عرض: عمر عبد الحفيظ الجيوسي.
اعتمدت المقاومة الفلسطينية في القدس على النفْس وتنظيم النفَس؛ كي تستطيع الاستمرار في مواجهة غطرسة الاحتلال، وكي تقنع الأمة الإسلامية بضرورة احتضان قضيتها وتصحيح بوصلتها نحو القضية الفلسطينية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ينقل المعلومة بجذورها وتربتها الفلسطينية كما يفعل الزارعون في بلادنا، فيصدِر التقارير الإستراتيجية والسلاسل الإنسانية والكتب المفصلية، ومنها هذا الكتاب الذي يوثق أعمال المقاومة في القدس: ”المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987-2015“، لمؤلفه خالد إبراهيم أبو عرفة.
لتحميل الكتاب كاملاً، اضغط على الرابط التالي: المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987-2015 (400 صفحة، حجم الملف 4.5 MB) |
– الكتاب متوفر للشراء، عبر: || || || ||
وتنبع أهمية الكتاب من أن مؤلفه تتبع الدراسات السابقة التي عُنيت بالشأن المقدسي؛ فلم يجد دراسة شاملة مباشرة تطرقت لإحصاء وتصنيف وبيان أساليب المقاومة في القدس. وربما كان السبب هو أن الكتابة في هذا الموضوع تحتاج لدراسات ميدانية وإحصاءات واقعية ومقابلات حية.
كما تحتاج مثل هذه الدراسات إلى تثبيت أرقام حقيقية وإحصاءات دقيقة حول مقاومة انتهاكات الاحتلال المستفحلة في القدس، بينما تحتفظ مؤسسات الاحتلال بالوثائق الكاملة لكافة الأحداث والوقائع وتتحفظ عليها.
وربما زاد من أهمية الكتاب أن مؤلفه وجد نفسه مدفوعاً بحاجة المقاومة في القدس لهذه الدراسة، وأيضا بمبرر ذاتي؛ حيث إنه تعرض للظلم بمصادرة إقامته بعد أن اختير وزيراً لشؤون القدس في الحكومة الفلسطينية العاشرة (27 مارس/آذار 2006 – 17 مارس/آذار 2007)، ثم تعرض للاعتقال والملاحقة والإبعاد التعسفي عن مدينة القدس.
ويمكن القول إن هذا الكتاب يسلط الضوء على الهبَّات والانتفاضات وأعمال مقاومة الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس خلال الفترة 1987-2015، ويتتبع صمود الفلسطينيين ومقاومتهم التي تعوق التهويد المطلق وتقطع جذور التمدد في بعض القدس، وتبقي جذوة الانتماء لدى الشعوب العربية والإسلامية.
وقد احتوى هذا الكتاب على أربعمئة صفحة من القطع الكبير، مئة منها للملاحق والمراجع التي وصلت إلى 120 مرجعاً. وتوزعت مادته على مقدمة وأربعة فصول وتوصيات وخاتمة وملاحق هامة.
تنوع أشكال مقاومة المقدسيين
وفي الفصل الأول ربط المؤلف بين مكانة القدس المحتلة وضرورة المقاومة، وذكر مجموعة من نصوص القانون الدولي الذي يكفل حق الفلسطينيين في المقاومة، وفي استخدام القوة لتحرير أرضهم، وتشرّع مساندة ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله.
واستعرض أسباب مقاومة المقدسيين للاحتلال، وسرد مسيرة المقاومة في القدس تاريخياً، وعرّج على مقاومة المقدسيين للانتداب البريطاني والمنظمات الصهيونية، وعلى الثورة الفلسطينية الكبرى، ومقاومة العصابات الصهيونية.
وتناول الفصل الثاني المقاومة الشعبية والانتفاضات الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في القدس، وبيّن الأساليب المتنوعة للمقاومة والتي منها: الرباط والصمود، ورفع الرايات، وصياغة البيانات، وتسيير المظاهرات، وإقامة الاعتصامات، ومواجهة المحتل بالسكاكين، وزراعة المتفجرات في طريق قوات الاحتلال، وتنفيذ عمليات خطف للجنود بغرض استبدالهم بأسرى فلسطينيين، ومشاركة المقدسيين في التخطيط ودعم عمليات استشهادية.
أما الفصل الثالث -وهو أطول فصول الكتاب- فقد تحدث عن تسعة أنواع من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال، ومنها: التهويد والأسرلة، والاستيطان، ومصادرة الأراضي والممتلكات، وتدنيس المقدسات، وتهجير السكان وإبعادهم، وهدم البيوت، والاعتقالات، ومحاصرة الاقتصاد، إضافة إلى كارثة بناء جدار الضم والتوسع.
وبيّن المؤلف في هذا الفصل صلابة وازدياد ثقافة المقاومة الفلسطينية في وجه هذه انتهاكات الاحتلال. وعزز ذلك بإجراء استبانة لنخبة مقدسية حول الانتهاكات وسبل مقاومتها فردياً وجماعياً.
وفي الفصل الرابع استعرض المؤلف نماذج من شرائح المقاومة في القدس، ومن أهمها: المؤسسات الفلسطينية المتنوعة، والحركات السياسية، والشارع المقدسي، والمسيحيون المقدسيون، والنساء والأطفال المقدسيون، والإعلام المقدسي. كما أشار إلى بعض العقبات والإشكاليات الداخلية والتطبيعية في الإعلام المقدسي، ولفت النظر إلى جوانب من المعركة الإعلامية ودورها في مقاومة الاحتلال.
وبالنسبة لملاحق الكتاب؛ فقد تضمنت جداول متنوعة ومهمة، ومنها: جدول لعمليات المقاومة في القدس، وجدول للشهداء المقدسيين، وجدول لأصحاب الأحكام العالية، وجدول للأسرى المقدسيين الذين استشهدوا، وجدول للشهداء المقدسيين، وجدول للمبعدين عن القدس. وجداول أخرى شكلت كلها إضافة نوعية في هذا الكتاب.
واعتمد المؤلف في مراجعه على الكتب العربية والمترجمة، والمقابلات الشخصية، والدراسات الجزئية السابقة، والمجلات، والصحف، واليوميات، والوثائق، والتقديرات الإستراتيجية، ومواقع الانترنت، وأوراق العمل.
من خلاصات وتوصيات الدراسة
يخلص الكتاب إلى أن المستجدات الأمنية الإسرائيلية تجبر المقاومة على تطوير أدائها ووسائلها، وتزيد من تمسك المقدسيين بالدفاع والتضحية من أجل مدينتهم، وتناسي الإحباط من تخلي المسؤولين الفلسطينيين والعرب عنهم.
ويوصي بتشكيل ”مرجعية مركزية“ و”توحيد الجهد الوطني“ في المقاومة، و”تطوير المراكز البحثية المتخصصة في الشأن المقدسي“، و”توصيل الرواية الفلسطينية“ إلى العالم في مقابل الرواية الإسرائيلية الباطلة.
ويشير المؤلف إلى أنه رغم أن المقدسيين أثبتوا أنهم قادرون على حماية هويتهم الوطنية وابتكار وسائل مقاومة، ومنها دعس وطعن جنود ومستوطنين إسرائيليين، وأن أجهزة الاحتلال الأمنية قد تراجعت لصالح المقاومة؛ فإن انقسام الموقف الفلسطيني من الانتفاضة -ما بين جيل التسوية السلمية والمقاومة الفردية- أدى إلى خفض وتيرتها وتعويقها.
ولعل الإضافة النوعية التي تركها لنا المؤلف لم تكن فيما حوته هذه الدراسة من تفاصيل فقط، وإنما أيضا في السؤال المفتوح على مستقبل المقاومة في أرض أثبت تاريخها أنها لا بدّ من أن تطرد من يخرجون عن النصوص الأصلية. ويتوقع كثيرون أن تكون هذه الدراسة إضافة نوعية للمتابعين في موضوع الدراسات المتعلقة بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في القدس.
ومع ذلك لا بد لمتابعي المقاومة في القدس من توخي الحذر تجاه كيل المواقف الدولية بمكيالين، وإعلانها مراراً تفهمها لسلوك الاحتلال في القدس؛ وفي الوقت نفسه لا بدّ لهم من استغلال بعض الإيجابيات الكامنة في بنود القانون الدولي، وكذلك قرارات اليونسكو الأخيرة، وأيضا مستجدات المسجد الأقصى في صيف 2017.
المصدر: الجزيرة نت، الدوحة، 30/8/2017
السلام عليكم ورحمة الله
أشكر السيد عمر الجيوسي على جهده الكريم في عرض كنابي أعلاه للجمهور، وهو جهد طيب ولا شك
وكنت حاولت التواصل مع السيد عمر لشكره ولكنني لم أفلح.