عقد “مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات” و”منتدى الحوار اللبناني-الفلسطيني في مبادرة المساحة المشتركة” حلقة نقاش تحت عنوان: “مخططات تصفية الأونروا: السياق والأبعاد والآفاق وسُبُل المواجهة”، وذلك يوم الخميس 26 نيسان/ إبريل 2018، بمشاركة عدد من الخبراء والمتخصصين في الشأنين الفلسطيني واللبناني.
البداية كانت مع مدير عام مركز الزيتونة الدكتور محسن محمد صالح، الذي رحب بالحضور، وأكد على أهمية توفير حياة كريمة وبيئة مناسبة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. ورأى صالح أن حق العودة هو حق أصيل نشأ منذ احتلال فلسطين وتهجير أهلها، وأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 جاء للتأكيد على حق العودة.
وقدم الأستاذ جابر سليمان ورقة بعنوان “ورقة معلومات: الخلفية التاريخية، السياق السياسي والتجليات الراهنة”، شرح من خلالها السياق التاريخي لتأسيس الأونروا، وتطرق للمشاريع التي كانت تهدف إلى شطب اللاجئين من خلال دمجهم وتوطينهم في البلدان التي لجؤوا إليها، والمشاريع التي هدفت إلى تصفية عمل الأونروا بعد توقيع اتفاق أوسلو، مستعرضاً السيناريوهات المحتملة ومستقبل هذه المؤسسة الدولية “الأونروا”، وقد أنهى ورقته بمجموعة من التوصيات والاقتراحات، فاتحاً المجال للتفكير في كيفية التعاطي في السيناريوهات المطروحة.
وقدم النائب اللبناني الدكتور فريد الياس الخازن تعقيباً على الورقة قال فيها إنه لا يمكن فصل أزمة الأونروا بكل جوانبها عن الواقع الراهن؛ حيث يجري العمل على إنهاء وتصفية الأونروا، خصوصاً بعد قرار الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، فالقرار الأمريكي يعني عملياً الإقرار والتسليم بسياسة الأمر الواقع أي القضاء على حل الدولتين وحق العودة. وأشار الخازن إلى أن المقاربة الدولية الثابتة لموضوع الأونروا، هي كيفية دمج الفلسطينيين بالمجتمعات داخل الدول التي يعيشون فيها، وإلغاء حق العودة وعدم تحميل “إسرائيل” أي مسؤولية، بل تحميل المجتمع الدولي المسؤولية كاملة.
وبعد ذلك قدم الدكتور سهيل الناطور التعقيب الثاني على الورقة، حيث تحدث عن السياسة الأمريكية الجديدة التي تهدف إلى إلغاء الأونروا وبالتالي إلغاء حق العودة وتشجيع المفاوض الفلسطيني الذي أبدى تهاوناً في حق العودة، وحذر الناطور من السياسة الأمريكية التي تدفع إلى أن تصبح قضية اللاجئين قضية تتناقض مع الدول التي تستضيفها.
وسلط عضو لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور شفيق شعيب الضوء على أهمية موضوع الأونروا ليس فقط لما له من تأثير على القضية الفلسطينية بل لأن تأثيرها سوف يطال كل المكونات العربية، خصوصاً الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين. ففي لبنان قضية اللجوء هي قضية وطنية لبنانية تطال المصلحة اللبنانية.
وفي مداخلة الأستاذ زهير الهواري ممثل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، قال إن مخطط تصفية الأونروا هي محصلة التفاعلات الدولية والإقليمية والفلسطينية. ونبه إلى انعكاس الانقسام الفلسطيني على القضية الفلسطينية وحق العودة. وفيما يتعلق بنتائج تعداد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين، وليس المسجلين، في لبنان لسنة 2017، والذي بلغ أكثر من 174 ألف لاجئ فلسطيني، حسب لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، والذي يقل كثيراً عن عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الأونروا والذي يبلغ نحو 532 ألف لاجئ، فإن السؤال الخطير الذي يجب أن يُطرح لماذا هاجر الفلسطينيون من لبنان بهذا العدد، بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982؛ والجواب هو بسبب السياسات اللبنانية التي ضيقت على اللاجئين في حق التملك وحق العمل، والتي ما زال معمولاً بها حتى يومنا هذا.
ودعا الأستاذ علي هويدي إلى ضرورة اقتناص فرصة انتهاء ولاية رئيس اللجنة الاقتصادية في الأمم المتحدة الإسرائيلي داني دانون، الذي كان عقبة في تمرير المشاريع الداعمة لوكالة الأونروا.
وفي مداخلة للأستاذ ياسر علي رأى أن حق العودة يمكن أن يضعف مع إنهاء عمل الأونروا، لكن من الضرورة الإشارة إلى أن الأونروا هي شاهد دولي وليس شاهداً سياسياً وحيداً. كما أشار إلى أنه من الصعب على أي إدارة أمريكية تأتي بعد إدارة ترامب، أن تُرمم ما قام به الأخير ضدّ القضية الفلسطينية وضدّ وكالة الأونروا، وهذا الأمر يدركه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ويقوم باستغلاله إلى أقصى الحدود.
ودعا الباحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية عمرو سعد الدين، إلى إيلاء أهمية للشراكة بين المجتمع المدني الفلسطيني وبين الأونروا، مستحضراً تجربة إعادة إعمار مخيم نهر البارد في شمال لبنان، وما كان من نتائج إيجابية على ملف إعادة الإعمار.
وحذر الباحث في مركز الزيتونة وائل سعد من خطورة حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من حقوقهم المدنية، لأن ذلك سوف يدفعهم إلى القبول بالحلول الأخرى التي لن تكون في صالحهم ولا في صالح الدولة اللبنانية.
ورأى المشاركون أن استهداف الأونروا هدفه هو إضعاف الشعب الفلسطيني وتصفية العودة وليس تصفية حق العودة لأن حق العودة لا يمكن إضعافه لأنه حق أصيل.
وفي الجلسة الثانية لحلقة النقاش، التي أداراها الدكتور شفيق شعيب، دار النقاش حول السيناريوهات المحتملة والتوصيات، وتمّ التركيز على ثلاثة سيناريوهات مرتبطة ببعضها البعض، وهي:
1. أن تتجاوز وكالة الأونروا الأزمة.
2. شلّ وكالة الأونروا، وتعطيل دورها.
3. تغيير تفويض وكالة الأونروا، ودمجها ضمن صلاحيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي التوصيات شدد الخبراء المشاركون في الحلقة على ضرورة إعداد سُبل مواجهة لكل سيناريو، وركّزوا على ضرورة مشاركة الكل الفلسطيني في مواجهة مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية، ومنها تصفية الأونروا، والتركيز على دور اللاجئ الفلسطيني، وحالة الوعي لديه، وتحفيزه. كما طالبوا بإحياء دور الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين في سياسات الأونروا، وإيجاد البيئة الحاضنة للاجئ وللأونروا، والتنسيق الكامل مع المجتمع الدولي، وبشكل أساسي مع الدول الصديقة، وتوسيع دائرة العاملين في الشأن الفلسطيني. وتمّ التشديد على أهمية تحديد الأولويات، وحسم الاتجاهات، والذهاب إلى الجوانب التي يمكن إنجازها على المدى القريب.
أضف ردا