بقلم: أ. أشرف عثمان بدر.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).
توالت توقعات المحللين والمهتمين بالشأن الفلسطيني حول نتائج انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني المزمع عقدها في 22/5/2021. بالاطلاع على هذه التوقعات نجد تفاوتاً كبيراً بينها، وذلك على خلفية ندرة استطلاعات الرأي الدقيقة والموضوعية التي تتنبأ بالنتائج. يعود سبب هذا التفاوت الكبير إلى النظريات والفرضيات التي ينطلق منها المحللون، ومع إقرارنا بالصعوبة البالغة في التنبؤ بسلوك الناخبين، وذلك لوجود متغيرات كثيرة بعضها لم تختبر بعد، من قبيل التوجهات التصويتية لشريحة الشباب التي تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 30، والتي لم تشارك من قبل في انتخابات عامة، وعددهم يقارب المليون ناخب (1,010,345) أي بما يعادل 40% من مجموع من يحق له التصويت والبالغ (2,546,449)، موزعين على الضفة الغربية بنسبة 57.8% أي (1,473,346)، في مقابل (1,073,103) في قطاع غزة بما يعادل 42.2% ممن يحق له الاقتراع. بالرغم من ذلك سنحاول في هذه المقالة توقع نتائج الانتخابات بالاستناد على أربعة فرضيات سائدة، والتي سنعدّها محددات ومتغيرات تبلور نتيجة الانتخابات.
يمكننا رصد عدة فرضيات ونظريات ينطلق منها المحللون، من أهمها من يمكن أن نصطلح عليه بـ: عقاب الحاكم، والمال السياسي (الشبكة الزبائنية)، والعاطفة، والماكينة الانتخابية. كل فرضية أو نظرية من النظريات السابقة ينبني عليها نتائج مغايرة، وقد تتلاحم فرضية مع أخرى، أو قد تتكامل جميعها، فمثلاً: في الوقت ذاته، قد تسود فرضية المال السياسي بالتضافر مع فرضية العاطفة والماكينة الانتخابية، مع إدراكنا بوجود تفاوت بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وفيما يلي توضيح للمقصود من هذه الفرضيات والنظريات ودلالاتها.
أولاً: فرضية عقاب الحاكم:
تنطلق هذه الفرضية من أن المحكومين يميلون لمعاقبة الموجود في الحكم، وخصوصاً إذا لمسوا تقصيراً منه أو سوء إدارة أو فساد. من يبني على هذه الفرضية يخرج بنتيجة مفادها أن قطاع غزة ستعاقب حكامها والضفة بالمثل. هنا يبرز السؤال كيف سيكون العقاب، هل سيكون بمقاطعة الانتخابات، أم بالتصويت للبديل الأقوى؟ تؤشر النسبة العالية من التسجيل في السجل الانتخابي 93.3%، إلى وجود حالة من التعطش لممارسة الحق الانتخابي، وبالتالي يمكننا أن نتوقع إقبالاً على صناديق الاقتراع، علاوة على ذلك كثرة القوائم المشاركة في الانتخابات، 36 قائمة مقارنة بـ 11 في انتخابات 2006، سيدفع باتجاه المزيد من التحشيد، وهذا يقودنا لاستبعاد احتمالية عقاب الحاكم بالمقاطعة، ويقودنا إلى فرضية عقاب الحاكم بالتصويت للبديل.
يتفاوت البديل الانتخابي بحسب الموقع الجغرافي، فالبديل في الضفة الغربية مختلف عن البديل في قطاع غزة، ففي الضفة الغربية يتمثل البديل في قوائم القدس موعدنا” (حماس)، “الحرية” (تحالف ناصر القدوة مع مروان البرغوثي)، “المستقبل” (محمد دحلان)، قوائم اليسار، والحراكات والمستقلين والقوائم العشائرية. بينما البديل في قطاع غزة يتمثل بقائمة فتح بالإضافة لبقية البدائل الموجودة في الضفة. وهنا يبرز السؤال ما هو البديل المتوقع أن يختاره الناخبون في كلا الموقعين؟
إذا افترضنا بأن الجمهور الفلسطيني قد كفر بالأحزاب فستتجه أصواته العقابية للحراكات والمستقلين، لكن عدة تجارب انتخابية، بلديات، نقابات، مجالس طلبة، على مدى السنوات السابقة بعد الانقسام، تشير إلى ضعف فرص المستقلين والحراكات والعشائر وميل الناخبين إلى الأحزاب المنظمة، فهذه القوائم لم تجد لها فرصة إلا في حال عدم تواجد القوائم المنظمة وعلى رأسها قوائم حماس ودحلان. مما يبقي في دائرة المنافسة الحزبين الكبيرين (فتح وحماس) بالإضافة إلى “الحرية” و”المستقبل” واليسار.
بسبب ضعف في البنى التنظيمية والرؤى ولأسباب أيديولوجية يمكننا إخراج اليسار من دائرة التنافس على المراكز المتقدمة، مع إقرارنا بقدرته على تجاوز نسبة الحسم في حال أجاد ترتيب أوراقه. ولذلك يبقى أمامنا الحزبين الكبيرين بالإضافة إلى “الحرية” و”المستقبل”.
يبرز عند معتنقي نظرية عقاب الحاكم، سؤال كيف يمكن أن يعاقب الحاكم بشكل فعّال ومثمر؟ وهنا تتداخل النظريات، من يهتم بالمال السياسي فسيتجه لمعاقبة حاكم الضفة وغزة بانتخاب “المستقبل”، ومن تؤثر به العاطفة في الضفة فسيعاقب قائمة فتح بانتخاب “القدس موعدنا”، وفي القطاع بانتخاب “الحرية”، على اعتبار أن قائمة فتح ستتأثر تصويتياً في القطاع بالعقوبات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة، وسيعاقبها الناخبون على ذلك، لذلك سيكون خيار الناخبين العاطفي في القطاع هي قائمة القدوة “الحرية” بينما خيارهم العقلاني المبني على المصلحة هي “المستقبل”.
يؤخذ على نظرية عقاب الحاكم بأنها تستند على افتراض استياء معظم الجمهور من أداء السلطة، وتجاهل وجود شرائح “راضية” عن أداء السلطة الحاكمة. صحيح أن “عاطفة” معاقبة الحاكم موجودة عند جزء لا يستهان به من الجمهور، لكن كم هي نسبة الذين يريدون ممارسة معاقبته، وترجمة ذلك إلى أصوات في صندوق الاقتراع! أليس في المقابل هنالك نسبة لا يستهان بها من المصوتين راضين عن أدائه؟ الأهم من هذا، أن جزءاً لا يستهان به من الناقمين على أداء الحاكم عندهم توجه لمقاطعة الانتخابات، لظنهم بأنه لا فائدة من التصويت، وأن هنالك أطراف إقليمية ودولية لن تحترم قرار الناخبين، أو أن أحد الحزبين الكبيرين لن يسلّم بالنتائج إن جاءت في غير صالحه.
ثانياً: فرضية المال السياسي (الشبكة الزبائنية):
ينطلق أصحاب هذه الفرضية من اعتبار المال هو المؤثر الرئيسي في توجهات الناخبين، إذا صحت هذه النظرية؛ من يملك المال سيملك الأصوات، هنا يجب لفت الانتباه إلى أن القوائم التي تعتمد على رجال الأعمال وتستند على المال السياسي حظوظها ضعيفة، بسبب الموقف المعادي لرؤوس الأموال من مختلف شرائح الشعب، مما يدفعنا باتجاه دراسة تأثير المال السياسي والشبكة الزبائنية التابعة للأحزاب.
تملك قائمة فتح شبكة زبائنية واسعة في الضفة الغربية، وبدرجة أقل في قطاع غزة، بينما تملك “القدس موعدنا” شبكة زبائنية في القطاع وتفتقدها في الضفة، فيما تملك “المستقبل” شبكة زبائنية قوية في القطاع، وشبكة محدودة في الضفة تقتصر على المناطق الجغرافية التي لا تهيمن عليها سلطة فتح، كالمخيمات، وبعض المناطق المصنفة ج، والقدس، بينما تفتقد “الحرية” لأي شبكة زبائنية.
إذا استندنا إلى فرضية المال السياسي والشبكة الزبائنية، فستحصل فتح على معظم أصوات الناخبين في الضفة وبعض الأصوات في القطاع، بسبب تأثر شبكتها الزبائينة نتيجة قطع الرواتب، والعقوبات، ورفض تفريغات 2005، بينما ستحصل قائمة “القدس موعدنا” على معظم الأصوات في القطاع، وستكون غير قوية في الضفة بسبب تدمير شبكتها الزبائنية بعد إغلاق الجمعيات الخيرية التابعة لها. فيما ستحصل “المستقبل” على أصوات عالية في القطاع وبعض الأصوات في الضفة. أما اليسار فسيعتمد على منظمات المجتمع المدني أن جي أو NGO الذي يسيطر عليها ليحصد من خلالها الأصوات. بينما تفتقر قائمة “الحرية” لأي شبكة زبائنية بسبب حداثة تشكيلها، والحال نفسه ينطبق على الحراكات والمستقلين، مما يعني بأن حظوظها ستكون ضعيفة جداً بالاستناد على هذا المحدد.
يؤخذ على نظرية المال السياسي عدم أخذها بعين الاعتبار العوامل المؤثرة الأخرى كالعاطفة أو معاقبة الحاكم، ففي انتخابات 2006 افترض البعض أن أصوات أفراد الأجهزة الأمنية ستذهب جميعها لفتح، بصفتها الحزب الحاكم ولكون معظم منتسبي الأجهزة الأمنية من فتح، ولأنهم مرتبطون بالرواتب، لكن على أرض الواقع فقط 75% من مجموع المصوتين من الأجهزة الأمنية صوتوا لفتح.
ثالثاً: فرضية العاطفة:
يعتقد منظّروا فرضية العاطفة أن الجماهير عاطفية تحركها المشاعر ويغيب عنها التفكير العقلاني. لا يمكننا إنكار وجود مثل هذه الشريحة “العاطفية”، لكن من المبالغة عدّ أغلب الجمهور يتحرك بالعاطفة. السؤال هنا: كيف يمكن أن تنعكس “العاطفة” على سلوك الناخبين؟ وهذا يقودنا إلى سؤال ممهد وهو: ما هو الخطاب العاطفي الذي ستستخدمه الأطراف المختلفة؟ من المتوقع أن تلجأ قائمة فتح إلى خطاب مركب يمزج بين العاطفة والعقل، فمن ناحية ستبرز تضحياتها التاريخية من شهداء وأسرى، ومن ناحية أخرى ستصدر خطاباً يشير إلى أن أداءها السياسي متوافق مع الشرعية الدولية، وبالتالي لن يجلب ذلك عقوبات للشعب الفلسطيني، وسيضمن استمرار تدفق الرواتب وعدم التعرض للحصار، علاوة على مهاجمة “الإسلام السياسي” ممثلاً بقائمة “القدس موعدنا”، وستسعى لاتهامها بممارسة الإقصاء والتكفير وقمع الحريات، بالإضافة إلى التبعية للخارج (إيران وقطر). مع تخوين لقائمة “المستقبل” واتهامها بالعمالة للخارج (أميركا والإمارات).
في المقابل يتوقع أن تلجأ قائمة “القدس موعدنا” إلى خطاب عاطفي مبني على تمجيد المقاومة والشهداء والأسرى، مع إذكاء روح التحدي للمحتل وأن التصويت للقائمة شكل من أشكال المقاومة ورفض التعايش مع الاحتلال، علاوة على مهاجمة النهج العلماني وضرورة التصويت للتوجه الإسلامي، مع وصم منافسها الرئيسي ممثلاً بفتح بممارسة التنسيق الأمني، واقتراف الخيانة، وقمع الحريات. وفي الوقت ذاته اتهام قائمة “المستقبل” بالتبعية للخارج، وأن قائمة “الحرية” لا تختلف عن قائمة فتح وأن التصويت لها سيصب في صالح فتح ومنظومة الفساد في النهاية.
في الجانب الآخر من المتوقع أن تجترح قائمة “المستقبل” خطاباً مزدوجاً قائم على مواجهة الحزبين الكبيرين، فمن جهة ستعلن محاربة الفساد والتفرد لدى القيادة الحالية بفتح، ومن جهة أخرى ستمارس خطاباً يدعي العقلانية والبحث عن المصلحة، من حيث قدرتها على فكّ الحصار عن القطاع وتوفير فرص عمل، وفتحٍ للمعبر بسبب علاقتها القوية مع مصر وحليفتها الإمارات، ولا يستبعد ترديدها شعار “بدنا نعيش” الذي استخدمه سابقاً حراك معارض لحكم حماس في القطاع، وأنه آن الأوان لقطاع غزة أن يعيش كباقي الشعوب بعيداً عن الحروب. علاوة على ذلك من المتوقع أن تركز في خطابها الداخلي التحشيدي على المناطقية، بحيث تحشد في قطاع غزة على أساس إنها قائمة “الغزازوة”، بينما في الضفة بأنها قائمة “المخيمات واللاجئين” حيث يتواجد ثقلها.
أما قائمة “الحرية”، فمن المتوقع أن تبني خطابها على فكرة إصلاح النظام القائم في الضفة واستبدال القائم في قطاع غزة الذي يمثل “الإسلام السياسي”، وعبر المزاوجة بين الجهد الديبلوماسي والممانعة للاحتلال من خلال المقاومة الشعبية، مع التركيز على شخص مروان البرغوثي وإبرازه كرمز للمقاومة بصفته أسير. بينما من المتوقع أن يفتقر اليسار إلى شعار جامع يحشد من خلفه الجماهير بسبب المأزق الذي يعيشه، لكنه سيركز في خطابه على فشل كلا الحزبين الكبيرين في إدارة السلطة. فيما سيطرح المستقلين والحراكات شعار رفض الحزبين الكبيرين وأنه قد آن الأوان لمن هم خارج منظومة الحكم “الفاشلة” أن يقودوا.
رابعاً: فرضية الماكينة الانتخابية:
ينطلق أصحاب هذه النظرية من اعتبار الماكينة الانتخابية هي المحدد الرئيسي لتحديد توجهات الناخبين، فمن يملك الماكينة الأقوى والأكثر تنظيماً سيحصد معظم الأصوات. والمقصود بالماكينة الانتخابية؛ البنى التنظيمية وطواقم العمل المنظمة التي تشرف على حشد الناخبين، والتواصل معهم بشكل مباشر وفردي، وجلبهم للاقتراع يوم الانتخابات.
يمكننا القول بالاستناد على التجارب الانتخابية في فترة ما بعد الانقسام، بوجود كتلة انتخابية صلبة وثابتة لكلا الحزبين الكبيرين تتراوح ما بين 25-30% لكل حزب من مجموع الناخبين، والصراع يدور بالعادة على الأصوات العائمة. أثبتت التجربة في الضفة الغربية وعبر سنوات الانقسام؛ وجود ماكينة انتخابية قوية جداً لقائمة فتح في الضفة، وماكينة متوسطة القوة للمستقبل، مع ماكينة أقل قوة لقائمة “القدس موعدنا” نتيجة الملاحقة الأمنية، وكذلك اليسار بسبب ترهله الداخلي وملاحقة بعض فصائله (الجبهة الشعبية). أما قائمة “الحرية” والمستقلين والحراكات، التي في مجملها تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، فتملك ماكينة “جنينية” (من “جنين” لم ينمو بعد بشكل كافٍ). في المقابل تملك فتح ماكينة متوسطة القوة في القطاع يقابلها ماكينة قوية للقدس موعدنا، إلى جانبها ماكينة قوية لكن بشكل أقل للمستقبل، وضعيفة لليسار، و”جنينية” للحرية والحراكات والمستقلين.
أثبتت تجربة الانتخابات البلدية، والنقابات، ومجالس الطلبة في الضفة (بعد الانقسام)، تفوّق ماكينة فتح وهيمنتها على المشهد الانتخابي، فغُرف العمليات المشتركة ما بين الأجهزة الأمنية والمكاتب الحركية لفتح أثبتت كفاءة عالية، وقدرة على حشد الأصوات، فهذه الغرف راكمت خبرة كبيرة وممارسة عملية طوال سنوات الانقسام، وقد أسست لبنية قوية تمكنها من السيطرة على أي عملية انتخابية في ظلّ عدم وجود ماكينة انتخابية مقابلها. لم تنجح حماس في الضفة في عدد من الاستحقاقات الانتخابية بسبب افتقارها للماكينة الانتخابية نتيجة الملاحقة الأمنية، وفي المواقع التي حققت فيها نتائج متقدمة كمجلس طلبة جامعة بيرزيت، مارس خلالها منتسبوها ما يشبه العمل “الفدائي”، فمعظم قادتها كانوا شبه “مطاردين” لا يبيتون في بيوتهم، خشية من التعرض للاعتقال، وإلى حدّ ما تكرر ذلك في انتخابات نقابة المهندسين وبشكل أساسي في نابلس.
في المقابل أثبت دحلان امتلاكه ماكينة منظمة في قطاع غزة، مكّنته من الفوز في عدة استحقاقات انتخابية من أهمها انتخابات نقابة العاملين في جامعة الأزهر، التي تعدّ معقلاً من معاقل فتح، بتفوقه على قائمة اللجنة المركزية بفتح. وهنالك أنباء صحفية عن فوز مناصريه في كثير من انتخابات التمهيدية “البرايمرز” التابعة لفتح في قطاع غزة، مما دفع اللجنة المركزية للتدخل باعتماد أسماء محسوبة عليها. أما ماكينة حماس في قطاع غزة فلم يتم اختبارها انتخابياً، لكنها أعطت مؤشراً على قوتها في قدرتها على الحشد في المناسبات المختلفة، من أهمها حفل الانطلاقة.
الخلاصة:
سيفوز بالنسبة الأكبر من الأصوات من يملك جميع أدوات التأثير؛ معاقبة الحاكم، والشبكة الزبائنية، والعاطفة، والماكينة. وبالتالي يوجد سيناريوهين رئيسيين متوقعين لنتائج الانتخابات، يتفرع عنهما عدة احتماليات:
1. سيناريو الوضع الراهن:
ضمن المعطيات الحالية لا توجد قائمة تملك جميع الأدوات في الضفة والقطاع. بينما توجد قوائم تملك أهم الأدوات، تملك قائمة فتح في الضفة: الشبكة الزبائنية، والعاطفة بشكل جزئي، والماكينة القوية، وتكمن نقطة ضعفها في معاقبة الحاكم، فيما تملكه في القطاع مع افتقارها للعاطفة بشكل كبير، وقدرة متوسطة للماكينة والشبكة الزبائنية. لذلك من المتوقع أن تفوز فتح بنسبة عالية في الضفة وبنسبة متوسطة إلى ضعيفة في القطاع.
تملك قائمة “القدس موعدنا” في القطاع ماكينة قوية وشبكة زبائنية وعاطفة، في حين تفتقر إلى معاقبة الحاكم، بينما في الضفة تفتقر للشبكة الزبائنية والماكينة القوية، وتملك العاطفة ومعاقبة الحاكم. لذلك من المتوقع أن تحصل على نسبة عالية في القطاع ونسبة متوسطة في الضفة.
تملك قائمة “المستقبل” في القطاع ماكينة وشبكة زبائنية قوية ومعاقبة الحاكم وعاطفة متوسطة، بينما تفتقد في الضفة إلى الماكينة والشبكة الزبائنية القوية والعاطفة. مما يقودنا للاستنتاج بأنها ستكون المنافس الرئيسي لقائمة “القدس موعدنا” في قطاع غزة، بينما ستكون ضعيفة في الضفة ومقتصرة على بعض المواقع الجغرافية.
لا تملك قائمة “الحرية” في الضفة والقطاع الماكينة أو الشبكة الزبائنية القوية، لكنها تملك معاقبة الحاكم وعاطفة متوسطة. وإلى حدّ كبير ينطبق الأمر على اليسار وقوائم المستقلين والحراكات. مما يدفعنا لتوقع عدم تحقيقها اختراق كبير في نتائج الانتخابات، إن لم تستطع حيازة باقي أدوات التأثير ومن أهمها الماكينة الانتخابية.
2. سيناريو تغير الوضع الحالي باتجاه امتلاك بعض القوائم أو إحداها لأدوات التأثير:
إذا عملت القوائم على تدارك نقاط ضعفها وامتلاك جميع الأدوات فهذا سيؤثر بشكل ملحوظ على النتائج، كسعي قائمة فتح في الضفة إلى التغلب على معاقبة الحاكم، بالتواصل مع الجمهور بشكل مكثف وإقناعه بأن معاقبة الحاكم سيضر بمصالحهم، ومحاولة تعزيز ماكينتها الانتخابية وشبكتها الزبائنية في قطاع غزة. نجاحها في ذلك سيزيد من حظوظها ونسبة الأصوات التي ستحصل عليها.
في المقابل إذا استطاعت قائمة “القدس موعدنا” استنهاض جمهورها في الضفة، وتشكيل ماكينة انتخابية ولو بشكل جزئي فستغير النتائج لصالحها، وستزيد من رصيدها، وهذا أمر ليس سهلاً بسبب الملاحقة الأمنية لكنه غير مستحيل، وبحاجة إلى قيادة “فدائية”، وجهد تنظيمي مكثف. أما إذا تمّ توفير أجواء حرية معقولة في الضفة، فإن القائمة ستكون قادرة على تفعيل شبكة أنصارها ومؤيديها الواسعة، وتحقيق نتائج متناسبة مع حجمها الحقيقي ومع شعبية خط المقاومة.
أما قائمة “المستقبل” في الضفة فتحتاج إلى بناء ماكينة وشبكة زبائنية أقوى، وعدم الاقتصار على المناطق خارج سيطرة السلطة، وهذا سيحتاج إلى جهد تنظيمي كبير، واستخدام خطاب وحدوي بعيد عن المناطقية والفئوية.
تستطيع قائمة “الحرية” في الضفة والقطاع تحقيق اختراق مهم وتشكيل مفاجأة في حال قامت ببناء ماكينة قوية، واستخدام معاقبة الحاكم والعاطفة بشكل فعّال ومدروس، مع صعوبة القدرة على بناء شبكة زبائنية في الفترة المتبقية لإجراء الانتخابات. وإلى حدّ كبير ينطبق الأمر على قوائم اليسار والمستقلين والحراكات. وهذا يحتاج إلى جهد كبير وقدرة تنظيمية عالية.
[1] باحث فلسطيني، وأسير محرر. مرشح لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية، ويتقن اللغة العبرية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29/4/2021
أضف ردا