يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم ورقة عمل د. ماهر الطاهر، مسؤول دائرة العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو اللجنة المركزية العامة للجبهة منذ سنة 1972، وعضو المكتب السياسي للجبهة منذ سنة 1993، بعنوان “موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من المصالحة وطرق تفعيلها”.
وقد قدمت هذه الورقة في مؤتمر “المصالحة الفلسطينية: الآفاق والتحديات”، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت بالتعاون مع مركز إفريقيا والشرق الأوسط AMEC (ومقره جنوب إفريقيا) في 25-26/3/2015.
ويسعد المركز أن يوفر هذه الورقة بصيغتي الـ Pdf و HTML
– لتحميل ورقة العمل، اضغط على الرابط التالي: >> ورقة عمل: موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من المصالحة وطرق تفعيلها… د. ماهر الطاهر (8 صفحات، 413 KB)*>> ورقة عمل: موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من المصالحة وطرق تفعيلها… د. ماهر الطاهر (نسخة نصيّة HTML) * إذا كان لديك مشكلة في فتح الملف، اضغط هنا |
ورقة عمل: موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من المصالحة وطرق تفعيلها… د. ماهر الطاهر* [1]
في البداية أتوجه بالشكر العميق لمركز إفريقيا والشرق الأوسط ومركز الزيتونة للدراسات والاستشارات لمبادرتهم الكريمة بعقد هذه الندوة الهامة والتي تتناول عنوان مفصلي وجوهري يتعلق بالساحة الفلسطينية ومستقبلها ألا وهو عنوان الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني، الذي طال أمده والذي أضعف القضية الفلسطينية إلى حدّ كبير. ولا أجد حاجة لتعداد أضراره وتداعياته الخطيرة التي باتت معروفة لكل ذي عقل وبصيرة.
أشارت الورقة المقدمة من الجهة الداعية أن هذا المؤتمر يسعى لتوفير أفضل مناخ ممكن للتفاعل الإيجابي والنقاش الصريح الهادئ بين مختلف الأطراف، والمساعدة في بناء جسور الثقة وإيجاد الحلول العملية لتجاوز العقبات التي تحول دون إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تنطلق في رؤيتها دائماً من المصالح العليا للشعب الفلسطيني بعيداً عن الحسابات الفئوية والضيقة، فإنها تأمل فعلاً وبكل صدق أن يشكل هذا المؤتمر فرصة للدفع باتجاه إنهاء الانقسام وبناء وحدة وطنية فلسطينية حقيقية شاملة تشكل الشرط الضروري لاستعادة الحقوق الوطنية، ونأمل أن يخرج هذا اللقاء بمقترحات عملية تساهم في معالجة ما نواجهه من تحديات ومخاطر.
لدي الملاحظات الأساسية التالية:
أولاً: إن الجبهة الشعبية على قناعة راسخة بأن الظروف المحيطة بالشعب الفلسطيني والمخاطر الحقيقية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية واستهداف “إسرائيل” لشعبنا بجميع فصائله وقواه وفاعلياته دون استثناء حيث اغتالت الشهيد ياسر عرفات، والشهيد أبو علي مصطفى، والشهيد أحمد ياسين، والشهيد فتحي الشقاقي وشهداء من كافة الفصائل، وبالتالي فهي تستهدف تمزيق وضرب المشروع الوطني الفلسطيني بجميع أبعاده وحوامله، الأمر الذي يجب أن يدفع موضوعياً باتجاه إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة.
ثانياً: أفضّل أن يكون عنوان الندوة إنهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية كشرط أساسي من شروط الانتصار، وليس المصالحة وطرق تفعيلها، لأن بناء وحدة وطنية فلسطينية حقيقية وجادة قائمة على أسس سياسية وتنظيمية راسخة وواضحة ووجود قيادة جماعية للشعب الفلسطيني ومؤسساته هو أمر أعمق وأكبر من موضوع مصالحة بين حركتي فتح وحماس، أو معالجة مشكلة الموظفين في قطاع غزة، خاصة وأننا في مرحلة تحرر وطني وديمقراطي تتطلب تحشيد طاقات الشعب الفلسطيني بأسره.
هل المصالحة بين فتح وحماس تحل إشكالية الوحدة الوطنية الفلسطينية بمفهومها الشامل والعميق والذي يعني برنامج القواسم المشتركة سياسياً، والذي يعني إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية التي شاخت حيث لم ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني منذ عشرين عاماً؟
هل المحاصصة بين فتح وحماس يمكن أن تحل إشكاليات الوحدة الوطنية الفلسطينية بمفهومها الشامل والعميق والذي يعني وجود قيادة جماعية تدير الشأن الفلسطيني، ومؤسسات ديمقراطية راسخة تتبلور من خلالها القرارات الأساسية المرتبطة بمسار القضية الفلسطينية.
المصالحة مهمة وضرورية ولكنها خطوة ضرورية بالاتجاه السليم لبناء وحدة وطنية فلسطينية شاملة وعميقة.
ثالثاً: إن اللجوء للحسم العسكري في قطاع غزة وسيطرة حركة حماس بالقوة المسلحة بعد أن فازت بانتخابات المجلس التشريعي كان خطيئة لا ينبغي الوقوع فيها، لأن حسم التناقضات الداخلية من خلال اللجوء إلى العنف في مرحلة التحرر الوطني وفي ظلّ استعمار استيطاني إجلائي خطّ أحمر، نظراً لمخاطره الجسيمة ونتائجه الخطيرة ليس على القضية الوطنية فحسب واستغلال الاحتلال له لأبعد الحدود، بل لتداعياته وانعكاساته على بنية المجتمع الذي يتصدى للعدو المشترك.
إن اللجوء للحسم العسكري خلق حالة من الإرباك وطرح الكثير من التساؤلات حول “الانقسام وأسبابه”. هل أساس الانقسام سياسي؟ هل هو صراع على سلطة في ظلّ احتلال؟ ما هو مبرر وجود سلطتين لا تملكان من مفهوم السلطة أي مضامين حقيقية؟
رابعاً: إن وجود “سلطتين”، بين قوسين، على الأرض واقعياً. لكل منهما جهاز أمني ومؤسسات قد أوجد بنى ومصالح اقتصادية وحسابات لم تكن موجودة في مرحلة الخلافات والتباينات والصراعات السياسية التي كانت قائمة ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
حصلت صراعات سياسية حادة ضمن إطار منظمة التحرير وتمّ تشكيل جبهة الرفض الفلسطينية وجبهة الإنقاذ، ارتباطاً بموضوع التسوية والحلول السياسية، ولكن هذا الصراع السياسي بقي ضمن إطار الحرص على قانون وحدة – صراع – وحدة. ولكن بعد أوسلو والانتقال إلى مرحلة السلطة والتي تفرعت إلى سلطتين بما يعنيه ذلك من مصالح، أصبحت الأمور أكثر تعقيداً، وهذا ما يفسر بشكل أساسي أسباب إطالة أمد الانقسام وعدم تطبيق الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها في أكثر من محطة، وخاصة اتفاق القاهرة الذي وقعته كافة الفصائل الفلسطينية، وهذا ما يفسر أيضاً اللجوء لسياسة المحاصصة والاتفاقات الثنائية التي فشلت هي الأخرى في معالجة الانقسام.
خامساً: إن أحد أسباب الانقسام والفشل في معالجته رغم اتضاح نتائجه، يتمثل في غياب الديمقراطية وتغليب التناقضات الداخلية والصراع على السلطة على حساب التناقض الرئيسي مع الاحتلال، وهذا ما أكدته حقائق العدوان الأخير على قطاع غزة والذي كان أحد أسبابه التوافق الوطني الذي حصل بعد تشكيل حكومة الوحدة؛ لأن “إسرائيل” شنت العدوان ضمن مخطط انقسام الوضع الفلسطيني في المواجهة، لكن مخططها فشل وخاض شعبنا بجميع قواه معركة الصمود ميدانياً بشكل موحد وكذلك خاض تجربة سياسية موحدة عبر الوفد المشترك للمفاوضات غير المباشرة في القاهرة. وهذا يؤكد الحقيقة الساطعة بأنه عندما يأخذ التناقض الرئيسي مع الاحتلال موقعه الطبيعي في جدول الأعمال، تتسع مساحة الوحدة؛ ففي ميادين المواجهة يتحد الجميع وتتجه كل البنادق نحو العدو المشترك…. المزيد
أضف ردا