مدة القراءة: 4 دقائق

عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، حلقة نقاش بعنوان “مسارات الوضع الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية ما بعد طوفان الأقصى”، وبمشاركة نخبة من المتخصصين والباحثين والمهتمين بالشأن السياسي الفلسطيني وقضايا المنطقة، يوم الأربعاء في 29/1/2025، وذلك حضورياً في مقر المركز في منطقة عائشة بكار ببيروت، وترافق ذلك مع مشاركة عدد من المشاركين من خارج لبنان عبر نظام مؤتمرات الفيديو (الزووم).

أدار حلقة النقاش التي أخذت شكل النقاش المفتوح، أ. د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة.

استهلَّ أ. د. عدنان السيد حسين، وزير الدولة اللبناني، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، الجلسة وقال إنّ ما حصل في قطاع غزة هو صمود أسطوري، وبفضله انكشف هزال الغرب، ويجب أن يُستثمر هذا الإنجاز العسكري المقاوم في منجزات سياسية. وأضاف أنّه يجب على العقلاء الفلسطينيين أن يكون لهم دور حاسم في حلّ إشكالية الانقسام الفلسطيني. وأكّد على أنّ القضية الفلسطينية هي ضحية ضعف وعجز الحكومات العربية، وأنّ العالم الإسلامي لا يعبّر بشكل حقيقي عن ثقله الجيوسياسي ولا الحضاري ولا عن تطلعاته المستقبلية. وقال إنّ “إسرائيل” فشلت في مخططاتها، وأنّ أخطر ما أصابها هو الهجرة المعاكسة إلى خارج فلسطين.

وقدَّم أ. أيمن شناعة، الباحث السياسي وعضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان، مداخلة قال فيها إنّ حركة حماس عملت على اليوم التالي وعلى مستقبل قطاع غزة منذ بدايات معركة طوفان الأقصى من خلال محاولات ترتيب البيت الفلسطيني، وكان هناك الكثير من العقبات التي حالت دون ذلك، لكن حماس ما زالت تحاول حتى اللحظة. وأكّد على أنّ حماس لن تترك المجال مفتوحاً لأي جهة أخرى لإدخال طروحات الكيان الصهيوني وأمريكا، وأنّ المعركة وَضَعَت لبنات حقيقية لمشروع التحرير. وأضاف أنّ هناك مؤشرات عدة تدل على أنّ المستقبل للمقاومة من أبرزها منع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه في المعركة.

وقدّم أ. وسام عفيفة، الصحفي والكاتب فلسطيني، مداخلة قال فيها إنّ المخاطر ما زالت قائمة في قطاع غزة، وإنّ اليوم التالي على قطاع غزة يُمثّل مرحلة مفصلية تتشابك فيها الرؤى والمصالح المحلية والدولية. وعلى الرغم من المخططات الإسرائيلية الساعية لإعادة صياغة القطاع، فقد أظهر الشعب الفلسطيني صموداً غير مسبوق، وإنّ إرادة المقاومة استطاعت إفشال مشاريع كانت تستهدف اليوم التالي لتحقيق رؤية إسرائيلية كاملة. وطرح عفيفة ثلاثة سيناريوهات هي مفاوضات دولية تؤدي إلى صيغة إدارة مؤقتة بإشراف أممي مع دور مصري أو أطراف عربية أخرى بإسناد دولي، أو العودة إلى جولات القتال ويحاول من خلالها الاحتلال فرض معادلة جديدة عبر التصعيد العسكري، أما السيناريو الأكثر ترجيحاً برأي عفيفة فهو القدرة الوطنية الفلسطينية على صياغة رؤية وطنية موحَّدة.

وقدّم المداخلة الرابعة د. عبد الحليم فضل الله، مدير عام المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق في بيروت، وقال إنّ محور المقاومة أثبت فعاليته ونجاعته في هذه المعركة غير التقليدية، وإنّ فكرة المساندة تقوم على تكامل الساحات وليس وحدة الساحات، لأنّ وحدة الساحات هي بين قطاع غزة والضفة الغربية وأراضي 1948 والشتات، أما على مستوى المحور فهو مساندة وتكامل وليس وحدة. وأضاف أنّ المقاومة لم تكن لتصبح محوراً لولا أنها ردة فعل على ثلاث قضايا هي الهجوم الأمريكي على المنطقة سنة 2001، والصهيونية الدينية التي تريد شطب القضية الفلسطينية، والانقسامات العربية والداخلية على خلفية الربيع العربي.

وقدّم د. أحمد عطاونة، المدير العام لمركز رؤية للتنمية السياسية، مداخلة قال فيها إنّ الضفة تتعرض لغزو استيطاني غير مسبوق، وأنّه يجب تكثيف النفير في الضفة، وأنّ هناك رغبة كبيرة لدى الفلسطينيين في المقاومة في الضفة، وأنّ السلطة ما زالت تُعوِّل على فكرة التوافق مع الأمريكان والبحث عن مساحة في المستقبل للبقاء والاستمرار. وأضاف عطاونة أننا أمام أربعة سيناريوهات هي أننا أمام “صفقة قرن” جديدة تحمل في روحها الصفقة القديمة مع بعض التعديلات التي لا نعرف طبيعتها، أو الاستمرار في الوضع القائم أي سلطة هشة ولا يُغلق الأفق السياسي بشكل كامل أمام الفلسطينيين إلى حين الحسم في القطاع، او أن تُقدِم الحكومة الإسرائيلية على خطوات جذرية لصالح فكرة الضم، وتطبيق خطة الحسم بتكثيف الإجراءات التي يقوم بها سموتريتش وزيادة عدد المستوطنين إلى مليونين.

وقدّم أ. هيثم أبو الغزلان، الكاتب السياسي والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي، مداخلة قال فيها إنّ كلّ السيناريوهات حتى هذه اللحظة هي متحركة، وإنّ الوحدة الفلسطينية تتحقّق بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة وإشراك حركتَي حماس والجهاد الإسلامي فيها عبر انتخابات أو عبر التوافق. وطرح أبو الغزلان أربعة سيناريوهات هي تشكيل حكومة وفاق وطني، وقال إنّ هذا السيناريو سيواجه رفضاً إسرائيلياً ومن قيادة السلطة، أو عودة السلطة لحكم قطاع غزة، وهذا السيناريو قال إنّه سيواجه رفضاً إسرائيلياً، أو سيطرة أمنية إسرائيلية مع الاحتفاظ بمناطق الاستيطان فيها، وحرية التدخل، ووجود حكم مدني إداري، وهذا السيناريو قال إنّه سيواجه رفضاً فلسطينياً، أو سيناريو لجنة الإسناد المجتمعي، والتي يبدو أنها بحسب أبو الغزلان مخرجٌ أكثر احتمالاً في ظلّ الوضع الحالي.

وقدّم أ. علي أبو ياسين، رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، مداخلة عرض فيها أربعة سيناريوهات هي سيناريو التهجير، وسيناريو التطبيع و”صفقة القرن”، وسيناريو الاستقرار النسبي في قطاع غزة واللا استقرار في الضفة الغربية، وسيناريو احتمال انهيار مراحل المفاوضات والعودة للحرب مجدداً. كما طرح أبو ياسين ثلاث خلاصات هي أنّه مهما كانت التحديات واجب الوقت هو المصالحة الفلسطينية، والحاجة الماسة إلى ما يسمى تحالف الأحرار عبر العالم، وأنّه لا بدّ من جبهة لمواجهة التطبيع القادم.

وقدّم د. رائد حلس، المختص في الشأن الاقتصادي الفلسطيني، مداخلة قال فيها إنّ قضية إعادة إعمار قطاع غزة هي قضية متشابكة ومعقَّدة، وتواجه العديد من التحديات، أبرزها استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، الذي يعيق دخول المواد اللازمة لإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية؛ وتدمير البنية التحتية الذي قد يؤدي إلى أزمة في تراكم الأنقاض؛ وتحدّي التمويل؛ وانعدام الأمن الغذائي؛ والنزوح؛ والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية نتيجة تدمير البنية الاقتصادية، والتي أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. كما أكّد د. حلّس على أنّ المطلوب في المرحلة المقبلة تبنّي استراتيجيات لتحويل هذه التحديات إلى فرص، بهدف التعافي المبكر وإعادة الإعمار. كما أشار إلى أهمية تبنّي رؤية وطنية موحَّدة وحكومة فلسطينية واحدة كفرصة لإعداد خطة شاملة يتم تقديمها للجهات الدولية بهدف حشد التمويل والبدء الفوري في عملية الإعمار.

وكانت هناك مداخلات وتعليقات مهمة من مجموعة أخرى من الخبراء والمتخصصين.



مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29/1/2025