جرياً على عادته في التقييم الاستراتيجي للتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية على رأس كل سنة، ومحاولة الاستشراف المستقبلي، عقد مركز الزيتونة صباح الخميس 9 كانون الثاني/ يناير 2020 ندوة علميّة بعنوان: “مسارات مستقبلية في القضية الفلسطينية”، في فندق “رامادا بلازا” في بيروت.
تحدث في الندوة أربعة من الخبراء المتخصصين، ناقشوا مستقبل القدس واستطلعوا احتمالات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وسورية. كما جرى عرض لانعكاس الوضع الدولي على القضية الفلسطينية. بالإضافة لقراءة في انعكاسات الأزمة اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين.
قدّم الورقة الأولى الأستاذ ياسين حمود، خبير شؤون القدس والمدير العام لمؤسسة القدس الدولية وكانت بعنوان: “القدس والمقدسات: قراءة مستقبلية”. حيث استعرض أوضاع المدينة المقدسة ونضالات المقدسيين في الدفاع عن هوية المدينة الدينية والثقافية والسكانية خلال سنة 2019، وطرح حمود جملة توقعات كان على رأسها اشتداد العدوان التهويدي على الأقصى، وأن يسعى الاحتلال في قادم الأيام إلى فصل تام للضفة الغربية إلى شطرين من خلال تعزيز البناء في المستوطنات واستحداث مستوطنات جديدة.
أما الورقة الثانية فقدمها د. عباس إسماعيل، الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، وتناولت مستقبل التطورات في الكيان الإسرائيلي على الوضع السياسي الداخلي. فأشار إلى استمرار حالة الشلل السياسي في الكيان الإسرائيلي نتيجة الانتخابات والنظام الانتخابي، يقابلها ازدياد في التطرف وانخفاض في المناعة الاجتماعية. وعن احتمالات العدوان على لبنان وسورية توقع الدكتور إسماعيل ارتفاع احتمال وقوع حرب في المنطقة، كما توقع ارتفاع إمكانية شن عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، إذا لم تتوصل “إسرائيل” وحماس إلى تفاهمات في مسألة وقف نار طويل وتطبيقه.
وفي الورقة الثالثة تحدث الأستاذ جابر سليمان، الباحث في دراسات اللاجئين ومنسق منتدى الحوار اللبناني الفلسطيني عن انعكاسات الأزمة اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين، فاستعرض الوضع الاقتصادي المتردي للاجئين الفلسطينيين في لبنان قبيل الأزمة، وأشار إلى مسحي الأونروا والجامعة الأمريكية 2010 و2015 الذين حددا نسبة الفقر العام بين اللاجئين الفلسطينيين ب65%، وقال الأستاذ جابر سليمان أن قرارات وزير العمل اللبناني السابق والمتعلقة بتنظيم عمل الأجانب في لبنان أتت لتزيد الوضع وسوءاً وتبعتها الأزمة المعيشة في لبنان ففاقمت الأوضاع. وتوقع أن تسبب تداعيات الوضع ارتفاعاً في نسبة هجرة اللاجئين الفلسطينيين من لبنان، واحتمال زيادة الضغوط الدولية على لبنان من أجل توطين الفلسطينيين، فضلاً عن الخشية من مشكلات اجتماعية ونفسية ناتجة عن انتشار الفقر والبطالة والحرمان والإحباط، مع ما يحمله ذلك من احتمال استثمار هذا الواقع وتوظيفه لصالح أجندات داخلية أو خارجية.
وقدم الورقة الرابعة والأخيرة الأستاذ منير شفيق، الخبير الاستراتيجي، والأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، فاستعرض التطورات على الصعيد الدولي وخصوصاً السلوك الأمريكي في المنطقة، وتوقع أن تؤدي عميلة اغتيال الجنرال سليماني ورفاقه إلى تكثيف جهود محور المقاومة لإخراج أمريكا من العراق. واعتبر شفيق أن أمريكا والكيان الإسرائيلي يمران في حالة تراجع، وهو ما يشكل المرحلة الجديدة في الصراع.
وبشكل عام، فقد قدمت الندوة صورة للآفاق والتطورات المحتملة على مسارات القضية الفلسطينية، وقد أسهم مركز الزيتونة من خلالها بأداء دوره كمركز تفكير نوعي يسعى لاستشراف أوضاع فلسطين والمنطقة ويصوب المسارات.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 10/1/2020
أضف ردا