عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في مقره في بيروت حلقة نقاش بعنوان ”المخيمات الفلسطينية في لبنان نحو معالجة شاملة“، وذلك يوم الأربعاء 19/4/2017، وقد شارك فيها نخبة من الباحثين والمتخصصين بالشأن الفلسطيني واللبناني.
أدار حلقة النقاش مدير عام مركز الزيتونة الدكتور محسن محمد صالح، تم خلالها استعراض أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية، وما يعانونه من أوضاع اقتصادية ومعيشية واجتماعية صعبة، بالإضافة إلى الاضطرابات الأمنية. ووفق ما ذُكر من معطيات، فإن هناك 12 مخيماً معترفاً بهاً بشكل رسمي في لبنان، وإن نحو نصف الفلسطينيين يعيشون في هذه المخيمات.
وطرح د. محسن إمكانية العمل بشكل منهجي وحقيقي في اتجاه حل شامل وكامل لما تواجهه المخيمات الفلسطينية في لبنان من مشاكل وأزمات. كما طرح إمكانية إيجاد نقاط مشتركة لنبني عليها لمعالجة ملف المخيمات الفلسطينية.
فالمخيم يجمع ما بين حالتين، حالة نضالية ورمزية وروح العودة والتحرير والثورة على الواقع، وفي الجانب الآخر واقع المخيم الذي تتمثل فيه كافة أشكال المعاناة، كما يجري تشويه صورة المخيم وتصويره كأحد البؤر الأمنية والفساد والإرهاب.
وقال محسن إن الوضع الفلسطيني في الحالة اللبنانية يأخذ أبعاداً مختلفة يصعب علاجها كالبعد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إشكالات مرتبطة بمستقبل اللاجئين الفلسطينيين. كما إن هناك إشكاليات مرتبطة بالمرجعيات السياسية، وإعادة تعريف المخيم. معظم المعالجات التي تناولت مشاكل المخيم أخذت طابعاً مؤقتاً وليس متجذراً وحقيقياً، مما أسهم في إعادة المشكلات مرة أخرى.
وأظهرت مداخلات المشاركين تخوفات من محاولات خارجية لاستخدام الفلسطينيين في النزاعات المحلية، أو الإقليمية؛ خصوصاً أن الأوضاع السياسية والاقتصادية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون تقلل المناعة من أجل الوقوف في وجه هذه المخططات والظروف. فالإشكالية هي أن الدولة اللبنانية لم تنظر إلى المخيمات منذ سنة 1948 كمجتمع حضاري، وإنما تعاملت معه وما زالت من خلال منظور أمني وليس من منظور سياسي اجتماعي.
وتساءل المشاركون عن الحالة التي وصل إليها الفلسطينيون من التفسخ الاجتماعي والسياسي؛ كان الفلسطينيون بعد النكبة أكثر تماسكاً وكانوا منتجين لأفضل الكوادر وأسهموا في ازدهار لبنان، واليوم رغم أن الفلسطينيين في لبنان امتلكوا الخبرة والقدرة، إلا أنهم باتوا غير قادرين على معاجلة المشاكل في المخيمات خصوصاً في مخيم عين الحلوة.
وحذر المشاركون من تعقيدات الشارعين الفلسطيني واللبناني والتوظيف الإقليمي للشارعين، فالواضح أن الملف الفلسطيني في لبنان مطلوب أن يبقى ملفاً ساخناً، ما حصل في مخيم عين الحلوة من اضطرابات أمنية وعسكرية يمكن قراءته في إطار إقليمي وأيضا ضمن إطار فسلطيني داخلي، أشاروا إلى أن هناك حالة تطرف فلسطينية وهناك تيارات إسلامية معتدلة، التعاطي مع الحالة الإسلامية في مخيم عين الحلوة، إما أن يكون مهمة لبنانية أو فلسطينية أو مشتركة، وإن البعد الأمني يتم التعامل من خلاله مع المخيم، وهناك ضغط دائم من الجهات اللبنانية على القوى الفلسطينية لحسم الصراع، وإن الانقسام الفلسطيني يزيد تعقيد الوضع، وإن الانفلات هو النتيجة في حال تُركت الأمور بدون علاج وبلا مرجعية موحدة.
ونبه الحضور على أن المرحلة المقبلة قد تحمل الكثير من المخاطر؛ فالمطلوب الاستعدادات للتطورات القادمة. الوضع اللبناني غير مستقر ويمر بمرحلة مهمة في ظل التطورات في البيئة المحلية والإقليمية.
وأكدت مداخلات المشاركين على ضرورة اتباع الفصائل الفلسطينية واللاجئين في لبنان سياسة الحياد، من أجل تخفيف انعكاس الأحداث على اللاجئين، كما أكدت على ضرورة إيجاد مرجعية فلسطينية موحدة تملك رؤية سياسية واحدة لمقاربة وضع اللاجئين، والعمل على حمايتهم وتحييدهم.
وفي موضوع إيجاد الحلول والمقترحات لعلاج مشكلة المخيمات الفلسطينية، قدم المشاركون مقترحات عدة تساهم في علاج هذه المشكلات، ومنها أن تقوم الأطراف الفلسطينية بالتوافق فيما بينها على إيجاد مرجعية وطنية جامعة تعمل على معالجة مشكلات اللاجئين الفلسطينيين والتوصل إلى صياغة رؤية موحدة حول مفهوم ودور المخيمات الفلسطينية ومن ضمنها دور السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، وكذلك التواصل مع الدولة والقيادات اللبنانية من أجل العمل على دعم هذه الرؤية، وكذلك مطالبة الدولة اللبنانية بالعمل على مقاربة الملف الفلسطيني من خلال منظور شامل وليس من خلال منظور أمني. والعمل على تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية. فحل مشكلات اللاجئين والمخيمات الفلسطينية يعود بالمنفعة على القضية الفلسطينية وتدعيم حق العودة، ومنع التوطين، كما أن استقرار هذه المخيمات ينعكس إيجاباً على استقرار البيئة اللبنانية المحيطة.
كما طالب المشاركون بإعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني داخل المجتمع الفلسطيني، وتحديث دراسات عملية عن المخيمات والوضع الفلسطيني. مع إمكانية تأسيس نشاطات شعبية بين المخيمات الفلسطينية واللبنانيين في المحيط.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/4/20
أضف ردا