إعداد: أ. د. وليد عبد الحي.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).
مقدمة:
من غير الممكن عزل مكونات منظومة القيم في أي مجتمع من المجتمعات عن بعضها ومحاولة تأصيل ظهورها وتطورها كلّ على انفراد، فمنظومة القيم نسيج متداخل يتطور بتفاعل صامت بين التاريخ والجغرافيا وآليات نشوء وارتقاء البنية الاجتماعية بمعناها الواسع ومن منظور دارويني أحياناً ومنظور هيغلي جدلي أحياناً أخرى، ثم ثالثاً من منظور خلدوني من زاوية نقل منظومة القيم بين وحدات المجتمع من أفراد وجماعات وتنوعات عرقية ودينية…إلخ.
للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي: >> ورقة علمية: مركزية القوة في إدارة التفاوض السياسي الأمريكي … أ. د. وليد عبد الحي (20 صفحة، 5 MB) |
لكن لكل منظومة قيمية في أي مجتمع من المجتمعات سُلَّمٌ قيمي فيه تراتبية للقيم العليا والقيم الوسطى والقيم التابعة، وتتحكم القيم العليا في السلوك العام عبر الوعي العقلي أو تستبطنها الروح العامة بالمنظور الفرويدي.
نزعم في هذه الدراسة أن القوة (بشقيها الخشن والناعم) والبراجماتية (الفكرة صحيحة بمقدار النفع المترتب عليها) هما سنام منظومة القيم الأمريكية، وهو ما يستوجب معه إدراك أن المفاوض أو السياسي الأمريكي يتصرف مع الآخرين وهو مسلح، في وعيه ولا وعيه، بهاتين القيمتين، وهو يفهم القيم الأخرى ويخضعها لتأويلات تجعلها متسقة مع قيمه العليا، وهو الأمر الذي يغيبه المفاوض العربي الرسمي عند التفاوض مع الأمريكيين، ونموذجه المعاصر جولات التفاوض الحالية حول تداعيات طوفان الأقصى.
وسنحاول أن ندلل في هذه الدراسة على فرضيتنا بأن القوة هي القيمة العليا في منظومة القيم الأمريكية، وسيتم ذلك من خلال مؤشرات متعددة تفسر لنا أن السلوك السياسي الأمريكي، خصوصاً مع المنطقة العربية، ليس منفصلاً عن بنية هذه المنظومة القيمية، وهو ما يستوجب مراعاته عند التفاوض مع الأمريكي، ولا يجوز إسقاط منظومتنا القيمية على توقعاتنا للسلوك الأمريكي، بل يجب فهم السلوك الأمريكي الظاهر والباطن من خلال حضور القوة والبراجماتية في منظومته المعرفية.
أولاً: منشأ فكرة القوة في المجتمع الأمريكي:
أزعم أن “أغلب” المجتمعات الاستيطانية الكولونيالية[2] تجعل من القوة القيمة الأعلى في منظومتها القيمية (أمريكا، “إسرائيل”، جنوب إفريقيا العنصرية، روديسيا، فرنسا في الجزائر…إلخ)، وعندما نقول القيمة العليا فهذا يعني أن هناك قيم أخرى في السلم القيمي في كل مجتمع، لكن الفارق بين المجتمعات ليس في تعداد “القيم” بل في سُلم ترتيب القيم بين القيم العليا والقيم الوسطى والقيم الدنيا، وسأقف عند نموذج المجتمع الأمريكي الذي نشأ بالقوة عبر تحدي عددٍ من المغامرين هول المحيط الأطلسي في أواخر القرن الخامس عشر بقيادة كولومبوس Columbus، ونجحوا في ذلك، ثم قاموا بتصفية دموية للسكان الأصليين من قبائل الهنود الحمر عبر شنّ القوات الأمريكية ما يقارب 1,500 هجوم عسكري، فانخفض عدد المواطنين من أهل البلاد على النحو الذي يوضحه جدول رقم 1:[3]
جدول رقم 1: عدد السكان الأصليين للولايات المتحدة
السنة | عدد المواطنين من الهنود | النسبة المئوية من إجمالي السكان (%) |
1492 | 5 مليون | 100 |
1800 | 600 الف | 10.15 |
1900 | 237 الف | 0.31 |
ونظراً لنجاح موجات المهاجرين البيض من أوروبا خصوصاً في ممارسة القوة مع الطبيعة (عبور المحيط الأطلسي بقوارب شراعية) والسيطرة على السكان الأصليين (الهنود الحمر وغيرهم)، تكرست فكرة القوة في المنظومة القيمية، وأصبحت القوة مظهراً متكرراً في مناحي الحياة الأمريكية المختلفة، وهو ما جعل مساحة أمريكا تتضاعف بين 1783 و1853 ما مجموعه ثلاثة أضعاف.[4] ويرى تيار واسع من المؤرخين الأمريكيين أن جذور العنف ونزعة القوة في الثقافة الأمريكية مرتبطة بآليات نشوء المجتمع الأمريكي والصراع بين أنماط ثقافية متنوعة من المستوطنين، والصراع بين الشمال والجنوب في الحرب الأهلية، وهو ما أعلى من قيمة القوة في السلم القيمي، فنجاح الطرف الأقوى خلال مرحلة السعي لتحقيق نظرية “بوتقة للصهر Melting Pot” في المجتمع الأمريكي عززت من فكرة القوة (ويجب ملاحظة دلالات تعبير “الصهر وليس التعددية الثقافية” مما يعزز فكرة استبطان القوة في العقل الجمعي.[5] وعليه، فإن سلسلة النجاح في استخدام القوة عزز من مركزيتها في المنظومة القيمية.
ثانياً: انعكاس فكرة القوة في الفضاء العام الأمريكي:[6]
تجمع الدراسات الأكاديمية على الدور الحاسم للبيئة العامة للمجتمع في تحديد مستويات العنف وأشكاله، وتمثل الثقافة العامة ومكانة القوة والعنف في المنظومة القيمية للمجتمع عاملاً مركزياً في السلوك العام بما فيه السلوك السياسي الذي يعنينا هنا، وعليه لا يمكن فصل بنية المنظومة القيمية وتجسداتها الثقافية العقلية والوجدانية للمجتمع الأمريكي عن دور القوة في السلوك السياسي، ويمكن تلمس أثر ذلك في الولايات المتحدة في عدد من مؤشرات الثقافة في المجتمع الأمريكي، على النحو التالي:
1. الأدب الأمريكي:
تتصدر بعض الروايات الأدبية الأمريكية المشهد الروائي الأمريكي، ويكفي عرض خمسة نماذج تعد هي الأولى من حيث الترتيب من وجهة نظر المتابعين للشأن الأدبي الأمريكي، ويتبين من عرض هذه الروايات الفكرة الرئيسية في كل منها:[7]
• رواية أن تقتل طائراً بريئاً To Kill a Mockingbird: تدور حول الاغتصاب والقتل والعنصرية.
• رواية جاتسبي العظيم The Great Gatsby: تتركز حول ملابسات عاطفية تقود إلى القتل.
• رواية الحارس في حقل الشوفان The Catcher in the Rye: دور القوة في مواجهة الأحزان المختلفة.
• رواية عناقيد الغضب The Grapes of Wrath: تربط بين القوة في مواجهة كل من التحولات في الطبيعة ومعاناة الفلاحين الطبقية.
• رواية الشيخ والبحر The Old Man and the Sea: صراع بحار ضدّ الحيتان وتأكيد القوة والإرادة.
إن تعبير آرنست همنغواي Ernest Hemingway في رواية الشيخ والبحر بأن “الانسان قد يُدمر لكنه لا يُهزم” تلخص العقل الأمريكي، وهو التوجه نفسه الذي تتضمنه رواية الصخب والعنف The Sound and Fury لوليم فولكنر William Faulkner، وهو المضمون نفسه الذي يظهر في الإيقاعات الموسيقية والرقص…إلخ. ويكفي على سبيل المثال مراقبة الأغنية الأمريكية المشهورة This is America التي تدور حول العنف ضدّ السود.[8] كما يمكن تلمس ثقافة العنف والقوة في الرقص الأمريكي، فلماذا لا نجد رقصاً كالباليه Ballet ينشأ في المجتمع الأمريكي بل نجد موسيقى وأغنية أميل في إيقاعها للقوة، وهو ما جعل كاتباً أمريكياً يشير إلى “أني أتساءل لماذا يتم التركيز في الكثير من خطابنا الثقافي في موسيقى الرقص، سواء المكتوبة أم الشفوية، على نوع محدد جداً من المفردات هي لغة العنف المتأصل؟”.[9]
2. في الفكر النظري السياسي:
هل هي صدفة أن أنبياء القوة في التنظير للعلاقات الدولية المعاصرة والحديثة من آرنولد نيبور Arnold Niebuhr “الذي فسّر الخطيئة بأنها دليل على ميل الأفراد لانتزاع عرش الرب”… إلى هانز مورغانثو Hans Morgenthau، وكل مُفكِّري النظرية الواقعية والواقعية الجديدة تركزوا في أمريكا، أو تأثروا بمفكري القوة خارج الولايات المتحدة،[10] كما تدل دراسة لسيناتور أمريكي أن الولايات المتحدة بسياساتها الخارجية أسهمت في عولمة العنف وتغليب القوة في تسوية النزاعات الدولية بسبب العدد الهائل لتدخلاتها العسكرية في الدول الأخرى، وهو ما عزَّز نزعة اللجوء للقوة في العالم ككل.[11] وهو ما سنعود له لاحقاً في هذه الدراسة.
3. العلاقات الاجتماعية:
من حقنا أن نتساءل: هل هي صدفة أن أعلى معدل جريمة في العالم الصناعي هو في الولايات المتحدة، وبنسبة ستة أضعاف نسبتها في أوروبا، على الرغم من أن معدل الدخل في الولايات المتحدة من أعلى معدلات الدخل في العالم، بل لو قسمنا العالم إلى فئات حسب درجة العنف الاجتماعي والجريمة، فإن الولايات المتحدة تقع ضمن الدول الأعلى في هذا البعد،[12] أليس ذلك تعبير عن “الروح العامة للمجتمع الأمريكي”؟
ويعيد الباحث الأمريكي آلين ريتشارد Alain Richard كل ذلك إلى ما أسماه “ثقافة السوق Market Culture”، حيث يرى أن هذه الثقافة والتي هي جوهر النظام الرأسمالي “أخطر من الحروب الاقتصادية”، بحكم تأجيج النزعة الاستهلاكية من ناحية والمنافسة بين المنتجين من ناحية ثانية، مما أرسى “استبدال المبادئ الأخلاقية بالمبادئ التي تمّ وضعها لتحقيق النجاح المادي لنظام السوق قسراً”.[13]
4. القوة الناعمة: السينما الأمريكية:
يعد منهج تحليل المضمون Content Analysis منهجاً مقبولاً لتحديد توجهات الأفلام السينمائية للكشف عن منظومات القيم السائدة في المجتمع موضوع الدراسة، وقد كشفت عدة دراسات اعتمدت هذا المنهج عن النتائج التالية: [14]
أ. توصلت دراسة أمريكية من خلال تحليل مضمون 390 فيلماً أمريكياً خلال الفترة من 1985-2010 (أي ربع قرن)، أن 90% منها اشتملت على مشاهد عنف جسدي مختلفة.
ب. في دراسة تحليل مضمون أخرى لما مجموعه 32 فيلماً أمريكياً خلال الفترة الممتدة من 1970-2002، قام الباحث بمقارنة مستويات العنف والقوة بمظاهرها المختلفة (القتل، والسلاح، والسكاكين، والدم…إلخ)، فتبين له:
• التزايد عبر الزمن في مؤشرات العنف في مضامين هذه الأفلام، أي أن نسبة ومضمون العنف في الفيلم الأمريكي يتزايد باستمرار من عقد لآخر، مما يعزز من مركزية القوة.
• إن مدة عرض مشاهد العنف تزداد عند حساب مساحتها الزمنية في كل فترة، فطول مدة عرض مشاهد العنف والدم تزداد، كما أن عدد مشاهد العنف وتكرار ظهور الدم تزداد بشكل خطي.
ج. تتطابق نتيجة الدراستين السابقتين مع نتيجة دراسة أخرى شملت 2,094 فيلماً شعبياً تغطي عقدين كاملين في الفترة من 1992-2012، وتمّ اختيار معدل متقارب وهو مئة فيلم لكل عام، وتمّ اعتماد الأفلام التي حققت أكبر قدر من مبيعات التذاكر لأن ذلك يشير إلى درجة الإقبال عليها، وخلصت هذه الدراسة إلى:
• أن المقارنة بين السنوات العشرين التي تغطي الدراسة تشير إلى كثافة متزايدة في مشاهد العنف في الأفلام التي غطتها الدراسة.
• أن هناك علاقة طردية بين كثافة العنف في مشاهد الفيلم وبين نسبة مبيعات التذاكر.
د. في دراسة أخرى تتناول انعكاس فكرة القوة والسوبرمان في أدبيات الفيلسوف الألماني نيتشة Nietzsche على السينما الأمريكية، تصل الدراسة إلى النتائج التالية:
• يرى نيتشه أن منطق القوة هو الحقيقة الأسمى التي يسعى لها الإنسان الأعلى (السوبرمان)، وتتمحور أفلام الكاوبوي Cowboy الأمريكية حول “القوة” للسيطرة على الآخرين بغض النظر عن عدالة هذه السيطرة أم لا، وهي مطابقة لفكرة نيتشه.
• محاولة تكريس فكرة أن استخدام القوة هي القانون الطبيعي للتغلب على كل الصعاب، أي كأننا نعيد مقولة الأديب الأمريكي الأشهر آرنست همنغواي في خلاصة روايته الشيخ والبحر بأن الإنسان قد يُدمر لكنه لا يُهزم، التي أشرنا لها.
وعند الانتقال إلى النظر في أفلام الكرتون “للأطفال” تتضح المسألة بشكل أكبر، ويكفي لتوضيح الفكرة التوقف عند المسلسل الكرتوني الشهير “توم آند جيري Tom and Jerry” كتمثيل للصراع الأبدي بين القوة العضلية والقوة العقلية، أما “البحار بوب آيPopeye the Sailor”، فإنه تمثيل واضح جداً لفكرة القوة، فهذا البحار الضعيف الذي يضربه “بلوتو Bluto” باستمرار لا يستطيع الدفاع عن نفسه إلا باستخدام السبانخ وسكبه في غليونه (والسبانخ غني بالحديد رمز القوة)، وبعد سكب السبانخ تنتفض عضلات “بوب آي” لتكريس فكرة الربط بين القوة والحديد. أما فيلم نقار الخشب Woody Woodpecker الذي يكرس الفكرة نفسها من خلال حفر جذع الشجرة بقوة منقاره ليبني العش، أي أن صناعة الحياة تحتاج للنقر أي القوة،…إلخ. وقد أوضحت دراسة اعتمدت تحليل مضمون ثمانية أفلام أطفال أمريكية من ضمن 23 فيلماً للأطفال أن المعدل لمشاهد العنف في هذه الأفلام يصل إلى مشهد عنف كل 1.7 دقيقة (أقل من دقيقتين)، لكن اللافت الأكثر خطورة أن أغلب مشاهد ممارسة العنف تتم من قبل “الطيبين أو الخيرين” في الفيلم وليس من قبل الشريرين، مما يكشف عن تمجيد ضمني للقوة والعنف ويتم زرعه في المنظومة المعرفية للطفل المتلقي.[15]
5. الرياضة:
تربط بعض الدراسات الكمية بين صدارة رياضات القوى (خصوصاً المصارعة والملاكمة) في الولايات المتحدة وبين مركزية القوة، فغالباً تتصدر الولايات المتحدة في دورات الأولمبياد العالمية عدد الميداليات الذهبية في هذا المجال منذ سنة 1904 إلى سنة 2022،[16] كما أنها تحظى بشعبية واسعة في الشارع الأمريكي، وهو امتداد لما أشرنا له في مضمون أفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية الأمريكية التي تروج بشكل واسع لثقافة القوة والعنف، وهو ما أنتج ثقافة تنطوي على شعارات مثل “قانون القبضة Fist وقانون البندقية Gun”. [17]، بينما لم تصل الولايات المتحدة في أيّ دورة أولمبية إلى نهائي كرة القدم التي هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، والتي تعتمد على المهارات الفنية أكثر من اعتمادها على القوة البدنية كالمصارعة والملاكمة. ويفسر كاتب أمريكي متخصص في هذا المجال بأن ذلك عائد لأسباب “بنيوية وثقافية”.[18]
6. السلوك السياسي الأمريكي:
تمثل البنية الداخلية والمنظومات القيمية والنشوء التاريخي مصدراً لا جدال في دورها في تحديد السلوك السياسي الخارجي، فكيف انعكست بنية مجتمع استيطاني نشأ بالعنف بل وتبناه على السلوك السياسي في الولايات المتحدة؟ ولا شكّ أن الشعار الذي طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب Donald Trump “أمريكا أولاً America First ” ليست إلا انعكاساً لزهو القوة الكامن في العقل الباطن الجمعي للمجتمع الأمريكي، ولكي ندلل على ذلك نتوقف عند المؤشرات التالية في السلوك السياسي الخارجي الأمريكي:
أ. العنف العضوي: التدخل العسكري الخارجي:
لا بدّ من التنبه إلى مسألة يحاول الإعلام الأمريكي تمويهها، وهي القضية المتعلقة بالعنف الذي هو في نهاية الأمر تعبير عن القوة، فالأدبيات الرأسمالية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص تقتصر مفهوم العنف على “العنف العضوي Somatic violence”، أي الإيذاء الجسدي خصوصاً في الحروب، بينما يجري تغييب “العنف البنيوي Structural Violence”، أي أن تضع الأفراد أو الجماعات في ظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تقودهم باتجاه الجوع والمرض والفقر والجهل والموت…إلخ،[19] فالاستيطان الصهيوني مثلاً هو عنف بنيوي، ونهب الشركات متعددة الجنسية للثروات في العالم النامي هو عنف بنيوي، والحصار أو العقوبات الاقتصادية على بعض المجتمعات يندرج في إطار العنف البنيوي، وإجراء التجارب النووية والتلويث للمناخ طمعاً في زيادة الإنتاج الصناعي هو أيضاً شكل من أشكال العنف البنيوي. ويكفي أن نشير إلى أن إحدى الدراسات وجدت أن سياسات الحصار الاقتصادي الأمريكية تقود إلى انخفاض في معدلات الأعمار وزيادة الأمراض، بل إن إحدى التقديرات أشارت إلى أن الوفيات بسبب الحصار الاقتصادي يفوق بنسبة أربعة أضعاف قتلى الحروب الأهلية، فإذا علمنا أن الولايات المتحدة فرضت الحصار خلال القرن الماضي نحو 110 مرات على مختلف الدول، ندرك مفهوم العنف البنيوي في العقل السياسي الأمريكي وتأثير ثقافة القوة.[20]
تكشف لنا الدراسات المتخصصة لتوظيف الولايات المتحدة للعنف العضوي أن الولايات المتحدة قامت بـ 393 تدخلاً عسكرياً خارجياً خلال الفترة من 1776 (تاريخ الاستقلال الأمريكي) إلى سنة 2023، موزعة على النحو الذي يوضحه الجدول التالي:[21]
جدول رقم 2: التدخلات العسكرية الأمريكية في العالم من 1776–2023
الفترة الزمنية | 1945-1776 | 1991-1946 | 2023-1992 | عدد التدخلات في المنطقة العربية من 1945-2023 |
عدد التدخلات الكلي | 207 | 114 | 72 | 77 |
المعدل السنوي للتدخلات | 1.22 | 2.53 | 2.32 | 1 تقريباً |
وتشير دراسات التدخل الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة كانت تمارس نمطين من التدخل: عرض العضلات للردع والترهيب أو التدخل المباشر، لكن النمط الثاني أخذ يتزايد تدريجياً على حساب الأول، وما يؤكد ذلك أن العالم عرف خلال الفترة 1945-2023 ما مجموعه 248 حرباً كان منها 186 حرباً شنتها الولايات المتحدة، أي أن الولايات المتحدة كانت مسؤولة عن 75% من هذه الحروب.[22]
ب. العنف البنيوي:
تزداد مركزية القوة وضوحاً في السلوك السياسي الأمريكي عند مقارنة الولايات المتحدة ببقية دول العالم في مجال استخدام القوة الاقتصادية ضدّ الدول الأخرى من خلال الحصار الاقتصادي، فخلال الفترة 1914-2000، فرضت دول العالم ضدّ بعضها حصاراً اقتصادياً بلغ 204 مرات، كان نصيب الولايات المتحدة منها هو 140 مرة، أي ما يعادل 68.6% من مجموع حالات الحصار لدول العالم كلها،[23] وهي نسبة مقاربة لنسبة العنف العضوي الأمريكي.
وما يعزز النزعة التدخلية ويعزز فكرة القوة في المنظومة القيمية للمجتمع هو مستوى النجاح في التدخل العسكري، وطبقاً لدراسة أمريكية متخصصة تناولت نتائج 145 تدخلاً عسكرياً أمريكياً بين الفترة 1898 و2016، تبين أن الولايات المتحدة حقَّقت الأهداف المسطرة للتدخل بشكل كبير في 63% منها، بينما فشلت بشكل واضح في 8%، وغلب على 29% منها التحقيق النسبي للأهداف،[24] وما يؤكد العلاقة بين النجاح في التدخل وزيادة مكانة القوة هو أن الدراسة ذاتها تؤكد أن النجاح دفع الولايات المتحدة لزيادة طموحاتها التدخلية “العضوية والبنيوية” عدداً وأهدافاً.
ثالثاً: علاج فشل القوة أمريكياً:
من المتعذر على الباحث أن يجد دولة في التاريخ كله لم تعرف طعم الهزيمة العسكرية بشكل أو آخر، لكن أياً منها لم تشكل له الهزيمة “عقدة سيكولوجية” كما وقع مع الولايات المتحدة في فييتنام، إلى الحد الذي تداولت فيه الأدبيات الأمريكية مفهوم “متلازمة فييتنام Vietnam Syndrome”، أي الخوف من التدخل العسكري، وهنا تفتق العقل الأمريكي، كما يقول أكاديمي أمريكي متميز، عن حلّ لهذه العقدة من خلال القيمة العليا وهي القوة الناجحة، فما أن انتهت ذيول الحرب الفييتنامية حتى شرعت الولايات المتحدة في سلسلة من التدخلات السريعة بهدف استعادة الثقة في القيمة العليا وهي القوة،[25] فتدخلت خلال الفترة 1975-1999 في عشر دول هي: إيران (1980)، ولبنان (1982-1984)، وغرينادا (1983)، وليبيا (1986)، وبنما(1989)، والخليج العربي (1990 – الآن)، والصومال (1992-1993)، وهاييتي (1994)، والبوسنة (1995)، وكوسوفو (1999)، وتتسم أغلب هذه التدخلات العسكرية بقدر من النجاح مما طمس آثار متلازمة فييتنام، أي أن تحقيق سلسلة من النجاح المضطرد في استخدام القوة أعادت للقوة ألقها في الوجدان الأمريكي، وظهرت الحالة الفييتنامية كحالة شاذة لا يُقاس عليها.
إن المجتمع الذي قتل “القس المعمداني الأسود” مارتن لوثر كنغ Martin Luther King صاحب الحلم بالمساواة I have a Dream، وداعية السلام وحقوق الإنسان والمحبة،[26] هو المجتمع نفسه الذي لم يكف عن التصفيق لمحمد علي كلاي الملاكم الأبرز عالمياً، فالأول كان ينادي لقيم لا تتسق والمنظومة القيمية الأمريكية وتفارقها، بينما الثاني كان يجسد بقبضته رمز القوة التي هي مركز تلك المنظومة.
رابعاً: الإطار التفصيلي لإدارة التفاوض مع الأمريكي:
تميل أغلب دراسات إدارة التفاوض إلى أهمية فهم منظومة القيم الثقافية للطرف الآخر، وهو ما يساعد على توظيف هذا الفهم في التعامل مع ذلك الطرف الآخر، ويتم التركيز في هذا الجانب على مجموعة من الأبعاد ذات البعد الثقافي والقيمي المتداخل مع المصالح وتحقيق أكبر المكاسب أو أقل الخسائر على النحو التالي:[27]
1. التعاقد أم العلاقة: بمعنى هل هدف فريق التفاوض أن يتوصل مع الآخر إلى عقد محدد أم إلى جعل ذلك نقطة بداية لعلاقة يجري التخطيط لتطويرها مستقبلاً؟
2. السعي لتفاوض صفري أو غير صفري: بمعنى هل الهدف هو الانتصار الحاسم أم تقاسم النتائج مع الطرف الآخر بقدر معين ومتناسب مع إمكانيات ذلك الطرف؟
3. البُعد الشكلي في إدارة التفاوض من حيث طريقة التعبير اللغوي (رسمية أو غير رسمية؛ مثل التوجه للمفاوض الآخر باسمه المتداول أم بلقبه التشريفي…إلخ)، أو اللباس الذي يرتديه المفاوض (الرسمي جداً أم العادي)، أو طريقة المصافحة والحوار (صارم أم فيه استرخاء…إلخ)، ثم هل يتواصل الحوار بشكله الرسمي أو يتدرج بعد ذلك إلى الشكل غير الرسمي.
4. التواصل بين الأطراف: هل يتم التواصل بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم هل ثقافة الطرف الآخر تولي أهمية “لحركة الجسد” ودلالاتها، ما مدى أهمية الرمزية في السلوك لدى كل طرف تجاه الطرف الآخر؟
5. قيمة الزمن في المنظومة الثقافية: أي درجة العناية بالبُعد الزمني في طرح الموضوعات ودلالات ذلك (يشير بعض الباحثين مثلاً إلى أن الألمان دقيقون جداً في التعامل مع الزمن، بينما الأمريكيون اللاتينيون أقل عناية، بينما يتسم اليابانيون بـ”طول البال”، والأمريكيون متسرعون…إلخ)، بينما يتهم رفائيل باتاي Raphael Patai العرب بأن الزمن في ثقافتهم “غير مُكَمّى quantification of time” كما هو الحال في عدم تباين الفارق الزمني في الفعل الماضي في اللغة العربية.[28]
6. التعبير عن المشاعر والانفعال: أي ثقافة الغضب السريع أو القدرة على لجم وإخفاء المشاعر وكيف توظف اياً منهما إذا كان ذلك سمة من سمات الطرف الآخر.
7. شكل الاتفاق: أي هل تسعى إلى اتفاق محدد (أي يدور حول نقطة واحدة ومحددة بشكل دقيق)، أم اتفاق عام قابل لإبقاء مجال التفاوض مفتوحاً، فالأمريكي مثلاً يميل للتفاصيل الدقيقة بينما يميل الصيني للنصوص العامة.
8. هل يتم التفاوض بداية حول أهداف استراتيجية ثم الذهاب إلى تفاصيلها أم العكس بالبدء من التفاصيل إلى العام؟
9. بنية فريق التفاوض: هل يعمل فريق التفاوض بشكل جماعي وكفريق انطلاقاً من قاعدة التوافق consensus، أي أن القرار لا يُتخذ إلا بعد توافق الفريق التفاوضي، أم أن هناك “قائد” يقود الفريق من حيث السلوك الفعلي وله قدرة على تحديد القرار الأنسب، لا قائداً من حيث الجانب الشكلي والبروتوكولي فقط؟ فمثلاً يرى البعض أن الأمريكي والإيراني يميلون للنمط القيادي، بينما الصينيون واليابانيون يميلون للنمط الجماعي، ومن المؤكد أن مدة التفاوض في النمط الفردي القيادي، غالباً تكون أقصر من النمط الجماعي.
10. درجة القبول “بالمخاطرة “، أي أن بعض الثقافات منفتحة على ما هو جديد من أفكار أو أنماط تفاعل أو إنتاج معين على الرغم من أن ذلك ينطوي على قدر من المخاطر في التفاوض، ويعد الأمريكي من الأنماط التي تتقبل عنصر المخاطرة.
وتشير الدراسة ذاتها إلى استطلاعها لنخبة من 12 دولة (من ميادين مختلفة) حول نسبة قبولها للثنائيات الواردة في الأبعاد العشرة المشار لها في قواعد إدارة التفاوض، وكانت الإجابة للعينة الأمريكية على النحو التالي:
جدول رقم 3: التفضيل بين خيارات إدارة التفاوض في منظومة القيم الأمريكية
البند | الاختيار | النسبة المئوية للقبول |
1 | العقد | 54 |
2 | غير صفرية | 71 |
3 | غير رسمي | 83 |
4 | مباشر | 95 |
5 | حساسية للزمن | 85 |
6 | الاهتمام بالعواطف | 74 |
7 | التحديد | 78 |
8 | من الخاص للعام | 53 |
9 | القادة | 63 |
10 | القبول بالمخاطرة | 78 |
وعند التمعن في الاجابة الواردة في الجدول أعلاه يتبين أنها تجمع بين قيمتين هما القوة والبراجماتية، إذ يكون الإجبار للطرف الآخر حيث تسمح موازين القوى بذلك، وتكون البراجماتية حيث يلتبس القياس لميزان القوى.
الخلاصة:
حاولنا في هذه الدراسة أن نُثبت أولوية مفهوم القوة في المنظومة القيمية الأمريكية، وأن هذا المفهوم يُسهم في صياغة المنظومة المعرفية والقيمية للمجتمع، وعلى المفاوض العربي أو الفلسطيني (سواء كان التفاوض مباشراً أم غير مباشر) أن يدرك أن المفاوض الأمريكي لن يستجيب إلى أي مطلب إلا بمقدار القوة التي تساند ذلك المطلب من ناحية، وإلى غواية الفائدة من هذا المطلب من ناحية ثانية، وهو ما يستوجب مراعاة نتائج هذه الدراسة على النحو التالي:
1. إن استخدام شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من مفاهيم الدعاية السياسية الأمريكية لا تشكل في منظومة القيم الأمريكية وزناً مهماً عند اتخاذ القرار السياسي، بل هي أداة لتمويه وتجميل دوافع استخدام القوة، كما أن توظيف مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان تندرج ضمن البراجماتية لإضفاء شرعية على استخدام العنف.
2. إن طريقة نشوء المجتمع الأمريكي عبر مغامرة المستكشفين وتحدي المحيط الأطلسي بالقوة العضلية للبحارة، ثم السيطرة على المجتمع المحلي بالقوة النارية من ناحية أخرى، ثم جلب أعداد كبيرة من السود الأفارقة بالقوة المسلحة لتوظيفهم في العمل من ناحية ثالثة، شكَّل منهج التفكير وأعلى من مكانة القوة وجعلها في أعلى سُلَّم القيم للمجتمع الأمريكي.
3. انعكست فكرة القوة في السلوك الأمريكي في الأدب الأمريكي والسينما والرياضة بل وأنماط المعمار والتصميم، وتشكل الوجدان الأمريكي حول هذه الفكرة.
4. تحتل الولايات المتحدة وبفارق كبير المرتبة الأولى في عدد التدخلات العسكرية، بأشكالها ومستوياتها المختلفة، بين كل دول العالم، وهو نتيجة في أحد جوانبه لسيطرة فكرة القوة في العقل الأمريكي والتمسك بالمنظور الواقعي بمدرستيه القديمة والجديدة.
5. إن أي تفاوض سياسي مع الولايات المتحدة يغفل أولوية توظيف القوة (الخشنة والناعمة) مهما كان المتوفر من هذه القوة سينتهي إلى الفشل الذريع.
6. إن نسبة استخدام العنف العضوي والعنف البنيوي في السياسة الأمريكية متقاربة.
التوصيات:
1. على المفاوض العربي عند تعامله مع المفاوض الأمريكي أن يدرك مقدماً أن التفاوض انعكاس دقيق لميدان الصراع، فالخاسر في الميدان هو الخاسر على طاولة المفاوضات، وتغيير النتائج على طاولة المفاوضات يحتاج لتغيير في الميدان.
2. على المفاوض العربي أن لا يستهين بأي مقوم من مقومات القوة التي لديه، سواء أكانت مقومات اقتصادية أم أهمية جيواستراتيجية أم بشرية أم سوق أم قوى عسكرية…إلخ، وأن يقيم تفاوضه على أساس فن توظيف مقومات القوة (بالمنح أو المنع)، وليس المحاججة العقلية والنظرية كما لو أن الأمر حوار أكاديمي.
الهوامش:
[1] خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك في الأردن سابقاً، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وهو عضو سابق في مجلس أمناء جامعة الزيتونة في الأردن، وجامعة إربد الأهلية، والمركز الوطني لحقوق الإنسان وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للإعلام. ألَّف 37 كتاباً، يتركز معظمها في الدراسات المستقبلية من الناحيتين النظرية والتطبيقية، ونُشر له نحو 120 بحثاً في المجلات العلمية المحكّمة.
[2] للتمييز بين المصطلحات مثل الاستيطانية والاستعمارية والكولونيالية ومركزية القوة في كل منها انظر التفاصيل في:
Doerthe Rosenow, “The Violence of Settler Imperialism – and Why the Concept of Coloniality Cannot Grasp It,” Millennium: Journal of International Studies, London School of Economics and Political Science (LSE), 20/10/2023.
[3] The American Genocide of the Indians—Historical Facts and Real Evidence, site of Embassy of the People’s Republic of China in the Republic of Mozambique, 2/3/2022, http://mz.china-embassy.gov.cn/por/ssxw/202203/t20220302_10647236.htm
ولكن عند النظر في الأرقام الأمريكية نجد تضارباً كبيراً بين مختلف المراجع في هذا الموضوع، فالبعض يتحدث عن عدد حالي يصل إلى 8.7 مليون، والبعض يشير إلى 3.4 مليون…إلخ. انظر حول هذا التضارب:
Chris Gilligan, Facts and Figures: The Native American Population at a Glance, site of U.S. News, 22/11/2022, https://www.usnews.com/news/health-news/articles/2022-11-22/the-native-american-and-alaska-native-population-at-a-glance; U.S. Decennial Census Measurement of Race and Ethnicity Across the Decades: 1790–2020, site of United States Census Bureau, 3/8/2021, https://www.census.gov/library/visualizations/interactive/decennial-census-measurement-of-race-and-ethnicity-across-the-decades-1790-2020.html; and Fact Sheet: American Indians and Alaska Natives – By the Numbers, site of Administration for Native Americans (ANA), https://www.acf.hhs.gov/ana/fact-sheet/american-indians-and-alaska-natives-numbers
[4] How Did the United States Become a Global Power?, site of Council on Foreign Relations, 14/2/2023, https://education.cfr.org/learn/reading/how-did-united-states-become-global-power
[5] لقد ظهر تعبير الصهر الثقافي Melting Cultural في ثمانينيات القرن الثامن عشر وبعد حرب الاستقلال، وتكرست فكرة تفوق الأبيض بشكل عزز مركزية القوة في تحقيق الأهداف. ولا يتقبل أستاذ علم الجريمة الأمريكي باري لاتزر Barry Latzer أحادية العلة في تفسير العنف في المجتمع الأمريكي، أي أن سبب العنف العامل الاقتصادي، أو الاجتماعي…إلخ، بل يرى أن مجموعة مكونات المجتمع الأمريكية وطريقة بناء المجتمع هي التي تمثل الجذور الحقيقية للعنف ونزعة القوة في الثقافة الأمريكية. انظر:
Barry Latzer, The Roots of Violent Crime in America: From the Gilded Age through the Great Depression (Louisiana State University Press, 2021), pp. ix-xvi and 319-324.
[6] يستعرض باحثان أمريكيان عشرة أشكال من العنف في المجتمع الأمريكي، ويتناول الباحثان هذه الأشكال بتفاصيل موثقة للأنماط التالية: العنف الاقتصادي، والعنف السياسي، والعنف العرقي، والعنف الديني، والعنف البوليسي (عنف الأجهزة الأمنية)، والعنف الفردي (عنف الشارع)، والاغتيالات، والإرهاب، والجريمة السياسية، ثم العنف الذي يبرره صاحبة بدوافع أخلاقية. انظر التفاصيل في:
Richard Hofstadter and Michael Wallace (editors), American Violence: A Documentary History (New York: Alfred A. Knopf, 1970), passim.
[7] بناء على آراء الخبراء ونسبة البيع وتقييمات ملايين القراء، تمّ تحديد أهم مئة رواية في الأدب الأمريكي، وقد أشرت لأهم خمس منها. انظر:
100 Best American Literature Books of All Time, site of Shortform, https://www.shortform.com/best-books/genre/best-american-literature-books-of-all-time
[8] انظر تفاصيل تحليل هذه الأغنية والرقص المرافق لها من بروفيسور الموسيقى غوثري رامسي Guthrie Ramsey، في:
An Expert’s Take on the Symbolism in Childish Gambino’s Viral ‘This Is America’ Video, site of TIME magazine, 7/5/2018, https://time.com/5267890/childish-gambino-this-is-america-meaning
[9] Killing It: Club Culture and the Language of Violence, site of VICE Digital, 4/9/2015, https://www.vice.com/en/article/kb58za/killing-it-club-culture-and-the-language-of-violence
[10] حول نظرية القوة في العلاقات الدولية وأبرز مفكريها الحديثين والمعاصرين في الولايات المتحدة، انظر: جيمس دورتي وروبرت بالتسغراف، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية، ترجمة وليد عبد الحي (الكويت: دار كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع، 1985)، ص 61-89. ويستعرض الكتاب أفكار كل من آرنولد نيبور، وهانز مورغانثو، ونيكولاس سبيكمان Nicholas Spykman، وفردريك شومان Friedrich Schumann، وجورج كينان George Kennan، وآرنولد وولفرز Arnold Wolfers، وهنري كيسنجر Henry Kissinger…إلخ.
[11] Chris Murphy, The Violence Inside US: A brief History of an ongoing American Tragedy (New York: Random House, 2020), pp. 161-231.
[12] انظر التفاصيل في:
United States, site of Crime Data Explorer, Federal Bureau of Investigation, https://cde.ucr.cjis.gov/LATEST/webapp/#/pages/explorer/crime/crime-trend
وانظر أيضاً بيانات الولايات المتحدة في مجال الجريمة في تقارير الأمم المتحدة في:
Site of United Nations Office on Drugs and Crime, https://dataunodc.un.org/content/country-list
[13] حول تفاصيل جذور العنف في المجتمع الأمريكي انظر:
Alain J. Richard, Roots of Violence in the U. S. Culture: A Diagnosis Towards Healing (Nevada: Blue Dolphin Publishing, 2000), chap. 4.
[14] انظر التفاصيل في:
Raymond Barrranco et. al., “Ticket Sales and Violent Content in Popular Movies,” Deviant Behavior Journal, vol. 41, no. 8, 2020, pp. 1010-1014.
وانظر أيضاً: سوالمي الحبيب، “فلسفة القوة عند نيتشه في المخيال السينمائي الأمريكي،” مجلة آفاق سينمائية، جامعة وهران، مجلد 5، العدد 1، 2018، ص 15-18. وانظر:
Amy Bleakley et. al., “Violent Film Characters’ Portrayal of Alcohol, Sex, and Tobacco-Related Behaviors,” Pediatrics Journal, American Academy of Pediatrics, vol. 133, no. 1, January 2014, pp. 71-76; and Elizabeth Monk Turner et. al., “A Content Analysis of Violence in American War Movies,” Analyses of Social Issues and Public Policy Journal, vol. 4, no. 1, 2004, pp. 6-8.
[15] Mustafa Turkmen, “Violence in Animated Feature Films: Implications for Children,” Educational Process International Journal, vol. 5, no. 1, 2016, pp. 27-30.
[16] Countries with the most Olympic medals for boxing as of October 2022, site of Statista, https://www.statista.com/statistics/1339565/country-most-olympic-medals-boxing
[17] Wojciech J. Cynarski and Artur Litwiniuk, “The Violence in Boxing,” Archives of Budo Journal, vol. 2, July 2006, p. 3.
[18] Why the US men will never win the World Cup (and that’s OK), The Guardian newspaper, 21/5/2018, https://www.theguardian.com/football/2018/may/21/why-the-us-men-will-never-win-the-world-cup-and-thats-ok
[19] Johan Galtung, “Violence, Peace and Peace Research,” Journal of Peace Research, vol. 6, no. 3, 1969, pp. 168-170.
[20] Francisco Rodríguez, “The Human Consequences of Economic Sanctions,” site of Center for Economic and Policy Research (CEPR), 2023, p. 27.
وحول آثار الحصار، انظر حالات معينة في:
Michael Galant, “US Sanctions Policy: Frequently Asked Questions,” CEPR, 10/5/2024, https://cepr.net/report/us-sanctions-policy-frequently-asked-questions
انظر حول تكرار سياسات الحصار من الولايات المتحدة:
Gary Clyde Hufbauer, “Sanctions-Happy USA,” Policy Briefs 98-4, site of Peterson Institute for International Economics (PIIE), July 1998, https://www.piie.com/publications/policy-briefs/sanctions-happy-usa
[21] تتباين تعريفات التدخل العسكري بين باحثي العلاقات الدولية من زاوية متى نعد الأمر تدخلاً، ونظراً لتباين الأرقام في عدد التدخلات استناداً لتباين التعريفات، حاولت أن اعتمد أرقام حالات التدخل على أساس وقوع عمل عسكري مباشر ضدّ دولة أخرى وبهدف التأثير على سياسة تلك الدولة. انظر:
Sidita Kushi and Monica Duffy Toft, “Introducing the Military Intervention Project: A New- Dataset on US Military Interventions, 1776–2019,” Journal of Conflict Resolution, vol. 67, no. 4, 2022, pp. 752-779; A Chronology of U.S. Military Interventions From Vietnam to the Balkans, site of Public Broadcasting Service (PBS), https://www.pbs.org/wgbh/pages/frontline/shows/military/etc/cron.html; Heather Stephenson, U.S. Foreign Policy Increasingly Relies on Military Interventions, site of Tufts Now, 16/10/2023, https://now.tufts.edu/2023/10/16/us-foreign-policy-increasingly-relies-military-interventions; US Military and Clandestine Operations in Foreign Countries – 1798-Present, site of Global Policy Forum, December 2005, https://archive.globalpolicy.org/us-westward-expansion/26024-us-interventions.html; and Zoltán Grossman, U.S. Military Interventions Since 1890: From Wounded Knee to Syria, site of The Evergreen State College, https://sites.evergreen.edu/zoltan/wp-content/uploads/sites/358/2019/11/InterventionsList2019.pdf
[22] تباين هذا الرقم لعدد الحروب قليلاً عن الأرقام الواردة في الجدول بسبب الفرق بين الحرب و”التدخل العسكري”، انظر:
Sonja Grimm et. al., The Handbook of Political, Social, and Economic Transformation (Oxford University Press, 2019), pp. 564-72; A brief history of wars launched by U.S. after World War II, site of Xinhua, 2/9/2022, https://english.news.cn/20220902/735703a45cfd458791179d4c0a80e727/c.html; and Zoltán Grossman, U.S. Military Interventions Since 1890: From Wounded Knee to Syria, site of The Evergreen State College, https://sites.evergreen.edu/zoltan/wp-content/uploads/sites/358/2019/11/InterventionsList2019.pdf
[23] “Sanctions after the Cold War,” in Gary Clyde Hufbauer et. al., Economic Sanctions Reconsidered, 3rd edition (Peterson Institute for International Economics, 2009), https://www.piie.com/publications/chapters_preview/4075/05iie4075.pdf
[24] Jennifer Kavanagh et. al., Characteristics of Successful Military Interventions (Santa Monica, CA: Rand Corporation, 2019), pp. 303-308 and xv (15).
[25] يقول البروفيسور غوردن آدمز Gordon Adams “أن التدخل الأمريكي في العراق كان مدفوعاً إلى حدّ ما برغبة السياسيين والعسكريين الأمريكيين لشفاء الأمة من متلازمة فييتنام القائمة على الخوف من استخدام العضلات العسكرية لفرض إرادتها على العالم”. انظر:
Gordon Adams, Has America’s ‘Vietnam syndrome’ ever gone away?, site of Responsible Statecraft, 25/3/2023, https://responsiblestatecraft.org/2023/03/25/the-iraq-war-and-the-never-ending-vietnam-syndrome
[26] Read Martin Luther King Jr.’s ‘I Have a Dream’ speech in its entirety, site of NPR, 16/1/2023, https://www.npr.org/2010/01/18/122701268/i-have-a-dream-speech-in-its-entirety
[27] Jeswald W. Salacuse, “Ten Ways that Culture Affects Negotiating Style: Some Survey Results,” Negotiation Journal, July 1998, pp. 221-225 and 226-238; and Raphael Patai, The Arab Mind (New York: Hatherleigh Press, 2002), pp. 69-77.
[28] المقصود بذلك أنه لا يوجد في العربية مثلاً تمييز بين أبعاد زمنية للفعل الماضي مثل الإنجليزية:
HE killed-He has Killed-he had killed…إلخ. (طبقاً لرفائيل باتاي Raphael Patai)
للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي: >> ورقة علمية: مركزية القوة في إدارة التفاوض السياسي الأمريكي … أ. د. وليد عبد الحي (20 صفحة، 5 MB) |
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 1/7/2024
أضف ردا