تقدير استراتيجي (91) – آب/ أغسطس 2016.
ملخص:
استطاعت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس) التي انطلقت منتصف سنة 2005، أن تحقق جملة من الإنجازات خلال سنوات عملها المحدودة نسبياً، ليس أقلها المقاطعة الأكاديمية في العديد من الجامعات والمؤسسات في أوروبا وإفريقيا والأمريكيتين، والتي أزعجت الكيان الإسرائيلي لما تركته من آثار على صورتها أمام النخب المثقفة في العالم. بالإضافة إلى ما حققته في مجالات سحب الاستثمارات ومقاطعة الشركات التي تعمل في مستعمرات الضفة الغربية، وهو ما دفع بـ”إسرائيل” إلى مواجهة هذه الحملة بمحاولة تجريمها، معتمدة في ذلك على حلفائها في بعض الحكومات الغربية مثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا، فيما لم تجد أذناً صاغية في دول مثل السويد وهولندا وأيرلندا.
وعلى ما يبدو فإن الكيان الإسرائيلي سيتابع حملة تشويه وتجريم حركة المقاطعة واتهامها بـ”اللاسامية”، وسيلجأ إلى استخدام قوته الناعمة في الدول التي لطالما كانت مؤيدة للقضية الفلسطينية كإفريقيا، كما سيحاول استثمار حصوله على رئاسة اللجنة القانونية للأمم المتحدة لتقوية وضعه القانوني في وجه حملة المقاطعة.
أولاً: حركة المقاطعة:
تمّ إطلاق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس) Boycott, Divestment and Sanctions (BDS) campaign الحديثة في 9/7/2005، بعد عام من قضاء محكمة العدل الدولية بعدم شرعية “الجدار الفاصل” الذي كانت “إسرائيل” تبنيه في الضفة الغربية. في ذلك الوقت، أصدرت أكثر من مئة من نقابات العمال الفلسطينية، والجماعات السياسية، والمنظمات غير الحكومية في فلسطين والشتات دعوة للشركاء الدوليين لاعتماد استراتيجية المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، كجزء من النضال ضدّ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. أما اليوم، فقد تطورت الحركة لتصبح قوة عالمية تشابه إلى حدّ كبير تلك التي أسقطت نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
تاريخياً، يمكن النظر إلى حركة المقاطعة (بي دي أس) الحالية على أنها امتداد لحملات مقاطعة سابقة تعود إلى ثمانينيات القرن الـ 19 وثلاثينيات الـ 20. فخلال أواخر القرن الـ 19، رفض الفلسطينيون التعاون مع المستعمرات الناشئة للمستوطنين اليهود، والتي كانت تمضي قدماً في اغتصاب أراضيهم حتى في ذلك الوقت. أما بحلول ثلاثينيات القرن الماضي، فقد اشتدت المعارضة المناهضة للمشروع الاستعماري الصهيوني، وكانت غالباً ما تتجلى في الإضرابات والمقاطعات. ولاحقاً، خلال الفترة التي تلت سنة 1948 مباشرة، أطلقت كل من جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، حملات ذات إدارة دولية لمقاطعة العلاقات التجارية والمالية مع “إسرائيل” .
كان مؤتمر الأمم المتحدة العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري والتعصب الذي عقد في ديربان، في جنوب إفريقيا، من أهم الأحداث المحورية التي مهدت الطريق لإطلاق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في 2005. وشارك أكثر من ثلاثة آلاف من منظمات المجتمع المدني في المؤتمر، ودانوا بأشد العبارات سياسات “إسرائيل”، معلنين أنها شكل من أشكال التفرقة العنصرية. وفي الوقت نفسه، كانت انتفاضة الأقصى التي بدأت في سنة 2000 تتصاعد في حدتها وتستقطب دعماً دولياً للشعب الفلسطيني.
حينها، كان هناك شعور متزايد بالوعي بقضية فلسطين المحتلة، وبالضرورة الملحة لتحقيق أوسع نطاق من التعاون والتضامن. فمنذ ذلك الحين، كانت استجابة حركات المجتمع المدني على مستوى القاعدة الشعبية الدعامة الرئيسية لحركة المقاطعة (بي دي أس). فمواطنو العالم أصبحوا يعون تماماً أنهم لم يعد يمكنهم الاعتماد على الحكومات والوكالات المُضلِّلة، التي غالباً ما تُزين كلامها ولا تطبق منه شيئاً.
تعتمد حركة المقاطعة (بي دي أس) على ثلاث استراتيجيات: المقاطعة، وفرض العقوبات، وسحب الاستثمارات. فمن جهة، تستهدف المقاطعة المنتجات والشركات المتواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي. ويتجلى ذلك برفض شراء منتجات القوة المحتلة، “إسرائيل”، أو التفاعل مع الكيانات المنخرطة في نظم الفصل العنصري. ومن جهة أخرى، تستلزم الاستراتيجية الثانية، وهي سحب الاستثمارات، التخلي عن استثمارات مع المؤسسات، أو الشركات، أو المصارف التي تعمل في الأراضي المحتلة سنة 1967 (وتحديداً في الضفة الغربية) أو تستفيد منها. أما الشق الثالث، وهو فرض العقوبات، فيُعتقد أنه من أشد الاستراتيجيات صرامةً، حيث ينطوي على تدابير تتخذها الحكومات، قد تكون على شكل إجراءات اقتصادية، أو عسكرية، أو ديبلوماسية . كما قد تشمل على سبيل المثال إلغاء اتفاقيات التجارة التفضيلية المبرمة من قبل الاتحاد الأوروبي، مثلاً، أو إلغاء الصفقات العسكرية.
ثانياً: الإنجازات:
منذ إطلاقها، نجحت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في تطبيق حملات مقاطعة “إسرائيل” في عدد من المجالات المختلفة، كالأوساط الأكاديمية والثقافية والرياضية، والشركات التجارية والاستهلاكية. وكانت موجة الدعم للمقاطعة الأكاديمية واسعة النطاق، ولا يمكن إيقافها. ففي جنوب إفريقيا، شرعت عدة جامعات في المدن الكبرى، من كيب تاون إلى جوهانسبرج وكوازولو، بحملات المقاطعة. وفي أيلول/ سبتمبر 2010، وقّع أكثر من 250 أكاديمياً من جنوب إفريقيا على عريضة تَحثُّ جامعة جوهانسبرج على قطع علاقاتها مع جامعة بن جوريون الإسرائيلية. وتمت مصادقة العريضة من قبل نشطاء مخضرمين في الحملات المناهضة للفصل العنصري، ومنهم المطران ديزموند توتو وآلان بويساك.
وفي السنة نفسها، صوّت اتحاد الجامعات والكليات الموجود في بريطانيا لقطع العلاقات مع نقابة العمال الإسرائيلية (الهستدروت). أيضاً في سنة 2011، وقّع أكثر من 250 أكاديمياً أوروبياً من 14 بلداً على رسالة تطالب باستبعاد الشركات الإسرائيلية، المشاركة في انتهاك القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، من برامج البحوث التي يمولها الاتحاد الأوروبي . وفي الآونة الأخيرة، تحديداً في سنة 2015، صوت الاتحاد الوطني للطلبة وتجمع الطلاب السود في بريطانيا على تبنيِّ حملة المقاطعة (بي دي أس). كما أسهمت الاتحادات الطلابية في كل من جامعة إدنبرة، وجامعة كلية لندن، وجامعة ليفربول، وجامعة ساسكس، وجامعة إيست أنجليا بأصواتها لصالح الحملة. وفي الولايات المتحدة صوتت المجالس الطلابية في جامعات كل من كاليفورنيا، وسان خوسيه، وبرنستون، وأوهايو، وستانفورد لصالح قرارات بسحب الاستثمارات من الشركات التي تستفيد من الاحتلال الإسرائيلي.
ثالثاً: مقاطعة الشركات:
لعل أكبر النجاحات التي شهدتها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تتمثل في مقاطعة الشركات متعددة الجنسيات والشركات التجارية التي لها ارتباطات مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وقد ازداد انخراط الهيئات شبه الرسمية والهيئات الحكومية الدولية في هذه الحملة. ففي بريطانيا، نجح فرع تاور هاملتس من حملة التضامن الفلسطينية السنة الماضية في إقناع المجلس المحلي بضرورة إلغاء عقوده مع الشركات المتعاملة مع الاحتلال مثل تكتل الشركات الأمنية فيوليا وجي فور أس.
في مكان آخر، قرر مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في الأردن أيضاً التخلي عن شركة جي فور أس بعد الحملة التي قامت بها حركة المقاطعة (بي دي أس) في آذار/ مارس 2016. ونظراً للخسائر الكبيرة التي منيت بها جي فور أس كنتيجة مباشرة للحملة، أعلنت الشركة أنها بدأت بالانسحاب من السوق الإسرائيلية. كما تبع ذلك تحركات من قبل مفوضية شؤون اللاجئين واليونيسيف في الأردن للنأي بنفسها عن تلك الشركة. وبصورة مماثلة، فإن عملاق مستحضرات التجميل الإسرائيلي آهافا الذي تمّ استهدافه في السنوات الأخيرة من قبل حركة المقاطعة (بي دي أس)، قرر نقل مصنعه من مستعمرة متسبيه شاليم في الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر.
لم يتوقف الأمر عند مقاطعة الشركات الموجودة في المستعمرات أو التي تستفيد منها. ففي أيسلندا، في أيلول/ سبتمبر 2015، صادقت بلدية ريكيافيك على مذكرة تقضي بالموافقة على مقاطعة البضائع الإسرائيلية “ما دام احتلال الأراضي الفلسطينية قائماً”. هذه الخطوة كانت محط ترحيب “اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات” في أوروبا. حيث صرحت مسؤولة الحملات ريا الحسن قائلة: “نرحب بشكل خاص باستخدام المذكرة لعبارة “التفرقة العنصرية” لوصف النظام الإسرائيلي”. وأضافت: “هناك إدراك متزايد بأن نظام القمع الإسرائيلي يستوفي تعريف الفصل العنصري المذكور في القانون الدولي” .
رابعاً: العقبات:
قبل عقد من الزمن، استخفَّ مسؤولون إسرائيليون بحركة المقاطعة واستبعدوا أي احتمال لنجاحها؛ حيث زعموا أن “إسرائيل” هي “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، ولهذا فهي بزعمهم تستحق دعم الشعوب وتعاطفها في جميع أنحاء العالم. لكنهم كانوا مخطئين تماماً، فتأثير الحركة ما زال عميقاً وبعيد المدى إلى حدّ أجبر “إسرائيل” إلى التوجه صوب الحكومات الغربية ملتمسة منهم تجريم دعوات عمل الحركة. ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أيدت محكمة الاستئناف العليا في فرنسا إدانة 12 من نشطاء التضامن الفلسطينيين على خلفية دعواتهم لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. بل إن مجرد ارتداء قميص عليه شعار حركة المقاطعة (بي دي أس) يعدُّ الآن مخالفة قانونية (قد توازي عقوبة الجريمة الجنائية) في فرنسا. فكما فعلوا في الماضي، لجأت السلطات الفرنسية إلى التذرع بالتشريعات المتعلقة بـ”معاداة السامية” كوسيلة لتخويف وردع نشطاء التضامن الفلسطينيين.
في بريطانيا، كشفت الحكومة المحافظة المؤيدة لـ”إسرائيل” أيضاً عن خططٍ لمنع المجالس المحلية والهيئات العامة، وحتى بعض الاتحادات الطلابية الجامعية من مقاطعة الشركات التي تعمل في المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية غير الشرعية. ووصف متحدث باسم زعيم حزب العمال جيرمي كوربين قرار الحكومة بأنه “هجوم على الديموقراطية المحلية”.
لم يكن من المستغرب وجود معارضة قوية للمحاولات التي قامت بها الجماعات الموالية لـ”إسرائيل” في بريطانيا لقمع حركة المقاطعة (بي دي أس). ففي حزيران/ يونيو من هذه السنة، رفضت المحكمة العليا في لندن الادعاءات التي أدلت بها هيومن رايتس ووتش اليهودية ضدّ مجلس مدينة ليستر، ومجلس مدينة سوانسي، ومجلس جويند، بعد أن كانت السلطات المحلية الثلاث قد أصدرت قرارات تدعم الفلسطينيين. وادعت هيومن رايتس ووتش اليهودية أن قرارات المجالس الداعمة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية تنتهك واجبات قانون المساواة، وتتجاهل الحاجة للقضاء على التمييز ضدّ اليهود، وإنهاء المضايقات التي يتعرضون لها.
وقال القاضي الذي ترأس الجلسة، اللورد جاستيس سايمون، أن المجالس لم تخالف القانون. كما قال المحامون الذين يعملون بالنيابة عن المجالس أنهم كانوا يمارسون حقهم في حرية التعبير؛ وهو حقٌ محمي بموجب القانون العام المعمول به في إنكلترا وويلز، والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويُلاحظ أنه على الرغم من خضوع بعض القوى الغربية البارزة مثل بريطانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة للضغوط الإسرائيلية، تصدت الدول الأصغر مثل السويد وهولندا وأيرلندا لجميع المحاولات الرامية إلى قمع حركة المقاطعة (بي دي أس). ففي آذار/ مارس 2016، أعادت وزارة الخارجية السويدية التأكيد على مبادئ الديموقراطية الأساسية بالقول إن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “هي حركة من حركات المجتمع المدني”، وإنه “يتعيّنُ على الحكومات ألا تتدخل في توجهات منظمات المجتمع المدني” .
من جهتها، كانت الحكومات الهولندية والأيرلندية على القدر نفسه من الحزم. ففي هولندا، أكد وزير الشؤون الخارجية بيرت كوندرز أن المسؤولين الإسرائيليين لا يبرحون يثيرون موضوع حركة المقاطعة (بي دي أس) في لقاءاتهم الثنائية مع الحكومة الهولندية. وبالرغم من تصريح الوزير أن حكومته لا تدعم مقاطعة “إسرائيل”، إلا أن “تأييد الحركة يندرج في إطار حرية التعبير”. كما أشار إلى أن البيانات والاجتماعات التي تخص الحركة محمية بحقي حرية التعبير وحرية التجمع كما هو منصوص عليه في الدستور الهولندي، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .
ليس هناك شكّ أن قضية “المحرقة اليهودية” أو الهولوكوست ما زالت تشكل شعوراً تاريخياً بالذنب لدى الاتحاد الأوربي، ومناخاً شبه دائم تستغله “إسرائيل” لابتزاز الاتحاد. فـ”إسرائيل” غالباً ما تضع الانتقادات المشروعة الموجهة إليها في إطار معاداة السامية، مما يجعل الحكومات حذرة من فرض أيّ شكل من أشكال العقوبات عليها. لكن الوضع داخل أوساط المجتمع المدني يختلف بشكل ملحوظ. ففي حقيقة الأمر، تزداد صلابة المواقف تجاه سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية، كما حدث في أيار/ مايو من هذه السنة، حينما قامت أكثر من 300 من منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الإغاثية التابعة للمجموعات الكنسية، والنقابات العمالية، والأحزاب السياسية من 19 بلداً في جميع أنحاء أوروبا بِحثّ الاتحاد الأوروبي على الدفاع عن حقوق الأفراد والمؤسسات في المشاركة في حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات التي يقودها فلسطينيون.
خامساً: السيناريوهات المحتملة:
كما هو واضح، لا توجد لدى “إسرائيل” خيارات كثيرة في محاولاتها لقمع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات؛ أي أنها ستستمر في المستقبل القريب في ممارسة الضغط الديبلوماسي على الحكومات في أيّ زمان ومكان. وها هي قد شرعت بالفعل في حملة مداهنة كبيرة تستهدف القارة الإفريقية حيث تتعمق جذور الذاكرة التاريخية لنظام الفصل العنصري البغيض في جنوب إفريقيا.
حتماً، ستستخدم “إسرائيل” قوتها الناعمة، واعدةً بنقل المساعدات التقنية والعلمية لبلدانٍ في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. فمع وجود نُظمها المتطورة لصناعة الأسلحة، سوف تقدم العروض للحكومات الضعيفة والمهددة، واعدةً إياها بتغطية ثغراتها الأمنية. فسواء كنا نتحدث عن مجالات الهندسة، أم الرَّيّ، أم علوم الكمبيوتر، فليس هناك بلد عربي أو مسلم باستثناء تركيا لديه القدرة أو الرغبة في تحدي “الغزوة” الديبلوماسية لـ”إسرائيل” في إفريقيا. فلا عجب إذاً أن نشهد مستويات متزايدة من الدعم الحكومي للحصول على مقعد خاص لـ”إسرائيل” داخل الاتحاد الإفريقي.
في آسيا أيضاً، تُسرّع “إسرائيل” من جهودها الرامية إلى إيقاف الدعم التقليدي المقدم إلى فلسطين، ليس أقلها ما تقوم به مع دول عدم الانحياز. فها هي الهند، وهي عضو مؤسس للمنظمة، غدت من الشركاء الكبار لـ”إسرائيل” في المجالات العلمية والعسكرية. أي أنه لا أمل في احتمال فرض عقوبات هندية على “إسرائيل”.
من جهة أخرى، فبعد اكتساب “إسرائيل” المميز لرئاسة اللجنة القانونية للأمم المتحدة مؤخراً، فقد أصبح أمامها فرصة للتعامل بشكل جذري مع قضية لطالما أرَّقتها وقضت مضجعها؛ وذلك من خلال القيام بحملات يسميها النشطاء المؤيدون للقضية الفلسطينية حملات “نزع الشرعية”. إن الركيزة الأساسية لاستراتيجية “إسرائيل” هذه تتمثل في نزع شرعية أولئك الذين يجرؤون على انتقاد سياساتها عن طريق تشويه سمعتهم. وبالتالي، لن تتوقف الجدالات حول كيفية تلميع صورة الاحتلال، وإعادة تعريف مصطلح الصهيونية، وجعل أي انتقاد لـ”إسرائيل” عملاً “معادياً للسامية”.
سادساً: الاستراتيجية المطلوبة:
على الرغم من أنها عاشت ظروفها ومميزاتها الخاصة على مرّ تاريخها، إلا أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الفلسطينية ظلت تستلهم مسارها من الحركة التي سبقتها في جنوب إفريقيا، حيث تمّ إسقاط صرح الفصل العنصري بعد سنين من حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات على مستوى العالم. وكان من أسباب نجاح الحركة أنها استطاعت تكوين تحالف من الحكومات والأشخاص الأوفياء الذين استطاعوا التأثير على السياسات المحلية والدولية على حدّ سواء في مؤسسات كالأمم المتحدة. ولذلك، فعلى حركة المقاطعة (بي دي أس) التي تقاوم النظام العنصري الإسرائيلي أن تبني تحالفات مماثلة، وأن تُؤمّن الدعم من الحكومات في شمال الأرض وجنوبها.
بعد 15 عاماً، أثبتت حركة المقاطعة (بي دي أس) الدولية أنها وسيلة فعالة للغاية لدعم القضية الفلسطينية. ولكن إذا أرادت الحركة الاستفادة من كامل إمكاناتها، فعليها أن تحظى بدعم سياسي غير محدود ولا مشروط من جميع القوى الفلسطينية. ففي الوقت الحاضر، هناك الكثير من التساؤلات والشكوك حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية قد احتضنت حملة المقاطعة (بي دي أس) بشكل تام. وبالتالي، فإن على الفلسطينيين أخذ زمام المبادرة، لأن إصرار السلطة الفلسطينية على مواصلة حملتها لإنهاء الاحتلال بالطرق السلمية التقليدية، ما زال تنقصه أكثر الأدوات نجاعةً، ألا وهو حملة المقاطعة (بي دي أس) .
ما زال الرئيس محمود عباس صريحاً في رفضه للدعوات المطالبة بتوسيع معارضته السلمية للكيان الإسرائيلي إلى مقاطعة كاملة تماشياً مع حملة المقاطعة (بي دي أس). ففي 2013، قام برحلته المشهورة إلى جنوب إفريقيا حيث أعلن عن رفضه لجهود حملة المقاطعة (بي دي أس) في البلاد وقال: “نحن لا نؤيد حملات المقاطعة ضدّ إسرائيل”، وتابع قائلاً: “لكننا نطالب الجميع بمقاطعة منتجات المستوطنات لأنها تقع في أراضينا، وهي غير قانونية”. وقد سبّبَ ذلك التصريح غضباً بين الفلسطينيين ومؤيديهم على الرغم من إصدار “توضيح” من قبل السفارة الفلسطينية في جنوب إفريقيا لاحقاً .
سابعاً: المقترحات والتوصيات:
1. ينبغي على الفلسطينيين زيادة مستوى أنشطة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات، ودعم وتفعيل أنشطة اللجان والمؤسسات العاملة في هذا المجال على مستوى العالم.
2. العمل الجاد على فصل الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي وإنهاء تبعيته له؛ ومقاطعة فلسطينيي الداخل للمنتجات الإسرائيلية.
3. حشد أكبر قدر من المؤيدين على المستويين الرسمي والشعبي لحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات.
4. إعادة تفعيل اللجان المعنية في مواجهة حملات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
* يتقدم مركز الزيتونة للدكتور داوود عبد الله، مدير مؤسسة مرصد الشرق الأوسط Middle East Monitor (MEMO) في لندن، بخالص الشكر على كتابة هذا التقدير.
لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:>> التقدير الاستراتيجي (91): حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات: الإنجازات والسيناريوهات المحتملة |
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 4/8/2016
مع اني لاجئ فلسطيني في الاردن بستغرب من الفلسطينيين اللي في الضفة اللي بشتروا منتجات اسرائيلية !!!
اعتقد ان حركة المقاطعة ناجحة .. واتمنى ان تتطبقها ايضا الدول الخليجية لاني اعرف ان هناك الكثير من الخليجيين لديهم استثمارات في الكيان الاسرائيلي
اتمنى لنا ولكم التوفيق