مدة القراءة: 4 دقائق

عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت ومركز الدراسات السياسية والدولية في إيران، ندوة عبر نظام مؤتمرات الفيديو، تحت عنوان “الذكرى السنوية لطوفان الأقصى: آفاق النظام الأمني الإقليمي ومستقبل فلسطين”، وذلك يوم الثلاثاء 3/9/2024.

شارك في الندوة كل من الدكتور خليل شير غلامي، مدير عام مركز الدراسات السياسية والدولية، والأستاذ الدكتور محسن محمد صالح مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، والأستاذ حامد بيات، المدير العام السابق لمنطقة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية، والأستاذ عاطف الجولاني، رئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية، والخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، والأستاذ مجتبى فردوسي بور، سفير إيران السابق لدى الأردن، والأستاذ محمد رضا الشيباني، سفير إيران السابق في لبنان، بالإضافة إلى عدد من الخبراء والمختصين.

افتتح الندوة الأستاذ خليل شير غلامي الذي رأى أنّ هناك لاعبين جدداً في ساحة السياسة الدولية، وهناك مؤسسات جديدة ومفاهيم جديدة. وأضاف أن العالم يشهد انهيارَيْن أمام تسارع التطورات الأخيرة في النظام العالمي، هما الانهيار المعياري في النظام الدولي، والانهيار الإنساني. وقال إنّ النظام الصهيوني يحاول اقتلاع العناصر الأساسية الثلاث التي يحتاجها قيام دولة فلسطينية هي: الأرض، والسكان، والسيادة. وأكّد أنّ ما حدث بعد 7/10/2023 أدى إلى إحياء القضية الفلسطينية بعد أن كانت مهملة حتى في العالم الإسلامي.

من ناحيته، قال الأستاذ حامد بيات إنّ النظرة إلى القضية الفلسطينية اختلفت عما كانت عليه قبل 7/10/2023، ورأى أنّ هذه الحرب جعلت العالم ينتقد “إسرائيل” أكثر من أي وقت مضى، كما ارتفعت الأصوات الداعمة لفلسطين. وأضاف بيات أنّ المقاومة أثبتت أنها يمكن أن تكون من العوامل الحاسمة في هذه الظروف الإقليمية. كما تحدّث بيات عن التحديات الداخلية والإقليمية والدولية الكبيرة التي تواجهها “إسرائيل”، وعن السياسة الإقليمية للجمهورية الإيرانية، التي تُعدّ أحد الأطراف الجيوسياسية الفاعلة في المنطقة، والتي لا ترى مصلحة في انجرار المنطقة إلى حرب شاملة. كما تحدث بيات عن الموقف الدولي من التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين.

من جهته، قال الأستاذ عاطف الجولاني إنّ معركة طوفان الأقصى هي المعركة الأطول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ولها تداعيات على الواقع السياسي والأمني في المنطقة، وعلى حالة الاستقرار والنظام الأمني في الإقليم. وعدّد الجولاني تداعيات المعركة على دول الطوق (الأردن، مصر، سورية، لبنان)، فذكر منها: تزايد المخاوف من خطر التهجير القسري والترانسفير إلى مصر والأردن وإعادة طرح مشروع الوطن البديل؛ وتزايد المخاوف على مستقبل السلطة الفلسطينية وتراجع مكانتها وربما انهيارها لصالح المقاومة وخصوصاً ذات التوجه الإسلامي؛ وتزايد المخاوف الإسرائيلية من الجبهة اللبنانية التي باتت تشكل مصدر تهديد أمني للجانب الإسرائيلي؛ وارتياح لدى الجانب الإسرائيلي بأنّ الجبهة السورية لم تنخرط بشكل قوي في المعركة؛ وتوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية، حيث بات الوضع في غزة يشكل تهديداً أمنياً للجانب المصري؛ بالإضافة إلى تزايد في التخوفات لدى الجانب المصري والأردني وبعض الدول الخليجية التي ترى أنّ معركة طوفان الأقصى قد عزّزت دور إيران في المنطقة العربية.

وتحدث الجولاني عن الآفاق المستقبلية، حيث قال إنّ زيادة الهواجس والخوف من تنامي الحضور لإيران في المنطقة سيدفع العديد من الدول العربية للمزيد من الاقتراب من الموقف الأمريكي، وسيؤثر في مسار التطبيع بكافة أبعاده؛ وأنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستعيد النظر في الاستراتيجية التي اعتمدتها قبل طوفان الأقصى في خفض تدخلها في المنطقة العربية؛ وأضاف أنّ الكثير من المؤشرات تُرجّح سيناريو استمرار معركة طوفان الأقصى لفترة طويلة، وقد تتحول إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ويجب على المقاومة ومن يساندها أن يضعوا خطة استراتيجية للتعامل مع هذا الوضع.

ورأى الأستاذ مجتبى فردوسي بور في مداخلته أنّه يجب تأسيس جبهة موحدة ووحدة عمليات مشتركة لمحاصرة الكيان وتوسيع دائرة عمليات المقاومة براً وبحراً وجواً، ويجب أن تتحرك المقاومة في إصلاح الأدوات الديبلوماسية، وأن تتطور في جانب الذكاء الاصطناعي والاستفادة من الأجيال z وalpha وموضوع الفضاء الافتراضي. وأضاف أنّ انفجار الوضع في الداخل الإسرائيلي هو فرصة ثمينة، ويجب بذل جهود جادة لتقييم مسار المؤسسات الدولية بعد حرب غزة.

من جهته، قال الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح، إنّ عملية طوفان الأقصى أثبتت إمكانية هزيمة المشروع الصهيوني، وأسقطت النظرية الأمنية الإسرائيلية التي قام على أساسها الكيان، وأسقطت فكرة الملاذ الآمن لليهود في فلسطين وهي الفكرة التي نشأ على أساسها الكيان، وأسقطت فكرة شرطي المنطقة الذي يخدم الأغراض الاستعمارية الغربية ويمثل العصا الغليظة في المنطقة، وضربت أساس فكرة التطبيع في الدول العربية. وأضاف صالح أنّ الكيان يعاني الآن من مسألة تحدي الوجود، وأنّ الأمن الإقليمي وفق النظرية الإسرائيلية الأمريكية قد ضُربت من جذورها. وأكّد صالح أنّ الأمريكان هم شركاء في الحرب وليسوا وسطاء فيها، وهم يوفرون الغطاء السياسي والإعلامي والدعم المالي والعسكري للكيان، وأنّ خلخلة النظام الأمني الإسرائيلي هو خلخلة للنظام الأمريكي الأمني ونفوذه في المنطقة.

وأكّد صالح على دور محور المقاومة المهم في معركة طوفان الأقصى، وخصوصاً الدور العسكري لحزب الله في لبنان، ولأنصار الله (الحوثيين) في اليمن، والدور السياسي واللوجستي الإيراني وكقوة إقليمية فاعلة في المنطقة. وأضاف أنّ احتمال استمرار الحرب وارد لكن هذا سيكون كارثياً على الكيان، ولن يستطيع تحمل تكاليفه، وهو ما سيخدم المقاومة شرط القدرة على الصمود. وقال إنّ لا مصلحة ولا رغبة إسرائيلية ولا أمريكية في حرب إقليمية، ولكن إن تدحرجت الأمور فالخاسر الأكبر هو الإسرائيلي، وأنّ استمرار الحرب سيزيد من الأزمات الداخلية والحراكات الشعبية في الدول المُطبِّعة والخاضعة أو المتماهية مع النفوذ والهيمنة الأمريكية.

واختُتمت الجلسة بمداخلات وتعليقات مهمة من مجموعة من الخبراء والمتخصصين.



مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 4/9/2024