بقلم: د. عمر الجيوسي، أديب وإعلامي فلسطيني.
تقومُ بعض مراكز الدراسات بدوْر الباب الدوّار للمعايير المزدَوجة للمواقف الرسمية والتحليلات السياسية، وتقوم بعضها بالإسهام في رسم السياسات الخارجية لدولتهم، ولخدمة الرواية الصهيونية معاً -كالولايات المتحدة وكالدول الغربية- مثلاً.
وفي المقابل تقوم بعض مراكز الدراساتِ الفلسطينيةِ -ومنها مركزُ الزيتونة للدراسات والاستشارات- بتقديم الدراسات المنهجية الموثوقة لصُنـّاعِ القرار والمهتمين بخدمة القضية والرواية الفلسطينية، وقضايا أمتنا من خلال توفير المعلومة، والرؤى، والاتجاهات المستقبلية، والدراسات والتحليلات الموثوقة.
مركَز الزيتونة يحرص أن يظل على منصة ريادة العمل الأكاديميّ الفلسطيني، ويحرص على المبادرة بصناعة التوجهات والقرارات التي تقود الفعاليات الفكرية في المشهد الفلسطيني، من مؤتمرات، وأوراق عمل، وورشات، وندوات، وكذلك الإصدارات والنشرات المتخصصة، بحضور علمي وإعلامي رصين، ومُواكب للمستجدات.
***
في بيروت، عام 2004 تمّ تأسيس مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات. ليكون مركزاً علمياً، مستقلاً، له نخبة استشارية من المفكرين المرموقين، والمحللين البارزين في الشأن الفلسطيني.
بعد عشرين عاماً من مواسم الحصاد لهذه الزيتونة المباركة، نستعرض ما يقدّمه ويتميز به هذا المركز الفلسطيني.
في مقابلة خاصة التقينا المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الأستاذ الدكتور محسن صالح وسألناه بعض الأسئلة التي نرى أن أسئلتنا مع إجاباته، تشكّل إحاطة مهمة لدور الدراسات ولاستشارات الأكاديميين ولصنّاع القرار في المشهد الفلسطيني.
عن سبب تسمية المركز بـ(مركز الزيتونة) يقول الدكتور محسن:
الزيتونة هي أحد أبرز رموز فلسطين، وهي رمز للتجذر في الأرض وللعراقة في التاريخ نظراً لأنها شجرة معمرة. ونحن أخذنا هذا الاسم بناءً على النص القرآني والميراث التاريخي، فهي أيضاً رمز للعلم، ونور على نور. كما أنها رمز لأحد أكبر الجامعات في تاريخنا الحضاري الإسلامي، وهي جامعة الزيتونة. وهي أيضاً رمز للتوازن والوسطية والموضوعية والهوية، فهي لا شرقية ولا غربية.
وسألنا د. محسن عن تجربة ومكانة مركز الزيتونة بعد عشرين عاماً بين مراكز التفكير المعنية بالشأن الفلسطيني. فقال:
أصبح مركز الزيتونة في طليعة مراكز الدراسات المعنية بالشأن الفلسطيني. ويمثل فلسطين في المنتديات العالمية المعنية بمؤتمرات مراكز التفكير وعلى مدى سنوات يتميز المركز بأنه يتولى إصدار أبرز الكتب المرجعية المتعلقة بالشأن الفلسطيني (التقرير الاستراتيجي الفلسطيني، الوثائق الفلسطينية، وأيضاً مجلدات اليوميات الفلسطينية…). ونستطيع القول: إنه في ريادة مراكز التفكير وما يعرف بـ”الثينك تانك Think Tank، مركز الزيتونة الآن يعد من أكثر المراكز المعنية بالشأن الفلسطيني والدراسات الاستراتيجية وفي طليعة مراكز التفكير المعنية بالشأن الفلسطيني في التقييم العربي والدولي.
وبخصوص خدمة المركز لطلبة الدراسات العليا والجامعات، يقول د. محسن: “عادة لا يمكن أن تكون هناك رسالة ماجستير أو دكتوراه معنية بالشأن الفلسطيني في العشرين سنة الماضية إلا وتستفيد من إصدارات وإنتاجات مركز الزيتونة. وينفرد مركز الزيتونة بين مراكز الدراسات والتفكير المعنية بالشأن الفلسطيني بأنه يصدر الكتب والدراسات ذات الطبيعة المرجعية بالشأن الفلسطيني“.
وسألناه عن تطلعات مركز الزيتونة في المستجدات في المرحلة المقبلة، فقال:
نتطلع في المستقبل أن يكون لنا دور أكبر في التأثير ليس فقط في إطار بيئتنا العربية وإنما في الإطار الأوسع في البيئة الإسلامية وفي البيئة الدولية. أيضاً نتطلع أن يكون لهذا المركز تأثير في صناعة القرار في البيئة الدولية سواء كانت هذه البيئة الرسمية أم الشعبية لزيادة وعي الشعوب تجاه القضية الفلسطينية، وبالتالي تحشيد الرأي العام العالمي لدعم وخدمة قضية فلسطين. نرجو في مركز الزيتونة أن يكون لنا دور مستقبلي أكبر في التأثير في أوساط المثقفين والدراسات الأكاديمية والبحثية، وفي نشر الوعي المتعلق بشأن فلسطين، وأيضاً في الوسط الإعلامي والوسط السياسي بما يخدم هذه القضية بالشكل الأفضل والأمثل.
وعن أداء ودور مركز الزيتونة في التأثير في القرار الفلسطيني، قال: “نحن نتمنى في مركز الزيتونة أن يكون لإنتاج هذا المركز ولدوره ولفعالياته أثر مهم في صناعة القرار الفلسطيني وفي توجيه السياسة الفلسطينية بما يخدم المشروع الوطني الفلسطيني ومشروع تحرير فلسطين“.
في ختام اللقاء تحدث د. محسن عن أمنية مركز الزيتونة، فقال: “ما نتمناه في المستقبل هو أن ينتقل هذا المركز من بيروت إلى القدس، وتجتمع فروع هذه الشجرة المباركة الطيبة في قلب فلسطين بعد تحريرها إن شاء الله“.
****
من خلال زيارة مركز الزيتونة، وكذلك من خلال متابعة الموقع الإلكتروني لمركز الزيتونة يتعرف الزائر على خطوط عمل المركز وخِدْماته، وأهمها:
• الإصدارات:
ويمكن القول إن إصدارات مركز الزيتونة تتقدمُ مراكزَ ومؤسساتِ الدراسات المعنية بالشأن الفلسطيني… حيث أصدر أكثر من مئتين وخمسين كتاباً، وتمت ترجمة بعضها لأكثر من عشر لغات، ويجد أن هذه الإصداراتُ تراعي أعلى المعايير الأكاديمية ومناهج البحثِ العلمي. ومن هذه الإصدارات:
[التقرير الاستراتيجي الفلسطيني السنوي] والذي بات مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، بمن في ذلك الطَلبة وأساتذة الجامعاتِ، والكتّاب والإعلامييون.
ومن الإصدارات الأساسية (المحورية) لمركز الزيتونة: (مجلدات الوثائق الفلسطينية، ومجلدات اليوميات الفلسطينية السنوية، والتقدير الاستراتيجي).
وكذلك السلاسل: سلسلةُ “أوَلستُ إنسانا“، وسلسلةُ تقرير المعلومات، وسلسلةُ مِلف المعلومات، وسلسلةُ أوراق السياسات.
وكذلك: نشرةُ فلسطينَ اليوم، وهي نشرةٌ إخباريةٌ يومية، وهي نِتاجُ متابعاتٍ يوميةٍ لعشراتِ المصادرِ الإخبارية.
• الدوراتُ والتدريب:
يقوم مركز الزيتونة بتدريب الكفاءات والخبرات المتخصصة في المجالاتِ الاستراتيجية والمستقبليةِ، ومن بينها التحليل السياسي، والاستشرافُ المستقبلي.
• المؤتمراتُ وحلقاتُ النقاش:
عقد المركزُ أكثر من ثمانين مؤتمراً وحلـقة نقاش. شارك فيها نخبة من المتخصصين والخبراء والباحثين والمهتمين بالشأن الفلسطيني من شتى أنحاء العالم.
رافق هذه الجهود الاستثنائية طوال عشرين عاماً العشرات من وسائل الإعلامِ المرئي والصحفي والرقمي لتغطية أنشطة وفعاليات وإصدارات مركز الزيتونة وفي أكثر من دولة، وكانت علاقة علمية وإعلامية متبادلة متواصلة، ممتدة عبر الغد.
المصدر: وكالة “قدس برس” للأنباء، 2024/12/27
أضف ردا