توقَّعت حلقة نقاش عقدها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ومؤسسة القدس الدولية يوم الخميس 13/4/2023 بمشاركة نخبة من نحو سبعين من الخبراء والباحثين والمختصين في شؤون فلسطين والمنطقة، انهيار الائتلاف الحاكم في الحكومة الإسرائيلية، ومتابعة نتنياهو لبرامج التهويد مع تخفيف حدّتها واستخدام طرق ملتوية، واستمرار الصراع على هوية المسجد الأقصى.
وقد قُدّمت في هذه الحلقة، التي أدارها أ. د. محسن محمد صالح، خمس أوراق عمل، ناقشت التطورات الأخيرة في العدوان على الأقصى وتصاعد المقاومة ومساراتها المحتملة، وكانت أولاها للدكتور صالح النعامي الباحث المتخصّص في الشأن الإسرائيلي؛ أما الثانية فكانت للأستاذ زياد ابحيص الباحث المتخصص في شؤون القدس؛ وقدّم الورقة الثالثة الأستاذ ساري عرابي الباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني؛ بينما قدّم الأستاذ أسامة حمدان عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس الورقة الرابعة؛ وقدّم الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي خبير الدراسات المستقبلية الورقة الخامسة. كما شارك 14 من الخبراء والمتخصصين في مناقشة أوراق العمل، قبل أن يقوم مقدمو الأوراق في نهاية الحلقة بتقديم ردودهم وتوضيحاتهم.
استُهلّت الحلقة بعدد من التساؤلات حول تشكيلة الحكومة الإسرائيلية، وتأثير مشاركة الصهيونية الدينية فيها، وانعكاس البرنامج الذي حملته في العدوان على الأقصى والمقدسات، وكيف ستتصرف في ضوء الصمود الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، وفي ضوء ردود الأفعال العربية والإسلامية والدولية، وردود فعل المجتمع الصهيوني نفسه، وما هي المسارات المحتملة للأحداث.
ناقشت الحلقة العدوان على الأقصى كسياق موضوعي سوَّغ لتغيير قواعد الاشتباك، وأهداف التحرك الإسرائيلي لمواجهة تغيير قواعد الاشتباك، ودرء مخاطر تفجُّر المواجهة على ساحات متعددة، استراتيجياً وسياسياً، والبُعد الجغرافي لآليات التحرك الإسرائيلية المحتملة على الساحة اللبنانية، والسورية، وإيران، والمقاومة في الخارج والداخل.
وحدّدت الحلقة المتغيرات المحددة للسيناريو الأرجح الذي ستّتخذه حكومة نتنياهو للاستمرار في عملية التهويد، من خلال تحديد أربعة بدائل محتملة، هي: استمرار التهويد للأقصى وغيره بالعنف الصريح، واستمرار التهويد بطرق ملتوية، والتراجع التدريجي عن التهويد، والتراجع التام عن التهويد. كما حدّدت ستة متغيرات متحكّمة في حركية هذه البدائل، وهي: حرب أهلية يهودية بسبب الخلافات حول التعديلات القضائية، وكيفية مواجهة المقاومة الفلسطينية، وانهيار الائتلاف الحاكم، والدعوة لانتخابات جديدة، وتصاعد عمليات المقاومة ونشوب حرب إقليمية، والقلق من رد فعل عربي رسمياً وشعبياً خصوصاً في دول التطبيع، ورد الفعل الدولي رسمياً وشعبياً.
كما ناقشت الحلقة صعود الصهيونية الدينية الذي أدى إلى تغيير طبيعة الكيان الإسرائيلي كمشروع استعماري إحلالي؛ من الاكتفاء بالإحلال على مستوى الأرض والسكان إلى الإحلال الديني الذي يشكل الأقصى مركزه الأساسي ولكن لا يقتصر عليه. وقد شكّل استهداف المسجد الأقصى على مدى الأعوام الخمسة الماضية، من خلال تقاطع أعياد يهودية أساسية مع شهر رمضان، رافعة لتصعيد المسجد الأقصى إلى قلب الصراع كعنوان تفجير. كما أدّت معركة الاعتكاف في المسجد الأقصى واستخدام الاحتلال القوة لمنعه إلى الانفجار، بتدخل المقاومة في قطاع غزة، وجنوب لبنان، والجولان، والضفة الغربية.
وأكّدت حلقة النقاش أن مزاحمة المقاومة للاحتلال في تحديد ملعب المواجهة بإطلاق صواريخ من جنوب لبنان ومن الجولان واشتعال المقاومة في الضفة الغربية أدّت إلى إضعافه، وأحبطت محاولات الحكومة الإسرائيلية بفرض معادلة جديدة عليها.
وقد خلصت حلقة النقاش إلى أنه في الإطار الإسرائيلي، فإن احتمال انهيار الائتلاف الحاكم في الحكومة الإسرائيلية يميل للرجحان، يليه احتمال الدعوة لانتخابات جديدة، وسيُفضّل نتنياهو التهويد بطرق ملتوية، وسيعمل على البحث عن مخرج للتعديلات القضائية لضمان عدم التأثير على سياسة التهويد وتماسك الجبهة الداخلية، وعلى امتصاص رد الفعل العربي والدولي والفلسطيني من خلال التهويد التدريجي، وخصوصاً إعطاء فترات زمنية فاصلة بين الخطوة والأخرى. بالإضافة إلى توقّع تجنب الجانب الإسرائيلي المواجهة مع حزب الله، واحتمالية استهداف أهداف لحماس داخل قطاع غزة من أجل تقديم صورة نصر للمجتمع الصهيوني وترميم حالة الردع.
وتوقَّعت حلقة النقاش أن يستمر الصراع على هوية المسجد الأقصى، وأن التراجعات الإسرائيلية ستؤثر نسبياً على تماسك الائتلاف الحاكم وعلى صعود الصهيونية الدينية، وأن الصهيونية الدينية قد تدفع باتجاه سلوك مليشوي ضدّ الفلسطينيين، وضدّ الأرض والمقدسات وخصوصاً في القدس والأقصى.
وقد أوصت الحلقة بتعزيز مركزية القدس في التخطيط والخطاب، وتعزيز التعبئة الإسلامية تجاه المسجد الأقصى، وانخراط العلماء بشكل أكبر، وتعزيز دور الأقصى كعنوان لمصالحات حقيقية في المنطقة وعلى أساس وحدة العدو ووحدة المصير، وتعزيز الاستثمار في الفعل الشعبي في القدس والضفة الغربية، ومنع استفراد الاحتلال.
كما أوصت الحلقة بتعزيز نقاط الارتكاز خارج أراضي المقاومة، وتوسيع ساحة الدفاع عن المسجد الأقصى فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً (وعدم حصرها فقط في ساحات المسجد) لأنها تزيد من فرص هزيمة الاحتلال، ورأت الحلقة أنه يجب تكريس تنسيق وتعاون قوى المقاومة في المنطقة، وأن هذه فرصة للمقاومة لتحقّق اختراقاً مهماً في الصراع ضدّ الاحتلال الإسرائيلي. وأوصت حلقة النقاش بضرورة استعادة المقاومة عافيتها في الضفة، حتى تقوم بدورها الأساسي في إفشال المخططات الصهيونية.
ملخص مداخلات المشاركين
عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ومؤسسة القدس الدولية حلقة نقاش يوم الأربعاء 13/4/2023، عبر نظام مؤتمرات الفيديو “زووم”، تناولت العدوان على الأقصى وتصاعد المقاومة، واستشرافاً للمسارات المحتملة، بحضور ومشاركة نخبة مختارة من الخبراء والباحثين والمختصين في شؤون فلسطين والمنطقة.
افتتح مدير مركز الزيتونة الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح حلقة النقاش لافتاً إلى أنّ عقد الحلقة يأتي في ظلّ تصاعد العدوان على الأقصى ومحاولة فرض حقائق جديدة في المسجد مع تصاعد المقاومة وردّات الفعل، وذلك لمناقشة المشهد من جوانبه المختلفة وتقديم صورة متكاملة وناضجة تساعد في استخراج رؤية مستقبلية منهجية قائمة على أسس صلبة، ويمكن عبرها بناء قرارات وتوصيات في بنية تفكيرنا الاستراتيجي إزاء هذه القضية الحساسة.
قُدِّمت في الحلقة خمس أوراق عمل، قدم الورقة الأولى د. صالح النعامي، المختص في الشأن الإسرائيلي، حيث أجمل المشهد الإسرائيلي في ظلّ الحكومة التي شكّلها نتنياهو بالتحالف مع الأحزاب الدينية الحريدية والتيار الديني القومي المتطرف: المنعة اليهودية والصهيونية الدينية، وكلاهما ينتميان إلى التيار الديني الخلاصي الذي يؤمن بقدوم المخلص المنتظر، بعد اندلاع حرب يأجوج ومأجوج، وبناء الهيكل على أنقاض الأقصى.
وأشار إلى أنّه بخلاف الحكومة السابقة التي كانت تتبنّى إدارة الصراع، فإنّ الحكومة الحالية تتبنّى استراتيجية حسم الصراع، على مستوى الأرض والديمغرافيا والمقاومة، أما الأقصى فله خصوصية لدى المركبات الدينية في الحكومة التي تؤمن ببناء الهيكل على أنقاضه.
وقد عبّر إيتمار بن غفير عن مؤشرات الاتجاه للحسم في عدّة مظاهر، منها اقتحامه الأقصى كوزير للأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، والدعوة الصريحة للسماح لليهود باقتحام الأقصى، وإطلاق المجال لحركات الهيكل لفرض ممارساتها في الأقصى ضمن هامش حرية أكبر، وقد باتت هذه الحركات أكثر جرأة في طرح مطالبها مع صعود الصهيونية الدينية والمنعة اليهودية.
وقال النعامي إنّ حكومة الاحتلال باتت اليوم أمام تحديات جديدة كما ظهر في تغيّر قواعد الاشتباك مع المقاومة، بعد إطلاق الصواريخ من لبنان والجولان السوري وغزة، بما أربك الاحتلال، ووضع نتنياهو بين نارَي التحديات الأمنية من جهة، وحاجته إلى منع انهيار الحكومة من جهة أخرى.
وحذّر النعامي من أنّ حاجة الاحتلال إلى ترميم الردع وإلى إعادة شعبية الحكومة قد تدفعه إلى عمل عسكري لتحقيق هذه النتيجة، ومع سعيه إلى تجنّب مواجهة شاملة مع حزب الله، فإنّه قد يلجأ إلى عمليات “من دون توقيع” ضدّ أهداف للمقاومة في الخارج، واستهداف حماس في غزة لترميم الردع وتحسين المكانة السياسية للحكومة.
الورقة الثانية قدمها أ. زياد ابحيص، الباحث المتخصص في شؤون القدس، وبيّن ابحيص أنّ صعود تيار الصهيونية الدينية أدّى إلى تغيير في طبيعة هذا الكيان من كونه وطناً قومياً لليهود بطبيعة علمانية إلى وطن قومي لليهود كشعب وديانة، وأصبح معنياً بالمقولات الدينية؛ وهو ما أدى إلى تغيير في طبيعته الاستعمارية، إذ أضاف إليها بُعداً إحلالياً هو الإحلال الديني إلى جانب الإحلال على مستوى الأرض والسكان. وبات المسجد الأقصى المركز الأساسي للإحلال الديني، مع وجود مراكز أخرى، والهدف إزالة مقدسات إسلامية وإحلال مقدسات يهودية مكانها.
ووفق ابحيص، اتخذ الاحتلال استراتيجية متدرجة لتحقيق الإحلال الديني في الأقصى لصعوبة تحقيقه دفعة واحدة، وتقوم هذه الاستراتيجية على نقل الأقصى من مقدس إسلامي خالص إلى مقدس إسلامي يهودي مشترك تمهيداً لجعله مقدساً يهودياً خالصاً، وتجلت ضمن هذه الاستراتيجية محاولات تطبيق مخطط التقسيم الزماني ما بين سنتَي 2003 و2017، ثم التقسيم المكاني ما بين سنتَي 2013 و2019، ومع العجز عن تنفيذ أيّ من المخطَّطين تبنت جماعات الهيكل فكرة التأسيس المعنوي للهيكل، عبر فرض الطقوس التوراتية في الأقصى للقول إنّه الهيكل المزعوم.
وبرز استهداف الأقصى في رمضان على مدى السنوات الخمس الماضية، لتقاطع الأعياد اليهودية القومية أو الدينية مع الشهر، واستخدم الاحتلال التقاطع للقول إنّ الزمان الإسلامي لا يعلو في الاعتبار على الزمان اليهودي، ولمحاولة إعادة تعريف الأقصى كمقدس مشترك، والقول إنّ شرطة الاحتلال تدير المكان كمقدس مشترك فيما يقتصر دور الأوقاف الإسلامية على إدارة الحضور الإسلامي في المسجد.
وفي ما خصّ معركة الاعتكاف، قال ابحيص إنّ الاحتلال كان يطوّر أدواته منذ سنة 2013، لكشف الغطاء البشري عن المسجد، فلجأ المقدسيون إلى الاعتكاف، الذي يبدأ بعد العشاء والتراويح، ما يوفر وجوداً إسلامياً حتى صلاة الفجر. وفي هذه السنة، كان الاحتلال يريد منع الاعتكاف بأي شكل من الأشكال، واستطاع جرّ الأوقاف لتوفير غطاء يضفي شرعية إسلامية على منع الاعتكاف، ويوحي أنّه قرار إداري وليس متعلقاً بإرادة الاحتلال، عبر قرار حصر الاعتكاف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان. لكن المعتكفين كسروا قرار الأوقاف التي وضعت تحت ضغط شعبي عربي وإسلامي، ما أدى إلى إعلان مجلس الأوقاف أن الأقصى مفتوح للاعتكاف. وعلى الرغم من ذلك، حاول الاحتلال منع الاعتكاف، لكنّ الفلسطينيين أصرّوا على المضي فيه وعدم الخضوع لإرادة المحتل.
وتوقَّع ابحيص استمرار تصاعد الصراع على هوية الأقصى باعتبار أنّ مسألة تهويده باتت مركزية لدى النظام السياسي الصهيوني، والمحطات الأقرب المتوقعة للتصعيد هي 19/5/2023 و27/7/2023 التي يمكن أن تشهد توترات قريبة لما تشهده الفترة الحالية.
وقدّم الورقة الثالثة أ. ساري عرابي، الباحث المختص في الشأن الفلسطيني، وأشار إلى حالة التداخل بين الأقصى والضفة الغربية والمقاومة فيها، موضحاً أنّ الفلسطينيين في الضفة لديهم ارتباط عاطفي كبير بالأقصى، خصوصاً من يعيشون في ضواحي القدس ولا يحملون هوية مقدسية، فلا يستطيعون الوصول إلى الأقصى لأن الاحتلال يمنعهم من دخول القدس، خصوصاً في شهر رمضان.
وقال عرابي إنّ الاحتلال يعمل بنَفَس طويل وإرادة المراكمة وتثبيت الوقائع، لتثبيت الوقائع الاستعمارية التي يمضي على تثبيتها بشكل لحوح منذ سنة 2000، ولذلك على الفلسطينيين أن يعملوا على تثبيت حالة نضالية وحالة اعتصام ورباط مستمرة، والسعي للتحايل على إجراءات الاحتلال وفرض البدائل بشكل دائم.
ولفت عرابي إلى أنّ حالة المقاومة في الضفة متداخلة مع التطورات في المسجد الأقصى، كما لاحظنا في هبّة القدس 2014 و2015، وثمة عدة عناصر تكرس حالة المقاومة في الضفة الغربية، وهي حالة مستمرة منذ سنة 2014 وليست مستجدّة. وقد كانت سنة 2014 مركزية في تطوير الوعي في الضفة، فيما أعطى سنة 2021 دفعة أكبر لحالة المقاومة حيث نشأت تشكيلات مسلحة تركّزت في مخيم جنين ومدينة نابلس بشكل أساسي. وعلى الرغم من بعض الانتقادات والملاحظات على هذا النمط من العمل المقاوم في الضفة، إلا أنّه كان مفيداً لأنه وفَّر واقعاً جديداً شمال الضفة وقيَّد يد السلطة الفلسطينية، وشكّل حالة إلهام من خلال نمط المواجهة والاشتباك مع الاحتلال وأعداد الشهداء.
وأشار إلى أنّ الاحتلال يراهن على أنّه هو من يدبر ويهندس ملعب المواجهة، وأن المقاومة في غزة لها حيثياتها وحساباتها، ويراهن على أنه يملك اليد العليا في ساحة الضفة الغربية؛ وعليه، فمدافعة الاحتلال ومزاحمته على هندسة الملعب وتوسيعه مهمة جداً بإيجاد نقاط ارتكاز خارج فلسطين المحتلة.
أما أ. أسامة حمدان، عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس، فقدّم الورقة الرابعة مبيناً أنّ ثمّة محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وبناء معادلة جديدة تقوم على إنهائها بدلاً من إدارة الصراع، وهذا واضح من مسار العدوان على الأقصى، ومن المسار السياسي والتعامل مع السلطة الفلسطينية.
وقال إنّ الاحتلال استعمل استراتيجية ذات بُعدين، إذ استفاد من الحراك الديني الذي تقوم به الجماعات الدينية التي تتحدث عن الهيكل، ومن البُعد السياسي، إذ ثمة حرص إسرائيلي على تكريس القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وأيّ تحولات في الأقصى تعني تحولاً في بيئة القدس على المدى المتوسط وليس البعيد فقط، والمطلوب كان عدم السماح للاحتلال بفرض معادلة جديدة.
ولفت إلى أنّ الحكومة لديها أزمة داخلية، تسعى إلى تغيير بعض ركائز الواقع الصهيوني، ومن أهم هذه التغييرات؛ التغيير في النظام القضائي، وفي إدارة العملية الأمنية والعسكرية التي كان لها تقاليد ثابتة في المجتمع السياسي الصهيوني، سواء في إنشاء ما يسمى الحرس الوطني، أم في بعض المواقف لإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، والخلافات بين سموتريتش ووزير الجيش حول عدد من الصلاحيات.
كذلك، فإنّ حكومة الاحتلال لها تموضع سياسي لا ينسجم مع الرغبة الأمريكية في تهدئة الأوضاع في المنطقة، من أجل بناء معادل ترتكز إلى مآلات الحرب الأوكرانية، وهي تعاني ردعاً نسبياً تجاه المقاومة، ورأينا ذلك في ردة الفعل المحدودة على إطلاق الصواريخ من لبنان أو عمليات المقاومة.
وفي واقع الصراع مع العدو، فإنّ المعادلة الدولية تتغير، وعلينا أن نراقب التغير ونتفاعل معه بما يخدم المشروع الفلسطيني المقاوم ومشروع التحرير. وهذا يعني أن ثمة حاجة إلى جهد أوسع يتعلق بالأمة، ولا بدّ من تكريس معادلة أنّ الحفاظ على الأقصى لا يتعلّق بالفلسطينيين وحدهم، ولا بدّ من أن تصبح معادلة الصراع مع أمة مركزيتها في القدس والأقصى.
وقدَّم خبير الدراسات المستقبلية أ. د. وليد عبد الحي الورقة الخامسة التي استشرف فيها السيناريو المتوقع للعدوان على الأقصى، وعبر تطبيق أسلوب المحاكاة المتّبع في الدراسات المستقبلية، لحظ أربعة سيناريوهات أمام نتنياهو في ظلّ نظرته إلى مصلحة دولة الاحتلال الاستراتيجية، وسعيه إلى منع انهيار حكومته، ورغبته في مراعاة طموحاته الشخصية، وهذه السيناريوهات هي استمرار التهويد بالعنف من دون تراجع أو مساومة، واستمرار التهويد بطرقٍ ملتوية ومتدرجة، والتراجع التدريجي عن التهويد، والتراجع التام عن التهويد.
وبالمقابل، لفت إلى ستة متغيرات يمكن أن تؤثر في قرار نتنياهو بخصوص السيناريوهات المتاحة أمامه، وهذه المتغيرات هي المأزق الداخلي في دولة الاحتلال، وتراجع الاستقرار السياسي، وانهيار الائتلاف الحاكم، والدعوة لانتخابات جديدة، وتصاعد عمليات المقاومة ونشوب حرب إقليمية، والقلق من ردّ فعل عربي وإسلامي، رسمي وشعبي، ورد الفعل الدولي على المستوى الرسمي والشعبي.
وبعد قياس التفاعل بين السيناريوهات والمتغيرات، بيّن عبد الحي أن السيناريو الأفضل لنتنياهو هو التهويد بطرق ملتوية ومتدرجة، بحيث يستمر التهويد عبر إجراءات تشهد فترات فاصلة بين خطوة التهويد والخطوة التي تليها.
وكانت هناك مداخلات مهمة من عدد من الخبراء والمختصّين؛ واختُتمت الجلسة بإجابات وتوضيحات مقدِّمي المداخلات على تساؤلات المناقشين وملاحظاتهم.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 14/4/2023
حلقة حواريه جيدة واتمنى ان تفضي لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وجلب مزيد من الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية اقليميا ودوليا