد ربطت البلدين علاقة ممتازة مع سورية، وحافظَا على تواصل بنَّاء مع إيران مع تفاوت كل منهما في علاقته مع طهران، سواء في المصالح أم الأهداف والمحاذير.
أ. الموقف التركي:
جمعت تركيا علاقة مميزة مع “إسرائيل” قياساً إلى كون الأولى دولة مسلمة وسليلة الخلافة العثمانية، ولم تخلُ من بعض التحفظ التركي على بعض السياسات الإسرائيلية في المنطقة، مثل رفضها لحرب “إسرائيل” سنة 1967، ورفضها قرار “إسرائيل” ضمّ القدس إدارياً (بعد احتلالها سنة 1967)، إضافة إلى أخرى مماثلة، وسارت أحياناً بخلاف الرغبة الإسرائيلية مثل اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1975 ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وسماحها للمنظمة بافتتاح مكتب لها في تركيا سنة 1979، كما اعترفت بإعلان الدولة الفلسطينية سنة 1988. لكن لم تخرج أنقرة عن التوجه العام الذي طبع الحقبة الأتاتوركية، التي اعتمدت فيها تركيا على التوجه غرباً واعتبار “إسرائيل” من هذا الغرب، إلا أنها في التسعينيات أخذت تتجه جنوباً أكثر من ذي قبل، أي نحو العالم العربي وإيران، دون أن يؤثِّر كثيراً على سياساتها إزاء “إسرائيل”. بل نجد أن “أفضل” فترة للعلاقات بين البلدين والتي شهدت اتفاقيات عسكرية وأمنية استراتيجية بينهما، كانت ما بين سنتي 1996–2002، أي قُبيْل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم؛ وذلك مع ضرورة الإشارة إلى الموقف التركي المندِّد بالحصار الإسرائيلي الذي ضُرب على عرفات في المقاطعة سنة 2001، ووصفه لما ارتكبه الإسرائيليون في ملحمة جنين سنة 2002 بالمذبحة الجماعية. وبطبيعة الحال هذا التوازن التركي النسبي تجاه العرب والقضية الفلسطينية لا يمكن فصله عن انطلاق عملية السلام بمؤتمر مدريد 1991 وما تلاها.
ب. السياسة الخارجية التركية:
وبوصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة برئاسة رجب طيب أردوغان سنة 2002 شهدت العلاقة بعض الفتور، إلا أنها عادت وتحسنت أوائل سنة 2005؛ حيث زار وزير خارجية تركيا عبد الله غول الكيان الإسرائيلي، وكانت الزيارة الأولى لمسؤول رفيع المستوى منذ وصول حزب العدالة والتنمية، أعقبتها في أول أيار/ مايو من السنة نفسها زيارة أخرى للكيان من قبل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تحت عنوان “تشجيع السلام”، ورافقه أكثر من مئة من رجال الأعمال الترك. وفي السياق نفسه كان المسار التركي نحو الجنوب يمضي نحو ذروته، فشهدت تركيا في عهد أردوغان انفتاحاً واسعاً على سورية من ضمن الرؤية السياسية “صفر مشاكل”، وسياسة “تعدد الأبعاد”؛ التي ستخوِّل تركيا الإطلال على القارتين الأوروبية والآسيوية معاً، خصوصاً الشرق الأوسط الذي بقي مستبعداً طويلاً عن تركيز السياسة التركية.
وكانت هذه الفترة أكثر احتفاء بالجانب العربي والفلسطيني، وتلتقي مع ما تَكُنُّه الجماهير التركية من مشاعر وانتماء إلى الجغرافيا التاريخية العثمانية، لا سيّما أنه في هذه السنة نفسها، أي 2005، كان عبد الله غول قد زار مقر السلطة الفلسطينية في رام الله، وأتبعها أردوغان بأخرى التقى خلالها الرئيس عباس في أيار/ مايو، إلى أن تُوِّجت باعتراف تركيا بنتائج الانتخابات الفلسطينية سنة 2006، التي جاءت بأغلبية حماس إلى البرلمان وإلى رئاسة الوزراء، ودعت أنقرة الغرب للاعتراف بنتائجها .[5].
[1] قدم أ. شفيق شقير هذه الورقة في مؤتمر “مستقبل المقاومة الفلسطينية في ضوء الحرب على قطاع غزة في صيف 2014″، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت في 27/11/2014.
[2] متخصص في المشرق العربي والحركات الإسلامية.
[3] انظر: تيسير علي الحساينة، تأثير السياسة الخارجية القطرية على القضية الفلسطينية (1994-2012)، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة، فلسطين، 2013، ص 37 وما بعدها؛ وياسر بشير العشي، السياسة الخارجية التركية تجاه القضية الفلسطينية في ظلّ حكم حزب العدالة والتنمية 2002–2013، رسالة ماجستير، جامعة الأقصى، فلسطين، 2014، ص 15–36.
[4] وضاح خنفر، حسابات جديدة ومحاور قديمة، موقع الجزيرة.نت، 15/10/2013، انظر: http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2013/10/15/حسابات-جديدة-ومحاور-قديمة
[5] لتتبع التطور التاريخي للموقف التركي واقترابه من القضية الفلسطينية، انظر: ياسر بشير العشي، مرجع سابق؛ وللاطلاع على رؤية حزب العدالة والتنمية القائمة على التوازن في علاقاتها مع كل من فلسطين و”إسرائيل”، انظر: محسن صالح وبشير نافع (محرران)، التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنة 2005 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2006)، ص 116-120.
النص المعروض هو للصفحات الأولى من ورقة العمل … للاطلاع على ورقة العمل كاملةً اضغط هنا (15 صفحة، 614KB)
أضف ردا